تُعَدُّ الحرب الدائرة في السودان من أبرز الصراعات التي تشهدها القارة الأفريقية، وقد باتت تمثل تهديداً خطيراً على استقرار المنطقة بأسرها، وعلى الرغم من الجهود الدولية المتكررة لوقف إطلاق النار، إلا أن تلك الجهود اصطدمت بالواقع المعقد على الأرض وبأطماع الأطراف المتحاربة، فشل مبادرة جنيف، التي كانت تحمل في طياتها أملاً ضئيلاً في إنهاء الأزمة، يكشف عن عمق الانقسام السوداني وحجم التحديات التي تواجه أي حل سلمي، وتعدُّ مقاطعة الجيش السوداني لمفاوضات جنيف نقطة تحول حاسمة في مسار الأزمة، فبدلاً من الانخراط في حوار جاد، فضل الجيش اللجوء إلى لغة القوة وتغيير المعادلة العسكرية على الأرض، وتأتي هذه المقاطعة نتيجة لعدة عوامل، منها: الأطماع السياسية والعسكرية: يسعى كل من الجيش والدعم السريع إلى تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية على حساب الطرف الآخر، مما يجعل أي تسوية سلمية أمراً صعباً، والدعم الخارجي: يتلقى كلا الطرفين دعماً عسكرياً وسياسياً من قوى إقليمية ودولية، مما يعزز من صمودهما ويجعل من الصعب إجبارهما على التفاوض بجدية، وغياب الثقة المتبادلة: حيث تسيطر أجواء من عدم الثقة والشكوك المتبادلة بين الطرفين، مما يجعل من الصعب بناء أي نوع من الثقة اللازمة لإنجاح أي عملية تفاوضية، إن فشل مبادرة جنيف ينذر بعواقب وخيمة على السودان وشعبه، ومن أبرز هذه العواقب: تدهور الوضع الإنساني: سيؤدي استمرار الحرب إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، وزيادة عدد النازحين واللاجئين، وانتشار الأمراض والأوبئة، وتقسيم البلاد: قد يؤدي استمرار الصراع إلى تقسيم السودان إلى دويلات صغيرة متناحرة، مما يزيد من حدة الصراع ويصعب عملية إعادة لم شمل البلاد، والتدخلات الخارجية: قد تستغل القوى الإقليمية والدولية الفوضى في السودان للتدخل في شؤونه الداخلية، مما يزيد من تعقيد الأزمة، وتطويل أمد الحرب: قد تتحول الحرب في السودان إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، مما يزيد من معاناة الشعب السوداني ويؤخر عملية التنمية والبناء، ونحذر إن فشل مبادرة جنيف يمثل نكسة كبيرة لجهود السلام في السودان، ويؤكد الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار وإطلاق حوار شامل بين الأطراف السودانية، ويجب على المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطاً أكبر على الأطراف المتحاربة لحثها على التفاوض بجدية، وأن يقدم الدعم اللازم للشعب السوداني للتغلب على هذه الأزمة لذلك نناشد جميع الأطراف السودانية بوضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل اعتبار، والعمل معاً من أجل تحقيق السلام والاستقرار، كما نناشد المجتمع الدولي بتقديم الدعم اللازم للشعب السوداني، والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السودانية.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- في خضمّ الأزمة السودانية المتصاعدة، والتي باتت تشكل تهديداً حقيقياً على أمن واستقرار المنطقة، برزت مصر كوسيطٍ أساسيٍ يسعى جاهداً لإيجاد حلٍ سلميٍ للنزاع الدائر، وقد تجسد ذلك في اللقاء الذي جمع بين الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، والوزير عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، جاء هذا اللقاء في توقيتٍ بالغ الدقة، حيث تشهد الساحة السودانية تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وتشهد الأوضاع الإنسانية تدهوراً مريعاً، وقد أكد الطرفان على عمق العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، وعلى أهمية التعاون المشترك في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، ولم يخفِ الطرفان حرصهما على إنهاء الحرب الدائرة في السودان، والتي أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين، ودمرت البنية التحتية للبلاد، وقد أكد رئيس المخابرات المصرية على دعم بلاده الكامل للسودان، وتطلعه إلى طي صفحة الحرب سريعاً، وبدء مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية، وإن رفض الجيش السوداني المشاركة في مفاوضات جنيف، وتفضيله إجراء مشاورات في القاهرة، يعكس حالة من عدم الثقة بين الأطراف المتحاربة، ويدل على تعقيد الأزمة السودانية، فمن جهة، يسعى الجيش السوداني إلى تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ومن جهة أخرى، تحاول مصر لعب دور الوسيط النزيه، وتقديم مبادرات لحل الأزمة، يواجه أي حل للأزمة السودانية العديد من التحديات، من أبرزها: تعقيد الأزمة: حيث تتسم الأزمة السودانية بارتفاع درجة التعقيد، حيث تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، والتدخلات الخارجية: تلعب القوى الإقليمية والدولية دوراً مؤثراً في الأزمة السودانية، مما يزيد من تعقيدها، وغياب الثقة: تسيطر أجواء من عدم الثقة والشكوك المتبادلة بين الأطراف السودانية، مما يجعل من الصعب بناء أي نوع من الثقة اللازمة لإنجاح أي عملية تفاوضية، وألخص إن الأزمة السودانية تستدعي تضافر الجهود الدولية والإقليمية من أجل إيجاد حل سلمي ودائم، وعلى مصر، بصفتها دولة محورية في المنطقة، أن تواصل جهودها الحميدة للوساطة بين الأطراف السودانية، وأن تساهم في بناء جسور الثقة بينهم، كما يجب على المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطاً أكبر على الأطراف المتحاربة لحثها على التفاوض بجدية، وأن يقدم الدعم اللازم للشعب السوداني للتغلب على هذه الأزمة.. The international community must exert greater pressure on the warring parties to negotiate seriously, and provide the necessary support to the Sudanese people to overcome this crisis. وعلى قول جدتي:- "دقي يا مزيكا !!". خروج:- بين مطرقة الحاجة وسندان القيود "حكاية شوقي نموذج" ففي خضم عاصفة الحرب التي اجتاحت السودان، هرب شوقي وأسرته الصغيرة، باحثا عن مأوى آمن في ضفاف النيل الشقيق، مصر، التي لطالما كانت ملاذاً للأفارقة والعرب، فتحت ذراعيها لاستقبالهم، ولكن سرعان ما تحولت أحلامهم إلى كابوس يعيشون فيه بين مطرقة الحاجة وسندان القيود، كان شوقي، ذلك الشاب الطموح الذي حلم ببناء مستقبل أفضل لأسرته، يجد نفسه محاصراً في دوامة من الإجراءات البيروقراطية المعقدة، ففي كل زيارة للقنصلية المصرية، يواجه جدراناً من الرفض والبيروقراطية، وكأن الحصول على تأشيرة هو امتياز وليس حقاً إنسانياً، لقد ارتفعت تكلفة التأشيرة في السوق السوداء إلى مبلغ فلكي، يفوق قدرة شوقي وأمثاله، مما حبسهم في حالة من الشلل واليأس، ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فقد وجد شوقي نفسه مضطراً إلى مراقبة كل كلمة يقولها وكل حركة يقوم بها، خوفاً من أن يتم تفسيره بشكل خاطئ ويتهم بالتحريض أو التآمر، ففي عالم الإنترنت، الذي كان يعتبره نافذة على العالم الخارجي، وجد نفسه محاصراً بحشد من الانتقادات والاتهامات، فكلما حاول أن يعبر عن معاناته أو يطالب بحقوقه، كان يواجه حملة شرسة تتهمه بأنه "غير مؤدب" أو "غير مرحب به"، وفي أحد الأيام، قرر شوقي أن يعلق خريطة للسودان في متجره الصغير، تذكراً لوطنه وأرض أجداده، ولكن سرعان ما جاءت السلطات المصرية وصادرته الخريطة واحتجزته، بحجة أنها تتضمن منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها، لقد شعر شوقي بالإهانة والظلم، وكأنه يُحرم من حقه في التعبير عن هويته الوطنية، في هذه الأثناء، كانت زوجة شوقي تحاول جاهدة أن توفر لقمة العيش لأطفالها، ولكن فرص العمل كانت شحيحة، والأجور متدنية، وكانت تخشى على مستقبل أطفالها، الذين نشأوا في ظل الحرب واللجوء، وحرموا من أبسط حقوقهم في التعليم والصحة، لقد تحولت حياة شوقي وأسرته إلى جحيم، فبعد أن فروا من ويلات الحرب، وجدوا أنفسهم يواجهون ويلات جديدة في أرض اللجوء، لقد كان شوقي يتساءل: هل هذا هو الوجه الحقيقي للضيافة العربية؟ هل هذا هو جزاء من لجأ إليهم طلباً للأمان؟ لقد كانت قصة شوقي قصة مأساوية، ولكنها كانت أيضاً قصة أمل، فبالرغم من كل الصعاب التي واجهها، ظل شوقي متمسكاً بإيمانه بأن المستقبل سيكون أفضل، وكان يأمل أن يجد يوماً ما ملاذاً آمناً له ولأسرته، حيث يمكنهم أن يعيشوا بكرامة وحرية.. #أوقفوا_الحرب ولن أزيد ،، والسلام ختام. [email protected] - Drosmanelwajeeh
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة