إن المقارنة بين مساحات الحياد في الحياة ، و مساحات المشاركة , كالمقارنة بين حجم كوكب الأرض و كوكب المشتري ، فالغالب الأعم أن القضايا المحتاجة لعنصر المشاركة كثيرة و كثيفة ، فالطفل يولد ، و يترعرع في رحاب أسرته إذا كان محظوظاً ، فإذا وصل سن التعليم ، لم تجد الأسرة مساحة للحياد !! فلا بد من إلحاقه بالمدرسة ، و الطفل نفسه مطالب بالانخراط في مواد دراسية لأول مرة يتعرف عليها و لا توجد أمامه مساحة للحياد ، فإذا تدرج في سن الطلب إلى المراحل التعليمية التالية ، فتتاح له مساحة للإختيار بين التخصصات و لا توجد أمامه مساحة للحياد !! و كلما كان إختياره للتخصص متوافقا مع قدراته و ميوله كلما كان إحتمال نجاحه في التخصص الذي وقع عليه إختياره كبيراً ، و بعد إكماله للتخصص يجرب حظه في سوق العمل ، و لا توجد مساحة للحياد ! فإذا وفق في إيجاد عمل مربح ، فالمرحلة التالية هي إيجاد سكن خاص به تمهيداً للإستقلال عن الأسرة و تكوين أسرة جديدة و لا توجد مساحة للحياد في ذلك !! فإذا وفق في ذلك ، فقد دخل مرحلة البحث عن شريكة الحياة المناسبة و لا توجد مساحة للحياد في ذلك !! و بعد كل هذه المساحات العديدة للمشاركة في حياتنا ألا توافقني الرأي في أن مساحة المشاركة في الحياة هي الأكثر مقارنة بالحياد ؟ إن التجربة الديمقراطية أثبتت بأن الشعوب الديمقراطية هي التي تصنع سعادتها أو شقائها بيديها .. نعم . تقول العرب في المثل : يداك أوكتا و فوك نفخ. لمن أشقى نفسه بنفسه ، فالأحزاب تتنافس بمدى جدية و فاعلية برامجها الانتخابية ، فالمواطن بقدر مستوى وعيه ، يقدر : أي حزب هو الأجدر بالرئاسة ، فيعطيه صوته عن قناعة تامة بجدوى برامجه .. فإذا تقاعس بعض المواطنين عن الاستحقاق الانتخابي بحجة الحياد ، فربما يكون سبباً لوصول أحزاب ذات برامج أقل فاعلية من أخواتها ، فتكون النتيجة دخول البلاد في متاهات ، بسبب ضعف برامج هذا الحزب الفائز ، و القبول بالحياد عن المشاركة في الانتخابات عنوان قصور وعي المواطن المحايد بحقوقه و حقوق غيره من المواطنين ، فالمواطن الواعي بحقوقه و حقوق غيره لا يقبل التأخر عن الإستحقاق الإنتخابي تحت أي ظرف من الظروف ، فنربو عن المواطن الأمريكي أن يضع نفسه في خانة " الحياد" ، فذلك خيانة مبطنة للشعب الأمريكي . نتمنى الخير لبلاد العم سام .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة