بسم الله الرحمن الرحيم " وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"
الواقع الحضاري والحرب والسلام
لقد دعونا في الحلقة الأولى جماعة الإخوان المسلمين للدخول في الحوار الذي طرحناه حول دعوتهم.. وغرض الحوار هو إظهار باطل دعوة الإخوان المسلمين ديناً، بالصورة التي تخرجهم من عقول وقلوب السودانيين.. ولم يصلنا ان أحد منهم دخل في الحوار، ولا ضير، فعملنا مستمر. كان موضوع الحلقة الأولى يتعلق بالواقع الحضاري من حيث الدين، وقد تلخص الأمر في اننا اليوم نعيش في فترة من انقطاع الرسل .. وقد جرت سنة الله، انه بعد كل فترة يكون هنالك بعث ديني جديد، عن طريق إرسال رسول من الله .. وقد كان آخر رسول هو المعصوم صلى الله عليه وسلم، الذي جاء بالقرآن وبالإسلام، وبه ختمت النبوة.. والآن أدركتنا النذارة بمفارقة الدين، وهي نذارة قد وردت في العديد من أحاديث المعصوم.. ومن هذه الأحاديث ان الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة، إلا واحدة.. وقد جاء الحديث: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على إثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله ؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه، وأصحابي) ، وبالطبع أصحابه على مثل ما هو عليه، في حدود تكليفهم. والأمر الطبيعي هو ان ننتظر رسول جديد، ولكن هذا الرسول لن يأتي بوحي جديد لأن النبوة ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأصبح كل ما اراده الله من وحي لأهل الارض، مستقر بين دفتي المصحف .. والرسالة الجديدة لا بد لها أن تكون من داخل القرآن، ومن أجل ذلك أنزل الله تعالى في القرآن كل ما اراد ان يوحيه لأهل الارض، بالصورة التي يتم بها الإستغناء تماماً عن وحي جديد.. ومن أهم مفاتح القرآن انه نزل مثاني، معنى قريب عند العبد، ومعنى بعيد عند الرب، ولذلك السير في مراقيه، سيرٌ مطلق لا ينتهي، لأنه سير من المحدود إلى المطلق.. ومن مفاتيح القرآن الهامة جدا المثاني، فقد أنزل الله تعالى القرآن مثاني .. يقول تعالى " ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَٰبًا مُّتَشَٰبِهًا مَّثَانِىَ" .. يعني كل شيء فيه يقوم على المثاني .. كل آية مثاني، ذات معنيين كما اشرنا .. ومن أهم المثاني آيات الاصول وآيات الفروع، التي ينبني عليها وجود رسالتين: رسالة في مستوى النبي في خاصة نفسه، ورسالة تنزلت منها إلى الأمة في القرن السابع الميلادي.. الرسالة التي في مستوى النبي هي أصول القرآن، والرسالة التي في مستوى الامة هي فروع القرآن.. وقد تم النزول من الأصول إلى الفروع بسبب حكم الوقت – طاقة الناس وحاجتهم في القرن السابع الميلادي.. وبسبب ان الناس لم يطيقوا مستوى الاصول بعد أن عرض عليهم منذ البداية، وخوطبوا به، ولذلك تم النزول إلى مستوى الفروع في حق الامة، وظل المعصوم على الأصول.. من أراد التفاصيل يمكن أن يرجع إلى كتب الفكرة الجمهورية، فالمكان هنا لا يتسع للتفاصيل. على ما تقدم محمد صلى الله عليه وسلم صاحب رسالتين: الرسالة الاحمدية ويقوم عليها عمله في خاصة نفسه، والرسالة المحمدية ويقوم عليها عمل الامة، وبينهما أرض مشتركة .. مستوى الرسالة الأحمدية، مستوى أصول القرآن هو الذي يناسب وقتنا الحالي، وهو للناس كافة، اما مستوى الرسالة المحمدية، مستوى أمة المؤمنين _الشريعة، وقد كان لأمة المؤمنين في القرن السابع الميلادي، وهو في بعض جوانبه لا يناسب أن يكون للناس كافة، لا يناسب أن يكون لوقتنا الحاضر، الذي فيه تطورت الحياة منذ القرن السابع الميلادي إلى القرن الحادي والعشرين، فقد جدت أمور لا يمكن ان تعالج إلا في مستوى الاصول.. ومن هذه الأمور قضية الحرب والسلام .. فالرسالة الأولى قامت على الحرب بصورة جلية لا خلاف حولها، قامت على الجهاد بالسيف .. والرسالة الثانية، الرسالة الأحمدية لا يمكن أن تقوم على الجهاد بالسيف حسب حكم الوقت، وحاجته، فهي لا بد أن تقوم على السلام، وهذا ما عليه آيات الاصول التي عاشها المعصوم في خاصة نفسه ولم تشرع للأمة.. فقد كان القرآن الكريم طوال ثلاثة عشر سنة يدعوا الناس من خلال عقولهم ويمنع الحرب.. إلى أن ثبت عملياً ان الناس كانوا دون هذا المستوى، وتآمروا على قتل النبي، وتمت الهجرة إلى المدينة وجاء الإذن بالقتال في تدرج.. ففي مكة كان القتال ممنوعا، كان العمل يقوم على قوله تعالى: "وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ" .. فقد كان حق الكفر مكفولاً .. وفي المدينة سُحب هذا الحق، بعد أن ظهر عملياً للناس انهم لم يكونوا في مستواه، ولا يستحقونه، وجاء الإذن بالقتال في تدرج، توج بآية السيف " فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلْأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍۢ ۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " .. وأصبح الوضع في الشريعة: المشرك إما ان يسلم او يقاتل .. والكتابي، من يهود ونصارى إما أن يسلم، أو يدفع الجزية وهو صاغر أو يقاتل .. فالقتال بعد أن كان منهي عنه في مكة، أصبح مأمور به في المدينة، وهكذا قام الجهاد بالسيف. والآن حسب الوضع الحضاري القائم أصبح الوقت للسلام، وبصورة ملحة، وهو متوفر في أصول القرآن .. الإخوان المسلمون يدعون للجهاد بالسيف، ويرون أن هذا هو السبيل لقيام الإسلام، وهم يجاهدون حتى المسلمين، كما رأينا من أقوال أستاذ سيد قطب، وكما هو الواقع العملي .. وهم يقاتلون المسلمين بعد تكفيرهم، كما ذكرنا في الحلقة الاولى. الواقع الحضاري: الواقع الحضاري اليوم يقوم على سيادة الحضارة الغربية.. وهي حضارة تتفوق على جميع الحضارات السابقة بصورة لا تقبل المقارنة .. وهذا أمر لا نحتاج أن نتحدث عنه لأنه واضح للجميع الآن الحضارة الغربية رغم تطورها الهائل جدا، إلا انها متخلفة في جانب الأخلاق، جانب القيم .. فهي حضارة وليست مدنية .. وما تحتاج إليه بصورة جلية هو إدخال القيم.. هو نفخ الروح في هيكلها المادي العظيم .. فهي حضارة مادية، تفتقر إلى نفخ الروح فيها، وهذه هي حاجتها للدين. يهمنا بصورة خاصة هنا، ونحن نتحدث عن الإخوان المسلمين موضوع الحرب والسلام .. فهم كما رأينا في الحلقة الاولى دعاة حرب بصورة دائمة.. والواقع الحضاري يحتاج إلى السلام، وفيه الحرب بالوسائل الحديثة أصبحت هي مشكلة الإنسانية الأساسية التي لا بد لأي فكر ديني أو غير ديني أن يعالجها .. حاجة العصر للسلام، وهي حاجة حياة أو موت .. وقد أدت الحرب دورها التاريخي في التفاعل الحضاري، وأصبحت لا حاجة لها، بل الحاجة، كل الحاجة للتخلص منها.. لقد أصبح البديل للحرب في مجال التفاعل الحضاري متوفرا بصورة كبيرة، وهو يتمثل في: مستوى التعليم العام، والوعي الكبير عند جميع شعوب الارض.. ويتمثل بصورة خاصة في تطور المواصلات وسبل الإتصال التي تطورت بالصورة التي وحدت الكوكب الأرضي كله جغرافياً .. أصبح اليوم الحدث الواحد، يسمعه ويشاهده كل سكان العالم لحظة حدوثه، فلا حاجة للحرب لتحقيق التفاعل الحضاري.. أصبحت الحرب اليوم كلها شر، فعليها أن تمضي مشكورة على ما قدمته في التاريخ، ليجيء بديلها الذي هو أكمل منها، وهو السلام. توحد الكوكب الارضي، والتطور الرهيب جدا في اسلحة الدمار، جعل تجاوز الحرب أمر ضروري جداً، وهو يشكل التحدي الحضاري الأساسي .. فقد أصبحت المعادلة اليوم إما السلام أو الفناء!!
أسلحة الدمار الشامل: لقد تطور السلاح بصورة رهيبة، وتجاوز الأسلحة التقليدية التي كان يقوم عليها الجهاد بالسيف، تجاوزاً تاماً.. أصبحنا اليوم نعيش في عصر أسلحة الدمار الشامل.. وهي أسلحة إذا قامت الحرب في مستواها فهي تعني فناء الحياة على الارض.. الحياة وليس الحضارة!! ونحن هنا سنشير مجرد إشارات لهذه الاسلحة .. هنالك الأسلحة البيوليجية وهي تشمل أهم الأمراض الخطيرة التي يمكن أن تنتشر بالعدوى بسرعة على هيئة وباء مثل: الكوليرا، والطاعون والجمرة الخبيثة، والحميات ...إلخ .. وهذه الأسلحة تستعمل على هيئة مسحوق أو سائل، ويرش بالطائرات أو القنابل المتفجرة أو رؤوس الصواريخ أو عن طريق دانات المدافع، أو عن طريق العملاء، وهي تنتقل عن طريق العوامل الطبيعية وعلى رأسها الهواء، والمياه الملوثة .. وهنالك الأسلحة الكيميائية .. وأسلحة الجراثيم والفايروسات .. وقد جربنا قبل وقت قريب الكورونا، وهي قد جرت بصورة غير عدوانية.. فإذا تصورنا حرب كبيرة تقوم على مثل هذه الأسلحة نستطيع أن نتصور الدمار الماحق الذي تسببه للبشرية.. ويمكن أن نتصور إطلاق الأمراض التي ذكرناها أعلاه التي تصيب البشرية في وقت واحد.. ومنها أمراض تصيب الدم، وأخرى تصيب الأعصاب وثالثة تصيب الخلايا وتتلفها ...... إلخ وأخطر من هذه كلها الأسلحة النووية، التي إذا استخدمت في حرب، قد تؤدي إلى فناء الحياة على الارض – الحياة وليس الحضارة .. والأسلحة النووية ترجع إلى معادلة آينشتاين في تحويل المادة إلى طاقة، أو تفجير الطاقة الكامنة في المادة .. والمعادلة تقول اي (ط) الطاقة الكامنة في اي مادة، تساوي كتلة هذه المادة (ك) مضروبة في مربع سرعة الضوء في الثانية .. وسرعة الضوء في الثانية تساوي 186000 ميل تقريبا. تقاس قوة القنبلة الذرية بالكيلو طن، وهو يساوي إنفجار الف طن من مادة (تي إن تي) شديدة الإنفجار .. اما القنبلة الهيدروجينية، وهي أقوى بكثير من القنبلة الذرية وتقاس ب(الميجا طن) وهو يساوي إنفجار مليون طن من مادة (تي إن تي) للمقارنة كانت آخر القنابل المتطورة، غير النووية التي استعملت في الحرب العالمية الثانية لها فعل 10 اطنان من مادة ال(تي إن تي) .. اما قنبلة هيروشيما التي القتها الولايات المتحدة على اليابان فقد كانت قوتها تساوي 13000 طن (تي إن تي) اي 1300 ضعف أقوى قنبلة غير نووية استعملت في الحرب العالمية الثانية .. وقنبلة هيروشيما نفسها اصبحت اليوم بالنسبة للقنابل المتطورة مثل لعب الاطفال!! ترجع خطورة الاسلحة النووية إلى الدمار الشامل الذي تحدثه، والأرض المحروقة بفعل الحرارة الهائلة التي تصل في القنبلة الذرية إلى 200 مليون درجة مئوية، وفي القنبلة الهيدروجينية إلى 400 مليون درجة مئوية، والأهم من كل ذلك التلوث الإشعاعي الخطير الذي تتركه في المنطقة.. وتظل الإشعاعات القاتلة مستمرة لسنوات طويلة فمثلا إشعاع (الكربون – 14) نصف عمره 5570 سنة .. ونصف العمر وسيلة علمية لقياس تحلل المادة المشعة مع الوقت، وهو يعني المدة التي تنقضي قبل ان تفقد المادة المشعة نصف قوتها الإشعاعية.. وسائط نقل هذه القنابل عديدة ومتنوعة، فهنالك الطائرات، والسفن حاملة الطائرات، والغواصات، والصواريخ بأنواعها المختلفة، بما فيها عابرة القارات. والآن جميع الدول الكبرى لها ترسانتها الضخمة من الأسلحة النووية .. وحتى بعض الدول الصغيرة مثل إسرائيل وباكستان لها ترسانتها.. أضف إلى كل ذلك ان هنالك أسلحة سرية لا يعرفها إلا اهلها!! ولا يزال العلم في هذا المجال يتطور !! خلاصة الامر، انه إذا نشبت حرب كبيرة، في مستوى الأسلحة النووية، فهي تؤدي إلى فناء الحياة على الأرض .. وقد أصبح هذا معروفا لمعظم سكان الارض .. بل إن معرفته متوفرة لجميع سكان الارض. على الرغم من أن الأسلحة المتوفرة الآن، كافية جدا لفناء الحياة على الارض، إلا ان الصرف السنوي على الأسلحة لا يزال هائلاً جدا، وبصورة سنوية، خصوصا عند الدول الكبرى، التي هي اصلا ليست في حاجة إلى مزيد من السلاح!! وجميع الدول في العالم اليوم تعتبر ان مجال قوتها العسكرية هو مجال عظمتها ومنعتها .. فالتسلح، وعسكرة الحياة، هما أكبر مظهر لفشل الحضارة الغربية السائدة .. وبسبب سيطرة النظام الرأسمالي لا مجال لوقف سباق التسلح .. فالغاية في النظام الرأسمالي هي الربح، والربح بكل سبيل .. وصناعة السلاح تجارة مربحة جدا، ولذلك هي عند الدول الرأسمالية أهم من صناعة الغذاء والدواء.. السلاح يصنع ليستهلك، مثله مثل أي سلعة أخرى .. واستهلاكه يعني الحرب.. ولذلك العامل الأساسي لأي حرب، تنشب في أي مكان، هو الرأسمالية .. وحربنا في السودان ورائها اساسا النظام الرأسمالي .. فنحن لا نصنع الأسلحة، في مستوى كبير، ولذلك هي تأتينا من الخارج .. ولذلك أي حرب تنشب لا يغذيها المتحاربان وحدهما، إنما هنالك جهات أخرى غيرهما لها دور فعال في هذه الحرب، والحرب تخدم أغراضها !! يمكن أن يقال إن العسكرية والحرب هما أكبر تجسيد لخوف الإنسان من أخيه الإنسان، وطمع الإنسان في اخيه الإنسان، ولا يمكن أن تنتهي الحرب بصورة نهائية، ولا بد لها من ذلك، إلا إذا تم التخلص من هذا الخوف وهذا الطمع بصورة نهائية.. ولا مجال إلى ذلك في إطار الحضارة المادية الرأسمالية القائمة، فلا بد من تجاوزها وتقديم البديل العلمي والعملي لها.. ونحن على يقين من ان هذا البديل هو الإسلام في مستوى اصوله، فهو لا بد كائن في حينه.. وبكل هذا الذي يجري، الله تعالى يٌعد الارض للبديل الحضاري – الإسلام. الصرف على التسلح: على الرغم من إنتهاء الحرب الباردة، إلا ان الصرف على التسلح في إزدياد مطرد، ونحن هنا لا نملك ان نفصل في الامر، فسنعطي الصورة موجزة للصرف العالمي على التسلح، ومرجعنا الاساسي هو معهد ستوكهولم لأبحاث السلام SIRPRI فقد ورد عن هذا المصدر ان الإنفاق العالمي على التسلح زاد خلال عام 2023 بنسبة 6.8% عن العام السابق له، و وصل إلى تريليونين و 443 مليار دولار بسبب إندلاع الحروب أو الخشية من إندلاعها، وهو ما يعكس تدهور الامن والسلم الدوليين. وحسب المعهد تصدرت الولايات المتحدة قائمة المنفقين، وتلتها الصين، ثم روسيا والهند والسعودية .. وجاءت إسرائيل في المرتبة الخامسة من الإنفاق على التسلح، وتبعها في الترتيب كل من بريطانيا والمانيا وفرنسا، على التوالي .. ويساوي إنفاق الولايات المتحدة ثلث الإنفاق العسكري العالمي، وهو ما قيمته 916 مليار دولار. وفي منطقة الشرق الاوسط، فرضت الحرب الإسرائيلية نفسها على حجم الإنفاق على التسلح، حيث زادت تل ابيب إنفاقها بنسبة 24% إلى 27.5 مليار دولار.. اما إيران فقد انفقت 10.3 مليار دولار .. وزادت الجزائر إنفاقها على التسلح بنسبة 76% إلى 18.3 مليار دولار وهو الاعلى في تاريخها.. ويرى المعهد ان زيادة الإنفاق العسكري في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وصلت 200 مليار دولار. هذه صورة موجزة لآخر صورة للصرف على التسلح، مع ملاحظة ان هذا الصرف ظل يجري سنويا، وكل هذه الاسلحة مخزنة لقتلنا نحن البشر وتدمير حياتنا .. لماذا هل جنينا اي شيء يستوجب هذا القتل والتدمير ؟! لا والله !! ولكنه جهل الإنسان وغروره. خلاصة الأمر ان الحرب لم يعد لها اي دور إيجابي في الحضارة البشرية، ولا بد من تجاوزها اليوم قبل الغد، وهذا هو مجال التنافس الحضاري الاساسي.. لا يمكن للإسلام ان يكون هو الحضارة الجديدة إلا إذا تفوق على الحضارة الغربية السائدة تفوقا ظاهرا في حل مشكلات الإنسان المعاصر، والإستجابة إلى تطلعاتها، وعلى رأسها التطلع للسلام الشامل، السلام في كل نفس بشرية، وفي الأرض عامة .. ونحن على يقين ان الإسلام وحده دون جميع الافكار والأديان والذي يحقق هذه الغاية .. ولكن الإسلام الذي يحقق ذلك، هو الإسلام في مستوى اصوله، وعن طريق رسوله المبعوث من الله. الإخوان المسلمون يرون اننا نعيش في جاهلية كالجاهلية التي عاشرها الإسلام أو اظلم وقد رأينا قول سيد قطب: (نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام او اظلم)!! ومهمتهم تغيير هذا الواقع بالقوة عن طريق (تحطيم الانظمة السياسية الحاكمة، او قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن إستسلامها) حسب سيد قطب .. وهذا جهل كبير وخطير، جهل بالواقع الحضاري وجهل بالإسلام، وهو يقوم على إدعاء اجوف، وهم يعلمون تماما انه ليس في وسعهم محاربة دول الغرب .. بل اكثر من ذلك هم لا يحاربون إلا بسلاح هذه الدول وهم خاضعون لها وهي التي تسيرهم إلى اغراضها ومراميها .. هل يطمع الإخوان المسلمون في هزيمة الولايات المتحدة، او اي دولة بالسلاح ؟! هم لا يطمعون !! ولكنهم يخدعون انفسهم، ويخادعوننا، في سبيل أغراض دنيوية محدودة .. هم لا يحاربون، من ينبغي ان يحاربوه، إنما يحاربونا نحن المسلمين، وبسلاح غير المسلمين، فقط من أجل ان يحكموا، ويحققوا اغراضهم الدنيوية. لا سبيل لبعث الإسلام إلا إذا جاء المبعوث المأذون من الله، رسولاً إلى خلقه، الذي يتم على يديه قيام دولة (أمة المسلمين)، إخوان النبي الذي بشر بهم.. يقول الله تعالى " وَلِكُلِّ أُمَّةٍۢ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " .. ويقول " وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ " .. والرسول المنتظر معروف لكل المسلمين، وحتى للإخوان المسلمين .. وهو المسيح المبشر به .. خلاصة الأمر الإخوان المسلمون يجهلون الواقع الحضاري، كما يجهلون حقائق الدين، ويجعلوننا نحن ندفع فاتورة جهلهم الباهظة، بقتل الأنفس والتشريد وهتك العروض وسلب المال والممتلكات .. فهل هذا دين !! لا والله ليس هذا هو الإسلام في أدنى مستويات تعاليمه .. فحركة الإخوان سياسة وليست دين .. هم يستغلون الدين لأغراضهم السياسية، وهي أغراض تقع في الدرك الاسفل من الإنحطاط. إلى اللقاء في حلقة ثانية خالد الحاج عبد المحمود الدوحة 6/7/2024
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة