أن التغيير في أي مجمتمع منذ الخليقة حتى اليوم ، لا يعتمد على النخب السياسية و قدرتها على الصمود و هزيمة الأخر. و لكنه يعتمد على الأطروحة " الفكرة" التى يراد التأسيس عليها و مدى قناعة صاحبها و قدرتهم على الصمود في مواجهة التحديات، و في نفس الوقت قدرتهم على إقناع الأجيال الجديدة بالفكرة، باعتبار أن أي فكرة سوف تواجه تحديات في المجتمع، لأنها سوف تصطدم بمصالح أخرين، و سوف يسعون بشتى الطريق لاجهاضها.. هذه ليست قاصرة على السودان، و لكن أي تغيير في أي مجتمع يواجه تحديات.. أن التغيير لكي يحدث في السودان و يؤدي إلي استقرار اجتماعي و سياسي و اقتصادي لابد من توفير ثلاث شروط أساسية.. الأولى لابد من انتصار الجيش على الميليشيا حتى لا يكون لها أثر في أي معادلة سياسية أو عسكرية مستقبلا، و أيضا حل كل الحركات المسلحة الأخرى و تتم عملية استيعابهم في المؤسسة العسكرية، و تسريح الذين لا تنطبق عليهم شروط القبول.. القضية الثانية لابد من التخلص من الإرث الثقافي السياسي الماضي الذي كان قبل الحرب، باعتباره إرثا بني على معادلة صفرية، و شروط الإقصاء، و هذا المعادلات تمثل خطرا على أي مجتمع يسعى إلي الأستقرار و التغيير.. القضية الثالثة الوعي بالفكرة التي يراد بموجبها التغيير.. أي فكرة تتطلب الوعي السياسي و معرفة كاملة بطبيعة المجتمع، و أماكن القوة فيه و الضعف، و الميكانزمات الفاعلة التي يكون لها أثرا على النجاح و الفشل. أن تجربة ثورة ديسمبر أثبتت أن القوى السياسية تعاني حالة من الضعف، و القيادات التي قدمتها حديثة الخبرة، و فاقدة للفكرة التي تريد تحقيقها، و تجدها الآن تعتمد على حرب إعلامية بهدف تأليب المجتمع الدولي لكي يتدخل في الشأن الداخلي للبلاد.. القضية الأخرى أن ثورة ديسمبر رفعت شعارين " تسقط بس" و تحقق الشعار بسقوط نظام الإنقاذ، و الثاني " حرية – سلام – عدالة" و سقط الشعار قبل أن تسقط حكومة حمدوك الأولى، حيث لم يتم تحقيق الحرية و لا العدالة و لا السلام، و الذين يعتقدون أن وقف الحرب و العودة إلي شعارات ثورة ديسمبر هؤلاء خارج دائرة التاريخ بأنهم " حالمون" لآن الحرب غيرت المعادلة، و بعد الحرب أيضا سوف تتبين ملامح تغيير المعادلة بصورة واضحة، فالحركة في المجتمع ليست ثابته، تنتظر هؤلاء الحالمون، أي صدمة قوية داخل المجتمع سوف تحدث تغييرات فيه، و يجب على العقل أن يستوعب هذه المتغيرات.. أن طريقة تفكير النخب السياسية السائدة الآن ليس لها أي علاقة بقضية التحول الديمقراطي، أو حوار وطني يفضي إلي توافق وطني، أنما الهدف منها هو كيف الوصول للسلطة بشتى الطرق و هذه الفكرة نفسها سوف تجهض المبادرات التي تقدم من أي طرف.. أن الذين يعتقدون أن تغيير سوف يحدث بذات القيادات التي تسببت في الفشل يكون واهمون.. لابد من تغيير يطال أغلبية القيادات السياسية، و تقدم قيادات جديدة لها طريقة تفكير جديدة، و تمتلك رؤية جديدة تطرح لحوار وطني مفتوح بهدف تجميع أكبر كتلة اجتماعية حوله... نسأل الله حسن البصيرة...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة