كمهتمة بدراسة الفرد والمجموعة وكيفية رصد القضايا الاجتماعية الشائكة في مختلف المجتمعات والثقافات والشعوب، وكمهتمة بصورة أكثر تفصيلاً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبما أني أنظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تجمعاً إنسانياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً تعكس الواقع الاجتماعي بأدق تفاصيله، وقد لفت انتباهي منشوراً أثار جدلاً واسعاً يشير بالأرقام والتواريخ إلى أن (التاريخ لا يمكن تحريفه أو تزويره، وهو يفند المزاعم الفلسطينية حول بطلان حق اليهود في هذه البقعة من الأرض "في الإشارة إلى دولة إسرائيل").
ومما أثار انتباهي تعليق أحدهم للتأكيد على أن هذه الأرض من حق الفلسطينيين الذين يصفهم على حد وصفه بالعرب والمسلمين، ثم يستدلّ بسورة الإسراء الآية ١: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وفي تفسير هذه الآية من سورة الإسراء توضيحاً أن الإسراء كانت بروح رسول الإسلام محمد وبجسده معاً من المسجد الحرام بمكة إلى "المسجد الأقصى"، في الآية القرآنية الإشارة إلى المسجد الأقصى الذي فسروه على أنه بإيلياء بيت المقدس، ولكن الشاهد في الأمر أنه تاريخياً يُشار إلى الإسراء والمعراج على أنها حادثة جرت ليلاً سنة 621م ما بين السنة الحادية عشرة إلى السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية، يعدها المسلمون من معجزات النبي محمد، ومن الأحداث البارزة في تاريخ الدعوة الإسلامية. يؤمن المسلمون أن الله أسرى نبيه محمد على البراق مع جبريل ليلاً من المسجد الحرام بمكة، إلى بيت المقدس. والمهم هنا عندنا التواريخ: - هو تاريخ حادثة الإسراء والمعراج في 621م - وفاة نبي الإسلام محمد في 8 يونيو 632 ميلادية، وفقًا للتقويم الميلادي، في المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية - ثم بناء المسجد الأقصى وتشييده في عام 705 ميلادية، تحت حكم الخليفة عبد الملك بن مروان، الخليفة الأموي الخامس. حيث يذكر أن مشروع بناء المسجد الأقصى كان جزءًا من جهد أوسع لإقامة المعالم الإسلامية في القدس، التي كانت بالفعل مكانًا مقدسًا للمسيحيين واليهود. وعندما يُذكر أن القدس كانت مكانًا مقدساً للمسيحيين واليهود في ذات الوقت باعتبار أن المسجد الأقصى تم بناؤه على مكان الهيكل اليهودي، ومن الأسباب السياسية لبناء المسجد بغض النظر عن الصلاة والتجمعات الإسلامية الدينية وقدسية المكان حسب التفسيرات لسورة الإسراء التاريخ يذكر أنه كانت هناك كذلك أغراض سياسية متمثلة في التأكيد على الوجود الإسلامي في القدس وتحديد المدينة كمركز هام في الحضارة الإسلامية. واعتماداً على البحث في التاريخ يُشار إلى أن تدمير معبد سليمان في القدس كان قد حدث من قبل البابليين في عام 586 قبل الميلاد أي قبل حادثة الإسراء والمعراج في عام 621م، وكان أثناء حكم الملك نبوخذ نصر الثاني. حيث كان التدمير جزءًا من حملة عسكرية أوسع ضد مملكة يهوذا، التي كانت آنذاك تقاوم التأثير البابلي.
ثم تنفيذ تدمير المعبد أثناء حصار القدس، عندما اقتحمت القوات البابلية المدينة. تم إحراق المعبد، الذي كان مركز الحياة الدينية اليهودية، و يُشار إلى انها نُهبت كنوزه. شكل هذا الحدث نقطة تحول رئيسية في تاريخ اليهود، حيث أدى إلى نفي العديد من سكان يهوذا إلى بابل. وعندما حاولنا البحث عن الأسباب وراء هذا التدمير اتضح أنها كانت سياسية ودينية. حاولت مملكة يهوذا مقاومة الهيمنة البابلية وكانت تحافظ على تحالفات مع قوى أخرى، مما اعتبره نبوخذ نصر تهديدًا. بالإضافة إلى ذلك، كان البابليون يسعون لتأكيد سلطتهم من خلال تدمير رموز الاستقلال للأمم المغلوبة، مثل معبد سليمان.
و نرجع لموضعنا الرئيسي حول أهمية التواريخ، يبدو أن النصوص الدينية القرآنية قد تكون واضحة ولكن التفسيرات والتأويلات المختلفة وأغراضها تجعل القارئ حائراً في أمره، على سبيل المثال في سورة الإسراء الحديث عن أن الله أسرى بعبده الذي وصف بأنه نبي الإسلام محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمسجد الحرام معروف بمكة ولا خلاف عليه لكن الجدل هو في من جعلوا من المسجد الأقصى المذكور في آية الإسراء هو بيت المقدس ثم جعلوا منه أولى القبلتين وثالث الحرمين، اعتماداً منهم على واقعة الإسراء والمعراج التي حدثت في عام 621 م بينما المسجد الأقصى تم تشييده على أنقاض هيكل سليمان في عام 705م تحت حكم الخليفة عبد الملك بن مروان، الخليفة الأموي الخامس، والرسول ذات نفسه الذي يُشار إلى أنه هو من أسر وعرج توفي في 8 يونيو 632 أي قبل تشييد المسجد الأقصى في عام 705م. إضافة إلى أن الإسراء يستدل عليه بآيات قرآنية إلا أنه قرآنياً ليس هناك دليل من النص القرآني على عملية المعراج التي تم على إثرها فرض الصلوات الخمس. في ذات السياق، التاريخ بعيداً عن النصوص الدينية يشير إلى مملكة يهودا والغزو البابلي وتدمير الهيكل الذي كان له وجود فعلي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة