والدعم السريع الذي نادي بمكبرات الصوت على منتسبيه قبل عدة أيام في الحصاحيصا ، والكاملين ، وطلب منهم مغادرة منازل المواطنين ، لم يفعل ذلك عشوائيا ، ولم يفعله لأنه تنازل ، وتخلّى عن تلك البيوت لأصحابها ، ولا لان قادته قد عادوا الى رشدهم ، ففي ذات الوقت الذي كانت فيه أصوات مكبرات الصوت ترتفع في شوارع الحصاحيصا ، منادية بذلك الخروج ، كانت قوات الدعم السريع تقصف بيوت المواطنين في الفتيحاب مربع واحد بالدانات ، وتقتل الاطفال الأبرياء ، وكانت قوات أُخرى تدخل خمسة عشرة قرية جنوب القطينة ، وتسرق ، وتنهب ، وتشرد أهلها ، ثم قامت بعد ذلك باقتحام قرية المليح ، وقرية الهشابة ، وأصابت عدداً من المواطنين بأعيرة نارية ، واقامت عدد أربعة عشر إرتكازاً جديداً ، من قرية نعيمة ، الى قهاوي التيتل .. فلماذا فعلت قوات الدعم السريع ذلك ؟ لماذا خاطبت عساكرها بمكبرات الصوت الخاصة بالمساجد ، وأعلمت الجميع بخروجها ، ولم تفعل ذلك سراً كحال أي قوة مسلحة في العالم ، تنوي مغادرة مكان ما ؟ لقد كانت تلك بداية الاعداد للمشهد الذي أبدينا مخاوفنا حوله ، فيبدو ان الامر قد جاءهم على عجل ، فوفد السودان الذي ذهب الى جدة ليبحث مع الأمريكان ما قال أنه الوصول الى تأكيدات ، بالبناء على ما كان في منبر جدة ، وليس تطمينات ، حتى يقرر بعدها الذهاب الى التفاوض من عدمه ، ربما كان يعلم ، وربما لم يكن يعلم ، أن أكثر ما يطلبه ، لن تتم الموافقة عليه ، لان أمريكا لم تقترح تلك المفاوضات ، ولم تسعى اليها ، الا لإنقاذ الدعم السريع ، وحاضنته السياسية ، وليس لأنهاء الحرب ، ولا من أجل ايصال المساعدات للمواطن السوداني كما تدعي ، والا فلماذا لا توافق أمريكا على طلب الحكومة السودانية بعدم مشاركة الامارات ، والايجاد في المفاوضات كمراقبين ، ولماذا اصلا جعلتهم طرفا ؟ إنه طلب الشعب السوداني كله ، وهو طلب منطقي ، ومفهوم ، فالإمارات على الأقل ، متهمة بالمشاركة في تلك الحرب ، وحكومة السودان قد رفعت دعوة في مجلس الامن بشأن تلك المشاركة ، والايجاد تحيزت في وقت سابق ، تحيزاً كاملاً للدعم السريع ، وناصبت السودان وشعبه ، وجيشه ، وحكومته العداء. والسؤال هو لماذا تحشر الامارات أنفها في شأن السودان وهي غير مرغوب فيها بل وهي متهمة من حكومته؟ ولماذا تصر على المشاركة في مفاوضات لا يريد الشعب السوداني مشاركتها فيها ؟ والاجابة على تلك الاسئلة ، توضح التنسيق التّام بين أمريكا ، والامارات ، واسرائيل ، والدعم ، والايجاد ، وكل ساع لهدف في أرض السودان ، وشعبه ، وهويته ، وثقافته ، ودينه ، ولذلك قلنا أن أمريكا ليست وسيطا موثوقا به ، وانه إن كان ثمة مفاوضات لا بد أن تجرى ، فلتكن داخل السودان ، ولتكن بين أبنائه فقط ، دون مشاركة أي دولة كانت ، وإن كان ثمة استثناءا للمشاركة فيجب أن يكون للمملكة العربية السعودية وحدها ، ففيها نثق ولنواياها نطمئن . فأمريكا التي قال وزير خارجيتها بلنكن أن قوات الدعم السريع لا مستقبل سياسي لها في السودان ، ويجب أن لا يكون لها دور في المستقبل ، الكل يعرف ان وزيرها لم يقل ذلك ، الا لجر رجل الجيش السوداني للتّفاوض ، وها هي أول جلسة للمشاورات تكشف ذلك ، وتثبته ، فأمريكا هي إحدى الاطراف التي تخطط للدّعم السّريع ، وتدعمه ، وهي التي تسعى بكل ما لديها لهزيمة الجيش ، الذي تحاول هزيمته منذ زمن بعيد ، والذي فشل مندوبوها في هزيمته عبر البندقية ، فانتقلت للخطة الاحتياطية لتهزمه عبر طاولة التفاوض ، فالذي نظنه - بخلاف ما يظنه الآخرون - هو أن الخطة التي جرى إعدادها ، هي أن يأتي الدعم السريع للسلطة عن طريق قحط ، وليس العكس ، فما كانت ستصر عليه أمريكا ، هو أن تسوق الجيش ، نحو عملية سياسية ، تحشر فيها عملائها من تجمع المهنيين ، وقحط ، وتقزم ، وكل تلك المسميات التي تذخر بالاتباع ، ومن هناك ، من تلك البوابة الخلفية ، يتم إدخال الدعم السريع ، في ثياب مموهة ، وبوجوه مقنعة ، بعدما يكون قد تم دمج الكثير من عناصره في الجيش الرسمي ، من خلال ما سيتم الاتفاق عليه في جولات التفاوض ، فتكون له قوة سياسية ، وقوة عسكرية . إن الحكومة الأميركية الحالية ، تتجه غير مأسوفا عليها نحو بوابة الخروج ، فلم يتبقى لها في السلطة الكثير ، وموقف الجيش والشعب في السودان يزداد كل يوم تقدما ، وتماسكاً ، وموقف الدعم يزداد ضعفا ، وانهزاما ، وما حرص الحكومة الامريكية ، وعملاؤها الان على التفاوض ، والدعوة اليه ، وما كذبة إيصال المساعدات الإنسانية للسودانيين ، وما حرص قادة التمرد الا دليلاً على ذلك ، فطوال عام ونصف ، عندما كان الدعم في أوج قوته ، يهاجم ، ويقتل الابرياء ، وينتهك أعراض الحرائر ، ويحرق مؤسسات الدولة السودانية ، وتاريخها ، ومتاحفها ، وقصور حكمها ، ايام كان الامل موجودا في انتصاره ، لم تسعى أمريكا القادرة على إيقاف الحرب بمجرد القيام بمكالمة تلفونيه ، تجريها لوكيلها في المنطقة ، لم تسعى أمريكا لأي تفاوض ، ولم تقترح اجراء أي لقاءات ، ولم تنادي بصورة جادة لإيقاف الحرب ، لأنها وعملاؤها كانوا يتوقعون انتصار الدعم ، ليخلصهم من العقبة الكؤود ، التي ظلوا يشعلوا الحرب تلو الأخرى ، لهزيمتها طوال تلك العقود ، ويفشلون ،وهي تفعل ذلك الان مضطرة ، لإنقاذ ما يمكن انقاذه ، حتى تقدم في آخر عهدها ، احدى الخدمات العظام للوبي اليهودي ، فآخر إهتمامات الحكومات الامريكية ، هو المواطن المسلم ، وما يحدث في غزة من قتل ، ومن تجويع للأبرياء العزل ، خير شاهد على ذلك ، ولذلك نقول لشريحة الشعب التي تريد ، وتنادي بإيقاف الحرب بأي ثمن ، وباي ، وسيلة ، لانهم يظنون أن مجرد ايقافها سيعيد عقارب الساعة الى الوراء ، ويعيد الحياة الى ما كانت عليه ، فيعودون الى حيواتهم السابقة ، نقول لهم أنكم مخطئون ، ولا بد أنكم تذكرون ( تسقط بس ) التي كانت شعار الخارجين على النظام السابق ، وطالبوا بأسقاطه بأي ثمن ، دون أي خطة لما بعد السقوط ، وكيف ان ذلك أدى الى ما وصل اليه السودان اليوم من خراب ، ومن دمار . إن ايقاف الحرب مطلبنا جميعا ، والسلام غاية كل عاقل ، لكن اذا لم يبنى قرار ايقاف الحرب على مراعاة أمن السودان القومي في المستقبل ، وعلى مصلحة المواطن السوداني وامانه ، في المقام الأول ، وعلى إغلاق كل أبواب المخاطر التي تهدد السودان المحاط بكل تلك الجماعات ، التي لا وزع لها من دين ، أو عقل ، أو أخلاق ، والتي تدفقت من دول الجوار - اول ما سنحت لها الفرصة - من أجل نهب خيرات السودان ، اذا تم ايقاف الحرب دون أخذ كل ذلك في الحسبان ، فسيكون ذلك الايقاف أشبه بترك النار مشتعلة تحت الرماد ، وترك براميل الوقود السريع الاشتعال بجانبها ، وما النصر ، النصر الحقيقي الا صبر ساعة ، فأصبروا أيها الناس ، لقد صبرتم كثيرا ، فاصبروا الساعة الأخيرة ، حتى تجنوا ثمرات ذلك الصبر الطويل ، وحتى تنعموا بالسلام الحقيقي ، الراسخ ، والدائم ، ليس من أجلنا ، وأجلكم فقط ، ولكن من أجل أبناء السريع أنفسهم ، فهم ابناء الوطن ، وابناؤنا ، وقد غُرر بأكثرهم ، فانساقوا وراء من قام بخداعهم دون وعي ، ودون تفكير، وفي كثير من الأحيان قد يكون الاب محتاجا للشدة على ولده ، حتى لا يؤذي نفسه ، ويؤذي غيره . وما النصر الا من عند الله .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة