|
Re: حكاية الهامش والتهميش# (Re: زهير ابو الزهراء)
|
تحياتي للجميع واشكركم علي كم هذه الردود التي وصلتني في البريد الالكتروني
ردًا على هذا التداخلات والرسائل التي جاءتني ، هناك العديد من النقاط التي تستحق التأمل والرد عليها فيما يتعلق بقضية الهامش والتهميش في السودان، خصوصًا إذا ما تطرقنا لتاريخ الدولة السودانية وتحديات ما بعد الاستعمار.
1. التهميش قبل وبعد الاستعمار تذكر أن السودان في شكله الحديث لم يكن موجودًا قبل الاستعمار، وهذا صحيح إلى حد ما. فالسودان الحالي هو نتيجة تشكيل استعماري بدأ مع الاحتلال البريطاني المصري في نهاية القرن التاسع عشر، واكتمل بضم دارفور في 1916. ومع ذلك، فإن مفهوم "التهميش" ليس مقتصرًا على فترة ما بعد الاستعمار؛ إذ أن تهميش بعض الأقاليم أو المجموعات يمكن أن يكون نتيجة لأنماط سابقة من الحكم أو العلاقات بين الممالك أو الجماعات العرقية في المنطقة.
بعد الاستعمار، تركز التهميش في سياق سياسي واقتصادي واجتماعي جديد ناتج عن الحدود المصطنعة التي فرضها الاستعمار. القوى الاستعمارية جمعت شعوبًا ومناطق ذات خلفيات عرقية وثقافية ودينية مختلفة تحت مظلة دولة واحدة دون العمل على توحيدهم أو تطوير آليات تضمن توزيعًا عادلًا للسلطة والثروة.
2. غياب قيادة وطنية موحدة النقطة الثانية التي ذكرتها تتعلق بعدم وجود قيادة سودانية مقتنعة بفكرة السودان الواحد الموحد، وهذه نقطة أساسية في فهم التحديات التي واجهها السودان بعد الاستقلال. بعد الاستقلال في عام 1956، واجهت السودان مشكلات كبرى تتعلق بالهوية الوطنية وتوزيع السلطة والثروة بين المركز والأطراف. النخب السياسية التي حكمت السودان لم تنجح في بناء مشروع وطني شامل يُعزز الوحدة الوطنية ويُعالج قضايا التنمية والمشاركة العادلة في السلطة.
3. تجارب الانحياز الإيجابي تشبيهك بتجربة الهند في عهد نهرو في منح فرص إضافية للمجموعات المهمشة مثل "المنبوذين" هو مثال جيد. لكن، وللأسف، السودان لم يتبع سياسة الانحياز الإيجابي بشكل فعال تجاه الأقاليم والمجموعات المهمشة. بل على العكس، عانى السودان من السياسات المركزية التي استمرت في تهميش الأطراف مثل دارفور والجنوب، مما أدى إلى تصاعد النزاعات والحروب الأهلية.
4. مشكلة الهوية النقاش حول الهوية في السودان هو أحد أكثر القضايا تعقيدًا في السياسة السودانية. ما ذكرته عن تعريف السودان كبلد "عربي وإسلامي" يعكس مشكلة أساسية في بناء الهوية الوطنية. هذا التعريف يستبعد بشكل ضمني (وأحيانًا صريح) المجموعات غير العربية وغير المسلمة، مما يفاقم الشعور بالتهميش لدى تلك المجموعات. السياسة الثقافية والتعليمية في السودان تاريخيًا كانت موجهة نحو تعزيز الهوية العربية الإسلامية، مما أثر سلبًا على التنوع الثقافي واللغوي والديني في البلاد.
مثالك حول دراسة "تأبط شرا" أو خمريات "أبو نواس" بالنسبة للطلاب غير العرب وغير المسلمين، يعكس القصور في النظام التعليمي الذي يفرض معايير ثقافية محددة قد لا تكون ذات صلة أو فائدة لجميع الطلاب السودانيين. هذا يوضح الحاجة إلى إصلاح شامل في المناهج التعليمية لضمان أنها تعكس التنوع الثقافي والديني في السودان.
5. الطريق إلى المستقبل , للتغلب على هذه التحديات، السودان بحاجة إلى إعادة بناء مفهوم الدولة الوطنية على أساس المساواة في الفرص واحترام التنوع الثقافي والعرقي والديني. الحلول تشمل:
تبني سياسات الانحياز الإيجابي مثلما فعلت الهند مع الأقليات والمهمشين. إصلاح النظام التعليمي ليكون شاملاً ويعكس التنوع السوداني. إعادة صياغة الهوية الوطنية لتكون شاملة ومتعددة الثقافات، تعترف بجميع مكونات الشعب السوداني دون إقصاء. بدون هذه الإصلاحات، سيبقى السودان مهددًا بالصراعات الداخلية، وسيظل مفهوم التهميش يشكل تهديدًا كبيرًا لاستقراره.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية الهامش والتهميش# (Re: زهير ابو الزهراء)
|
ردًا على هذه النقطة المتعلقة بالتهميش الثقافي والاستلاب بالقوة القانونية، فإن ما أشار إليه الكاتب يستحق التأمل والنقاش الجاد، لأنه يعكس جانبًا آخر مهمًا من التهميش الذي قد يغفل عنه الكثيرون. التهميش الثقافي لا يقل خطورة عن التهميش السياسي والاقتصادي، لأنه يمس هوية المجتمعات وجذورها.
1. التهميش الثقافي والقانون: القوانين التي تفرض اللغة العربية شرطًا أساسيًا للقبول في الجامعات تعكس نوعًا من الهيمنة الثقافية التي لا تأخذ في الاعتبار التنوع اللغوي والثقافي للسودانيين. كثير من سكان السودان، خصوصًا في الأطراف، يتحدثون لغات محلية مثل النوبية وغيرها، وفرض اللغة العربية كمعيار أساسي في النظام التعليمي يضع هؤلاء الطلاب في وضع غير متكافئ. هذا القانون قد يعزز الفجوة بين المركز والأطراف ويعمق الشعور بالتهميش.
2. اللغة العربية والتعليم: فيما يتعلق بالنظام التعليمي، اللغة العربية تعد أداة للتواصل الوطني، ولكن يجب أن تُعامل باعتبارها لغة مشتركة وليست أداة لفرض الثقافة أو الاستلاب. عندما يُطلب من طلاب في التخصصات العلمية مثل الطب والهندسة دراسة الأدب العربي وحفظ قصائد قد لا تكون ذات علاقة بتخصصهم، فإن هذا يعكس فشلاً في فهم احتياجاتهم الأكاديمية. من حق الطلاب التركيز على العلوم التي تخدم مجالاتهم، ويجب أن يُعاد النظر في محتوى المناهج لتكون أكثر مرونة وتناسب التخصصات.
3. الهوية الثقافية واللغوية: السودان بلد متنوع ثقافيًا ولغويًا، ومحاولة فرض هوية موحدة لا تأخذ في الاعتبار هذا التنوع قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات. يجب أن يُنظر إلى اللغات المحلية مثل النوبية وغيرها على أنها جزء من التراث الثقافي الذي يجب حمايته وتعزيزه. من الممكن أن يؤدي تهميش هذه اللغات إلى فقدان الهوية الثقافية للمجتمعات التي تتحدث بها، مما يعمق الإحساس بالغربة في وطنهم.
4. الحلول: بدلاً من فرض قوانين تعزز الهيمنة الثقافية، يمكن للدولة السودانية أن تتبنى سياسات تعددية تأخذ في الاعتبار تنوع السكان. يجب أن تكون هناك خيارات لغوية في النظام التعليمي، مع التركيز على تعزيز اللغة العربية كأداة تواصل، دون إجبار الطلاب على التفوق فيها إذا كانت لغتهم الأم هي النوبية أو أي لغة محلية أخرى. أيضًا، يمكن تعزيز المناهج لتشمل لغات وثقافات السودان المختلفة لتعزيز التفاهم والتنوع.
التهميش الثقافي واللغوي هو قضية معقدة تتطلب إصلاحات تعليمية وسياسية لتعزيز العدالة والمساواة بين جميع مكونات المجتمع السوداني. يجب على الحكومة أن تعترف بتنوع البلاد الثقافي واللغوي وتعمل على دعم هذا التنوع بدلاً من تهميشه.
| |
 
|
|
|
|
|
|
|