لقد شكل فكر الكيزان (الإسلاميين السياسيين) نهجاً يعرف بمحاولة فرض السيطرة على المجتمع تحت غطاء الدين وتقديم أجندات سياسية على أنها امتداد للقيم الأخلاقية والدينية لكن الأخطر من هذا الفكر نفسه هو أولئك الذين يقتبسون هذا النهج ويحاولون محاكاته وتطبيقه لتحقيق مصالحهم الشخصية أو السياسية فتجدهم يتحدثون عن القيم والمبادئ وهم يسعون للسلطة والنفوذ ممارسين أسلوباً يجعلهم أكثر خبثاً من أتباع الفكر الأصلي لأنهم غالباً يفعلون ذلك بانتقائية تظهر مصالحهم الخاصة على أنها مصلحة عامة. فمن يتبنون فكر الكيزان دون إيمان حقيقي بمبادئه يتجاوزون مجرد كراهية الأفكار أو الإيمان بها إنهم يقتبسون من الكوزنة (أسلوب الكيزان في الهيمنة) أسوأ ما فيها مثل استغلال الدين كوسيلة ضغط والإساءة لقيم العدالة والمساواة ويمارسون سلوكيات مثل تبرير الظلم وتوزيع الامتيازات على المقربين وترويج الخطاب التفرقي الذي يخدم مصالحهم الضيقة على حساب المصلحة العامة. الكوزنة ليست مجرد فكر بل هي سلوك يظهر في طريقة التعامل مع المجتمع وهي تتسم بالهيمنة واستغلال النفوذ وتقديم المصلحة الشخصية على مصلحة الناس فالكيزان أنفسهم قد يعلنون فكرهم وأهدافهم ولكن من يتبنون سلوكهم دون تصنيف أنفسهم كإسلاميين سياسيين يمارسون هذا السلوك بشكل أكثر خداعاً يسيئون استخدام المبادئ والقيم ليخفوا وراءها مصالحهم وأجنداتهم مما يجعلهم يبدون كمتحدثين عن الحق وهم أبعد ما يكونون عنه. بعض الأشخاص اليوم يتبنون فكر ونهج الكيزان ليس لأنهم يؤمنون فعلاً بمبادئ الإسلام السياسي بل لأنهم يجدون فيه وسيلة للوصول إلى أهدافهم الشخصية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فتراهم يرفعون شعارات تروج للعدالة والشفافية لكنهم يستغلونها للوصول إلى السلطة والتحكم بالمجتمع وقد يظهرون أنفسهم كمدافعين عن الحق لكنهم في الواقع يستخدمون هذه الشعارات للتحكم في الناس والتلاعب بعواطفهم فهؤلاء أخطر من الكيزان أنفسهم لأنهم يستغلون الفكر لتحقيق أهدافهم دون الالتزام بمبادئ واضحة مما يزيد من تزييف الوعي وتشويه الواقع. لا شك أن الكوزنة كسلوك سواء جاءت من الكيزان أو من مقلديهم تشكل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التنمية الحقيقية والعدالة فبدلاً من السعي لتطوير المجتمع والنهوض به يتم توجيه الجهود نحو السيطرة وفرض السلطة بأساليب ملتوية ويتم تجاهل حاجات الناس الأساسية واستغلال موارد الدولة لتحقيق مصالح ضيقة. هؤلاء الأشخاص يبقون المجتمع في دائرة مغلقة من الفساد والانتهازية ويمنعون تقدم الأفكار الحرة التي يمكن أن تحدث تغييراً إيجابياً حقيقياً. الكوزنة في جوهرها تتغذى على الكراهية والتعصب ضد كل من يخالفها ويستخدَم الخطاب الديني أو الاجتماعي لتبرير الإقصاء والتهميش وكأن من لا يسير في نهجهم عدو يجب التخلص منه وهذا الفكر مهما تبناه البعض تحت مسميات متعددة يظل خطراً يهدد بنية المجتمع وتماسكه. إن الخطر الحقيقي يكمن في انتشار هذا الفكر بين أشخاص يتخفون تحت أقنعة الإصلاح والعدالة لكنهم يجرون المجتمع نحو الانقسامات والفتن. المطلوب اليوم هو وعي مجتمعي أكبر وإدراك للفروقات بين القيم الدينية الحقيقية والسلوكيات التي يستخدمها البعض كوسيلة لتحقيق أهدافهم ومن الضروري أن نفرق بين الدين كقيم نبيلة وبين استغلاله لأغراض سياسية أو اقتصادية كما يجب على المجتمع أن يكون واعياً بمن يحاولون تبني نهج الكيزان بشكل مخادع فهؤلاء أخطر من أنصار الفكر الأصلي لأنهم يتقنون اللعب على الحبال ويروجون الوهم على أنه حق. إن من يتبنى فكر ونهج الكيزان دون التزام حقيقي بمبادئه ويحاول استغلال هذا الفكر لأهدافه الخاصة يشكل خطراً حقيقياً على المجتمع وهؤلاء يحتاجون إلى مواجهة وفضح أساليبهم الملتوية وتوعية الناس بأهمية التفريق بين من يسعى لتحقيق العدالة ومن يسعى لتحقيق مصلحته الشخصية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة