بالأمس تحدث نتنياهو عن انتهاجهم لسياسة (تغيير واقع الشرق الأوسط)، والتي أبرز أدواتها إستعمال القوة المفرطة جدا في الإغتيالات السياسية، وتدمير البُني التحتية بما يحيل حياة الناس الي جحيم؛ مستغلين تطورهم التكنولوجي الجبار في السلاح وأجهزة المراقبة والتتبع والتجسس. السودان من الدول التي تريد اسرائيل والغرب تغيير واقعها، لتتحول من دولة مقاومة وممانعة إلي دولة اعتدال، فالسودان صنفته أمريكا كدولة شريرة وداعمة للإرهاب الدولي، ولذلك فرضت عليه حصارا اقتصاديا لأكثر من ربع قرن وهو ما أدي لسقوط نظام الإنقاذ، ثم في النهاية تهاوي الدولة نفسها. قبل بضع سنوات بدأ حديث عن (صفقة القرن) لأنهاء الصراع مع اسرائيل، وربما لذلك تدور الآن عمليات (جراحية) كبيرة لتغيير واقع الشرق الأوسط. إنهم يستغلون حتي الدين لتغيير الواقع لصالحهم، فقد اعترف ولي العهد السعودي لصحيفة الواشنطن بوست بأن الغرب دعمهم في السابق لنشر التشدد الديني من أجل مواجهة النفوذ السوفيتي، وفعلا تم استنفار مئات الآلاف من شباب العرب للقتال بأفغانستان حتي تم إخراج السوفيت؛ وها هي المملكة تتخلص شيئا فشيئا من ذلك المنهج المتشدد الذي يشيع في الناس أن نبي الإسلام ذكر أن رزقه قد جُعل تحت ظل رمحه !! مع أن الإسلام هو في الأصل رسالة سلام؛ فبرغم أن الشريعة قد اكتملت قبيل وفاة النبي، لكنه ذكر أن (الأمر) لن يتم حتي يسير الراكب بين صنعاء وحضرموت لا يخشي إلا الله. في السودان - ونحن في سبتمبر- لا يمكن وصف الحرب الجارية الآن بأنها مجرد تمرد وانشقاق قوات عسكرية، فقد قامت أمريكا بغزو أفغانستان والعراق في غضون عامين لتغيير الواقع هناك، أما في السودان فقد وصلت حدة الحصار لدرجة أن برمجيات صغيرة كانت متاحة لجميع دول العالم تم حظرها من السودان؛ فالحصار في حقيقته إنما كان حصارا علي الشعب من أجل ان يلفظ من يصنعون الواقع المصادم؛ ومع أن البلاد كانت بُعيد الاستقلال مرشحة لتكون دولة متقدمة لا سيما في مجالات الزراعة والصناعة لكنها الآن تعاني المجاعة، وها هي الحرب ترجعها إلي عصور سحيقة، فقد رجعت الأفران لإستخدام الحطب في صناعة الرغيف؛ ورجع الناس يشربون مياه الترعة بدون تنقية. أثناء الحرب كانت أمريكا حاضرة بمبعوثيها وسفرائها في التفاوض؛ وقد خصصت مئات الملايين من الدولارات لمساعدة السودان، وفي نفس الوقت عرضت مكافأة مالية كبيرة لمن يدل علي مكان أحد النافذين في النظام البائد، وهذه نفس سياسة اسرائيل للتخلص من بعض الأسماء الغير مرغوب فيها، رأينا بالأمس كيف يستطيعون الوصول إلي هدف متحصن تحت الأرض علي مسافة خمسين مترا. كذلك في الحرب السودانية تشعر أحيانا أن أسلوب الكر والفر والإنسحاب واعادة السيطرة إنما هدفه اقتناص أشخاص معينين؛ كما أن هناك تعمّد واضح لتدمير البنية التحتية وتعطيل الخدمات وتعذيب الشعب. فالحرب الحالية هي في المقام الأول حرب علي الشعب لأنهم يريدون للشعوب أن تنشغل بنفسها (سهر الجداد ولا نومو). الآن يقول الخبراء العسكريون أن الحسم الصفري مستحيل لأي من الطرفين، فلابد من الحلّ الكلاسيكي المعروف لإنهاء الأزمة الإنسانية، وهو التدخل الدولي؛ الذي يعني البداية الفعلية لتفكك الدولة، ولكن في النهاية ستحقق بالطبع غايتهم المنشودة، وهي تغيير الواقع !!
□■□■□■□■ >>> تذكرة متكررة<<<
نذكّر بالدعاء علي الظالمين في كل الأوقات ..وفي الصلاة وخاصة في القنوت -قبل الركوع الثاني في الصبح علي الذين سفكوا الدماء واستحيوا النساء واخرجوا الناس من ديارهم وساموهم سوء العذاب وعلي كل من أعان علي ذلك بأدني فعل أو قول (اللهم اجعل ثأرنا علي من ظلمنا) فالله .. لا يهمل ادعوا عليهم ما حييتم ولا تيأسوا.. فدعاء المظلوم مستجاب ما في ذلك شك: {قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة