الحقيقة التي يجب أن نقر بها جميّعاً ونعترف دون تبرير أو تعالي هي أن جميّع القوي السياسِية والحزبية في السُودان وبلا إستثناء قد فشلت في إمتحان الحرب الحالية ، لم تعطي كُل تلك القوي المأسَاة التي يعيشها السُودان بسبب هذه الحرب حق قدرها في الوصول للحد الأدني الذي يوقف مُعاناة السُودانيين ، لم تتفق وتتعاون حتي علي الجانب الإنساني وبشكل حقيقي ، لم تتفهم طبيعة الأزمة التي تعيشها البلد وتلاقت لأجل الإتفاق علي عمل مُشترك من أجل السُودانين ، وأنقسمت ما بين تكتُلات "سُلطة" ومابين تكتلات تُجافي الواقع وتعمل علي سراب يحسبونه ثوري والبلاد شعبها يُباد ويموت من الجوع والمرض وإنعدام المياه والعطش ويُهجر ويُشرد ومُطارد في أفضل الأحوال ، أو في مُعسكرات النزوح الداخلية والخارجية ، لم تنفع بلادنا "هرولة" بعضها نحو "السُلطة" ، أو هروب بعضها للإمام و"سلبيتها" وقفزهم علي المراحل بإعتبار إعتقادهم أنهم "ثوريون" ، ضاعت الحلول مابين الكُتل المُختلفة وتاهت ، ومابين "التعنُّت" و "الشطّط" و "كراسي السُلطة" والصراعات حولها ، قدموا جميعهم خطاب سياسِي يتكئ فقط علي "المصالح" الحزبية الضيّقة والأيدلوجية البعيدة عن مصالح آنية لشعوب وجماهير كانت ولاتزال تستحق الأفضل ، الحقيقة التي من الضروري مواجهتها أن هذا الفشل في قراءة الواقع والتعامل معه والذهاب للحد الأدني من التعاون والإتفاق والعمل المُشترك هو بكل المقاييس فشل "تاريخي" ، وإنحدار وإبتعاد عن مصالح السُودانيين في إيقاف مُعاناتهم وفتح الطريق لأمنهم وسد جوعهم ومُداواتهم وإستقرارهم ، لاقيّمة للوطن بدون شعوب تعيش داخله ، ولاتعميّر والخراب والخوف يسكُن في كُل أجزائه ، ولا معني لثورة دون وطن وشعب ، ولا معني لسُلطة علي أشلاء البلاد وأهلها ، هذه هي الحقائق المُجرّدة ، التي لم يفهمها الكثيرون أو فهموها ولكنهم "تغابوا العِرفة" فيها ، ظلّلنا نصُرّخ ونُطالب ونعمل بكل قوتنا علي إلتقاء الجميّع حول الحد الأدني والأولويات التي من غيرها وبدونها لن تقوم لبلادنا قائمة ، ولن يعود السُودانيون أو تستقر البلاد ، لن نمّل تكرارها ودون أي محاولات منّا "لخطاب سياسِي في سقفه الأعلي" ، أولوياتنا بإختصار ومُباشرة هي: ١/وقف تام وشامل ودائم لإطلاق النار ٢/فتح جميع الطرق والمسارات للإغاثة والعمل الإنساني ٣/الفصّل بين القوات العسكرية المُتقاتلة وخروجها من المُدن والقري وبيوت المواطنين ٤/آليات مُراقبة مُشتركة محلية وإقليمية ودولية لوقف إطلاق النار وعمليات الفصل بين القوات ٥/عودة المُهجريّن والنازحين والمُشردين لبيوتهم ومناطقهم وإستقرارهم هذه هي الأولويات التي بُح صوتنا ونحن نطالب بها للإلتفاف عليها من كل القوي السياسِية والثورية والوطنية السُودانية وكياناتها المُختلفة الرافضة للحرب للعمل المُشترك فيما بينها عليها ، هل هذا شئ مُستحيل أو يصعُب علينا جميعاً العمل لأجله و من أجل مصالح جميّع السُودانيين ؟؟؟ ماذا يُفيد شعبنا أي خطاب سياسِي آخر في هذا التوقيت لايتمسك بهذه الخمس أهداف و يجعلها أولويات ومُرتكز له ، وماذا يُضير أي فصيل سياسِي إن إستجاب وتنادي لأجلها وقبل وبكل تواضع للعمل المُشترك لأجل تحقيقها ؟؟ غير مطلوب حالياً أي تصورات لإنتقال لسُلطة أو عملية سياسِية مفروضة أو مُصممة لمستقبل البلاد ، مع العلم التام أنه إذا ما تحققت تلك الأولويات ستنقلنا مُباشرة لحالة من الإتفاق والتعاون علي الإشتراطات والأهداف التي لاتُعيد الحرب مرة أخري ، وبها يتأسس السُودان علي أُسس جديدة والإستفادة من كُل دروس السابق وعلي رأسها كُل الحروب السابقة والحالية والزمن الطويل المُهدر في الصراعات السياسِية من أجل السُلطة والثروات والموارد في السُودان وكُل الإختلالات التاريخية الطويلة ، ومع هذا أيضاً يظل الحديث عن أي عملية سياسِية في الوقت الحالي غير ذا جدوي والحرب تأكل البلاد وشعوبها تُباد وتُهجّر. علينا التركيز في أولوياتنا وإستثمار أي لحظة قادمة لعمل مُشترك من الجميّع لأجلها إن كنا نُريد الخيّر لبلادنا ، علينا حث طرفي الحرب للإلتقاء والتفاوض حول تلك الأولويات والإتفاق ، وعلينا تشجيع أي جهود دولية وإقليمية في هذا الإتجاه المُباشر لحل الأزمة وإيقاف الحرب ، دعونا نُشجع جميعاً ونعمل علي إنجاح مفاوضات سلام جنيف المدعو لها طرفي الحرب من أمريكا والسعودية ومُراقبة وتشجيّع من دول عدة من بينها من دعمت الحرب وطرفيها ولكنها تقول الآن بوقفها ، ودول إقليمية ودول جوار مؤثرة فهنالك أثيوبيا والإمارات ومصر وجنوب السُودان ودول الإتحاد الأفريقي والأوروبي ، وبمشاركة عالية لكل تلك الدول ، فلتكن تلك المفاوضات فرصة حقيقية قد لاتتكرر قريباً بمثل هكذا إهتمام وجديّة ، ولتكن إرادة السلام هي الإرادة و المصلحة الحقيقية علي ماعداها ، و التي نعمل عليها جميعاً و تقديم مصالح شعوبنا في أيقاف هذه الحرب وهذه المأسَاة والكارثة الإنسانيّة. #إنجاح مفاوضات جنيف في ١٤ أغسطس ٨/٨/٢٠٢٤
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة