في السياق السياسي السوداني، كلمة "المتاريس" تشير إلى العقبات والعوائق التي تعرقل مسار الإصلاح والتغيير الثوري، وغالباً ما يستخدم هذا المصطلح لوصف الأنشطة التي تمنع أو تعيق تحقيق أهداف الثورة. خلال السنوات الخمس الماضية، يُمكن القول أن النظام السابق، الذي هيمنت عليه التيارات الإسلامية، وضع عدة "متاريس" أمام قوى الثورة السودانية في محاولة للحفاظ على النفوذ وإبطاء أو إيقاف التغيير. فيما يلي بعض هذه المتاريس التي شُكِّلت كعقبات رئيسية ضد الحراك الثوري والإصلاحات: تأجيج الانقسامات السياسية والعسكرية سعت بعض قيادات النظام الإسلامي السابق إلى استغلال الانقسامات الإثنية والقبلية لتعزيز الانقسامات السياسية وخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد. استفادت بعض الجهات المرتبطة بالنظام السابق من تعزيز الانشقاقات بين فصائل المعارضة، ما أدى إلى تشتيت الجهود الرامية للإصلاح. تعزيز التوترات داخل المؤسسة العسكرية وفي صفوف القوى الأمنية، مما عرقل تشكيل مؤسسة أمنية موحدة ومستقلة. السيطرة على الاقتصاد عبر شبكات المصالح كانت أبرز المتاريس التي استخدمها الإسلاميون هي هيمنتهم على الاقتصاد عبر شبكات المصالح التي تضم مؤسسات وشركات وكيانات اقتصادية ومالية كبيرة. تمتلك هذه الشبكات تأثيرًا كبيرًا على السوق السوداني وقدرة على عرقلة أي إصلاحات اقتصادية من خلال التحكم في بعض القطاعات الحيوية كالتجارة والبنوك. هذا الوضع جعل من الصعب تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المنشودة، وأدى إلى تعطيل محاولات محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة. التأثير على القضاء والهيئات الرقابية تمكن النظام السابق من زرع نفوذ كبير في المؤسسة القضائية والنيابية، مما أعاق جهود المحاسبة وملاحقة المتورطين في قضايا الفساد والانتهاكات. استمرت بعض الجهات المرتبطة بالنظام السابق في استخدام هذا النفوذ للحفاظ على مصالحهم ولتعطيل قضايا الإصلاح القضائي. كما عرقل هذا النفوذ جهود الثوار لتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي حدثت أثناء فترة حكم النظام السابق. الإعلام ونشر الدعاية المضادة استخدم الإسلاميون الإعلام كمتاريس مؤثرة في نشر رسائل مضادة للثورة، حيث تم ترويج فكرة أن التغيير الثوري يهدد استقرار البلاد وأن القوى الثورية غير مؤهلة للحكم. كما استخدمت وسائل الإعلام التابعة أو الموالية للنظام السابق لتشويه صورة الثورة والثوار والتأثير على الرأي العام. خلقت هذه الدعاية مناخًا من الشكوك وعدم الثقة في القيادة الثورية، وأدت إلى تأجيج مشاعر القلق بين مختلف فئات الشعب السوداني. التغلغل في مؤسسات الدولة على مدار سنوات، سعى النظام السابق إلى تمكين كوادره في مختلف مؤسسات الدولة، ما زاد من صعوبة إحداث تغيير جذري بعد الثورة. استمر هؤلاء الموظفون في مواقعهم بعد سقوط النظام وأصبحوا عقبة أمام أي محاولات جادة للإصلاح والتغيير، إذ قاوموا محاولات تطهير المؤسسات وتغيير السياسات الداخلية. عرقل هذا الوضع محاولات إعادة هيكلة الدولة وبناء مؤسسات مدنية ومستقلة. التحالفات الإقليمية والدولية استفاد النظام السابق من بعض التحالفات الإقليمية والدولية التي أيدت بقائه في السلطة، وبالتالي أصبحت بعض الدول تشكل دعمًا له في مواجهة التحولات الثورية، مما أعاق تنفيذ الإصلاحات وتحرير القرار السوداني من النفوذ الخارجي. هذه التحالفات أدت إلى تشابك المصالح مع قوى إقليمية لم تكن داعمة للثورة، واستغلها الإسلاميون كأداة للضغط على الحكومة الانتقالية أو لمنع اتخاذ قرارات مؤثرة. توظيف الدين وإثارة المخاوف الأخلاقية استخدم النظام السابق الخطاب الديني لتشويه صورة الثورة، وذلك بإثارة قضايا تتعلق بالقيم الإسلامية والأخلاقية. تم الترويج لفكرة أن الثورة تدعم قضايا تتعارض مع الإسلام، مما أثار المخاوف لدى بعض الفئات المحافظة. لعب هذا الخطاب على الأبعاد الدينية والثقافية للمجتمع السوداني، مما خلق حواجز نفسية واجتماعية ضد التغيير. هذه المتاريس أدت إلى إبطاء عجلة الإصلاحات التي كان يأمل الثوار تحقيقها، وأسهمت في تعقيد المشهد السياسي السوداني. ورغم التحديات الكبيرة، لا تزال قوى الثورة تعمل على تجاوز هذه العقبات وتحقيق أهداف التغيير المنشود.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة