المجتمع الدولى يتحدث عن فتح الممرات الانسانية لتوصيل المساعدات الانسانية ، بعيدا عن الاهداف و الاجندة الخفية للمجتمع الدولى نجد ان المساعدات التى يتم تقديمها غير كافية و غير ملائمة و انها تصل الى عدد محدود من المواطنين المحتاجين مقارنة بالعدد الكلى. نظرة سريعة الى الدعم المقدم من المنظمات الدولية و برنامج الغذاء العالمى منذ بدء الحرب تؤكد ذلك. سلة المواد الغذائية التى قدمها برنامج الغذاء العالمى و سيستمر فى تقديمها للفرد الواحد تشتمل على: 450 جرام من الذرة 25 جرام من زيت الطعام. 15 جرام عدس 5 جرامات ملح. هذه هى سلة الغذاء التى تمنع الجوع والتى ملأ برنامج الغذاء العالمى و المنظمات الدولية من اجلها الدنيا ضجيج. بينما نجد ان العائلة تحصل على 180 الف جنيه سودانى فى حالة استبدال المساعدات العينية بمساعدات نقدية. و العائلة ليست هى الاسرة فتعريف العائلة هو الافراد الذين يتناولون و بعدونه فى نفس المطبخ (مطبخ مشترك). المعروف ان الاسر النازحة تسكن فى مجموعات تشمل الاخوان و زوجاتهم و ابناءهم و احفادهم فمتوسط عدد افراد العائلة الذى اعتمدته الامم المتحدة و هو 6 افراد غير صحيح و كانت نتيجته التقدير المنخفض لقيمة المساعدة النقدية. المساعدات النقدية تقدم لمدة ثلاثة اشهر فقط لكن فى معظم الاحيان تكون لشهر واحد فقط. كما ان هناك تفاوت كبير بين المنظمات فى مقدار المساعدة النقدية. ضعف المساعدات و عدم كفايتها و ملائمتها يرتبط بشكل اساسى بضعف التمويل و ضعف استجابة المانحين و اهدار المنظمات مواردها فى الصرف على الموظفيين الدوليين الى جانب المهددات الامنية المرتبطة بوجود الدعم السريع و تعديه على موارد المنظمات و تعدى الحكومة على استقلاية المنظمات و تقييد حركتها. فى بيان صادر من اللجنة الدولية للانقاذ فى مارس من هذا العام نجد ان المجتمع الدولى وفر فقط 5% من الاعتمادات المالية المطلوبة لتغطية الاحتياجات الانية للمتأثرين بالحرب فى السودان و ان العجز يبلغ 2.56 مليار دولار اما مكتب تنسيق المساعدات الانسانية اوشا فقد نشر فى موقعه ان العجز يبلغ 1.8 مليار دولار و ان 31% من الاحتياجات تمت تغطيتها. رغم بؤس المساعدات المقدمة و ضعفها من حيث الجودة و عدم كفايتها من حيث الكمية نجد ان المنظمات قدمت مساعدات لحوالى 35% من المستهدفين فى خطة المساعدات الانسانية التى تم اعدادها فى شهر يناير 2024. فقط 5.2 مليون من جملة 14.9 مليون شخص المتأرين بالحرب فى ذلك الوقت، علما بأن عدد المحتاجيين لمساعدات قد ارتفع الى 25 مليون بنهاية شهر يونيو 2024. هنا لا بد من الاشارة الى ان 2.5 مليون شخص فقط قد تحصلوا على مساعدات غذائية بينما تلقى البقية مساعدات فى قطاع المياه و صحاح البئية و الصحة. عدم ترشيد الصرف و الصرف البذخى على الموظفيين الدوليين. المئات من الموظفيين الدوليين يقبعون اما فى نيروبى او بورسودان يعملون عن بعد و لا يفعلون شئيا سوى تقديم التوجيهات بينما يستأثرون على الجزء الاعظم من ميزانيات المنظمات حيث يتمتعون بعشرات الامتيازات و تتراوح كلفة الموظف الواحد شهريا ما بين 5 الف دولار الى 8 الف دولار فى المنظمات الدولية و 9 الف دولار الى 25 الف دولار فى وكالات الامم المتحدة رغم انه فى احيان كثيرة يشغلون وظائف يمكن ان يشغلها موظفيين محليون و يديرون نشاطها بكفاءة. نجد ان المنظمات التى تملأ الدنيا ضجيجا عن المجاعة قد قامت بتسريح موظفيها السودانيين عند اندلاع الحرب ثم اعادت تعينهم لاحقا. فقد سرح برنامج الغذاء العالمى كل موظفيه فى نوفمبر من العام الفائت و كذلك فعلت المفوضية العامة لشؤون اللاجئيين لكن الادهى و الامر ان كلا المنظمتين احتفظت بالموظفيين الدوليين. علما بانه منذ اندلاع الحرب قتل 27 موظفى سودانى و جرح 31 و تعرض 7 للخطف بينما جرح فقط 4 من الموظفيين الدوليين. المهدد الامنى لا يقتصر على الموظفيين فقد خسرت المنظمات و الامم المتحدة اصولها فى ولايات دارفور و الجزيرة و الخرطوم و سنار نتيجة هذه الحرب. نجد ان العشرات ان لم تكن المئات من مخازن المنظمات و الامم المتحدة قد تعرضت للنهب و تم سرقت اكثر من 200 عربة مملوكة للمنظمات الدولية و الامم المتحدة. تجدر الاشارة الى ان معظم هذه الحوداث كانت فى مناطق سيطرة الدعم السريع. بالمقابل نجد ان المنظمات الدولية فى اماكن سيطرة الحكومة تتعرض للمضايقات التى تتراوح ما بين الاستدعاء، الاعتقال للموظفيين الى تأخير المصادقة على الاتفاقيات الفنية و الحصول على اذونات التحرك لانجاز الاعمال الروتينية اليومية حيث يجب ان تصادق عليه مفوضية العون الانسانى و جهاز الامن و الاستخبارات العسكرية فى كل الولايات بما فيها الولايات الامنة و تعتبر ولاية القضارف هى الاسوأ من بين تلك الولايات. وجود الدعم السريع و انتشاره فى المناطق الريفية و التعدي على حقول و مخازن المزارعين هو السبب الرئيسى وراء تدهور الامن الغذائى و مسبب رئيسى للمجاعة. فالعنف الغير مبرر و النهب السبب الرئيسى الذى دفع المزارعين لهجر قراهم و مناطقهم و منعهم من حصاد حقولهم خلال الموسم الشتوى الفائت و عدم زراعتها خلال هذا الموسم (الصيفى). على ضوء الخلفية نخلص الى الاتى: المساعدات المقدمة غير كافية من حيث الكمية و فقيرة من حيث النوعية و لا تلبى احتياجات المتاثرين بالحرب. المجتمع الدولى ليس لديه الاستعداد و الارادة لتوفير الموارد اللازمة لتغطية احتياجات المتضررين من الحرب. تعدى الدعم السريع على ممتلكات و اصول المنظمات الانسانية و الامم المتحدة اضعف المنظمات و منعها من تقديم المساعدات اللازمة فى دارفور و غيرها. تعنت و بروقراطية الحكومة و الجيش فى الولايات الامنة اعاق عمل المنظمات و ادى الى بطء استجابتها و اهدار مواردها نتيجة لفساد و ابتزاز بعض موظفى الدولة فى العديد من الولاية. تواجد الدعم السريع فى المناطق الريفية و القرى يهدد الامن الغذائى و الموسم السريع و يؤدى لافقار المزارعين و تهجيرهم من مناطق الانتاج. اهدار موارد ضخمة على الموظفيين الاجانب الذين يعيشون فى نيروبى لاسياب تتعلق بالسلامة او نتيجة لعدم حصولهم على تاشيرات. المئات من موظى المنظمات و الامم المتحدة يعملون عن بعد. الصرف على هؤلاء الموظفيين يكون خصما على الموارد المتاحة لمساعدة المتأثرين بالحرب فهو اهدار للموارد و عدم ترشيد لاستخدامها. الحديث عن فتح الممرات الانسانية لمرور الاغاثة ينطوى على العديد من الاجندة السياسية و العسكرية كما انه لن يكون عمليا و قابل للتنفيذ و ذا جدوى فى ظل استمرار الحرب. على سبيل المثال وصلت مئات الاطنان من المساعدات الانسانية الى دارفور عبر معبر الطينة من تشاد و لكن لم تصل الى الفاشر بسبب القتال الدائر لذا يجب اعطاء الاولوية لايقاف الحرب. اما على المدى القريب فيجب: الضغط على الدعم السريع للخروج من المناطق الريفية الخالية من اى وجود عسكرى و عدم التعرض للمزارعين. الضغط على الحكومة لتسهيل حركة موظفى المنظمات و انسياب المساعدات و عدم التدخل فى نشاطهم. التواصل مع المانحيين لتوفير التمويل اللازم و التنويه بضرورة تقديم المساعدة الكافية و الملائمة و توطين العمل الانسانى بالاعتماد على الموظفيين السودانيين و المنظات المحلية لضمان وصول المساعدات و عدم اهدار الموارد الشحيحة فى الصرف على الموظفيين الدوليين.
المصادر: IRC warns unfettered humanitarian access and scale-up of funding needed to avert catastrophic hunger crisis in Sudan - Sudan | ReliefWeb Cash Working Group Sudan: Multipurpose Cash Assistance (MPCA) Guidance Note for the Sudan interim Minimum Expenditure Basket (MEB 2023) and setting of Transfer Value (TV) - May, 2024 | OCHA (unocha.org) Sudan | OCHA (unocha.org) Security incident data | Aid Worker Security Database Sudan | Situation Reports (unocha.org)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة