مواصلةً لسلسلة مجهوداتي الشخصية للعمل على نشر الوعي الثقافي والإنساني بأهمية التواصل الاجتماعي لفهم الواقع المجتمعي لمختلف المجتمعات الإنسانية عبر التعمق في فهم الآخر من مختلف الجوانب، إيمانًا مني بأن السلام الاجتماعي المستدام لا يكون إلا عبر الحوار الاجتماعي والسياسي وعبر التسامح كخطوة أولى لتحقيق السلام المنشود.
سبق وتناولت وسائل الإعلام المختلفة نقل الجيش الإسرائيلي خبر مقتل الرهائن الإسرائيليين الستة الذين كانوا محتجزين لدى حماس وهم هيرش غولدبرغ بولين، ٢٣ عامًا، وإيدين يروشالمي، ٢٤ عامًا، وأوري دانينو، ٢٥ عامًا، وألموغ ساروسي، ٢٥ عامًا، وأليكس لوبنوف، ٣٢ عامًا، وكرمل جات، ٤٠ عامًا.
كما أُبلغت عائلات الرهائن عن أنه تم احتجازهم في ظروف غير إنسانية، حيث كان الرهائن يعانون من صعوبة في التنفس ولم تكن هناك مراحيض أو حمامات في النفق، لدرجة أن الرهائن اغتسلوا بالماء من الزجاجات التي شربوها.
ومن المؤكد أن خبر مقتلهم كان بمثابة الفاجعة للإنسانية جمعاء، خاصةً وأنه كان ما زال هناك بصيص أمل في أن يتم التوصل لتفاهم عبر صفقة تفرج عن هذه الأرواح الإنسانية. ولكن مهما تفاعلنا مع هذه القضية الإنسانية، إلا أن الواقع يقول إن "اللي إيده في المية مش زي اللي إيده في النار"، و"ما حكّ جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، وإذا قصدت لحاجة، فأقصد لمعترفٍ بقدرك".
بدأ لي واضحاً خلال متابعتي لمقابلة مع والد أحد الرهائن الستة المقتولين في غزة من قبل حماس، الشاب الصديق أوري دانينو Ori ben Einav البالغ من العمر 25 عاماً الذي كان مختطفاً منذ أحداث السابع من أكتوبر، وخلال هذه المقابلة المؤثرة تكشفت لي قصة معاناة ذوي الأسرى الذين كان بعض منهم يعيش على أمل أن يكون وعد اللقاء قريبًا وما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل ولكن آخرون سلبتهم أنباء قتل أبنائهم أمل الانتظار على أمل العودة المرتقبة وبدأوا مشاوير مواجهة الواقع الأليم المتمثل في فقد ذويهم وكيفية تقبل هذا الواقع المرير والتعايش معه، والد الشاب الراحل أوري دانينو كان حضورًا في دورة روحانية مكرسة لرفع روح ابنه Ori ben Einav Danino، وخلالها حكى كيف تقبل الخبر الصادم المتمثل في قتل ابنه، كما حكى عن حلم الانتظار في أمل العودة إلى حين فقدان الأمل تمامًا وعيش الواقع المرير الذي تغلب عليه بقوة الإيمان، كما تحدث عن شخصية الراحل الشاب Ori ben Einav Danino وعن مراحل حياته وشخصيته تلك الأبعاد التي تكشف لنا عن أن هؤلاء الأسرى ليسوا مجرد صور تحتها أسماء وليسوا مجرد دبابيس تثبت في الملابس لأبدأ التعاطف مع قضيتهم بل هم "قصة إنسان" بكل ما تحمل الكلمة من معاني، إن الاستماع إلى مثل هذه القصص الإنسانية الواقعية هو أفضل وسيلة لفهم الواقع الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، قصة حكاية كل أسير ورهينة تكشف لنا عن أن لديهم قضية واحدة مشتركة يختلف أو يتفق عليها البعض إلا أنها واقعية وفي سبيلها دفعت أجيال يهودية سابقة الأرواح الغالية النفيسة وما زالت أجيال اليوم في ريعان شبابها مستعدة لدفع الثمن مهما غلى، الاقتراب من الآخرين لمحاولة فهمهم إذا صدقت النوايا الحسنة اقتربت المسافات وسهل الفهم، و حينها من يفهم يمكنه ان يحاور و يعترف بحق الاخر في البقاء و العيش، " أنهم أمم امثالكم ".
نرجو ان تكون حادثة قتل الرهائن الستة الاخيرة و ان لا تتكرر و ان تفتح الباب لمحاورة صادقة لأطلاق سراح ما تبقي منّ أسرى ، و كما سبق و قولناها نكررها ، من المفهوم ان الطرف الآخر لديه مطالب و لكن لا يمكن اتباع منهج " الغاية تبرر الوسيلة "، لان عملية احتجاز الرهائن عمل غير اخلاقي و يعتبر جريمة، كما انه يتنافى و الأعراف و التعاليم الإسلامية، و يعتبر انتهاكا صارخًا للاعراف القانونية و الحقوقية استنادًا على الاتفاقيات و المعاهدات الدولية.
و من المحظورات فى القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بأمر الرهائن اى الأشخاص الذين يتم احتجازهم عمداً من قبل أحد أطراف النزاع للحصول على ميزة أو ممارسة الضغط على طرف آخر. وتعتبر هذه الممارسة جريمة حرب. و المعلوم أن اى ممارسة قاسية مع الرهائن او انتهاك للقوانين الأساسية للقانون الدولي بحق المدنيين يعرض مرتكبي هذه الأفعال إلى المثول أمام العدالة ومحاسبتهم على أفعالهم.
وختاما ، كنا و ما زلنا نضم صوتنا للجنة الرهائن الاسرائيلية التى كانت و ما زالت تعلق آمالًا كبيرة على الدور الذى يمكن ان تلعبه المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية لضمان تطبيق هذه القواعد وحماية الرهائن في مناطق النزاع. و ضمان سلامتهم وإطلاق سراحهم و حمايتهم والحفاظ على كرامتهم الإنسانية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبير سويكت
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست