بسم الله الرحمن الرحيم "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"
أهلي .. بنو أمي وأبي .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. لقد نُكبنا بأعظم الفتن .. فتن آخر الزمان، التي وصفها المعصوم بأنها كقطع الليل المظلم، وانها تجعل اللبيب حيرانا!! إنها فتنةٌ لا يعرف فيها القاتل لما قتل والمقتول لما قُتِل. سلط الله علينا ارازلنا ليسومونا سوء العذاب.. قتّلوا الأبرياء، المسالمين العزّل، دون رحمة .. لم يفرقوا في قتلهم الوحشي بين رجل أو إمرأة، طفل أو شيخ كبير.. وتوسعوا في القتل، في المدن والقرى والارياف.. لاحقونا في بيوتنا !! ماذا فعلنا لهم ؟! والله لم نفعل شيء يستوجب هذا القتل والترويع .. هتكوا الاعراض، وهي أعراضهم لو كانوا يشعرون .. سرقوا ونهبوا، دمروا كل شي .. روعوا الاطفال والنساء في بيوتهم .. شردونا في البلاد وفي خارجها .. ملئوا البلاد رعبا بالأسلحة الفتاكة .. لماذا كل هذا ؟! هم منا، ونبرأ منهم ومن أفعالهم. فعلوا كل افعالهم هذه الشنيعة باسم الدين، وباسم الله، والدين منهم براء.. يا هؤلاء: " قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ" ؟! إن الله لا يأمر بالفحشاء .. وشرع الله يمنع منعاً قاطعاً قتل الابرياء المسالمين، ويمنع هتك العروض، ونهب المال والسرقة .. كل هذه من الكبائر .. فكيف تتدعون الإسلام مع كل هذه الكبائر، وضد أهلكم بالذات، وهم من المسلمين ؟! من لكم بلا إله إلا الله يوم القيامة ؟! ظنوا اننا اغبياء، إذ خدعونا أكثر من مرة، ولكننا، لا والله، لسنا اغبياء، ولكننا نحب الدين، ولذلك خدعنا به.. وقد سلطكم الله علينا لنخرج من غفلتنا، فنميّز بين الدين وادعياء الدين أمثالكم.. الدين، دين رحمة ومحبة وسلام، وأنتم جعلتموه وسيلة لمطامعكم الدنيوية، جعلتموه وسيلة للحكم والتسلط، وإرتكاب كل جرم حرّمه الله في سبيل هذه الغاية .. الدنيا مطية الآخرة، أنتم عكستم الامر فجعلتم الآخرة مطية الدنيا !! تتوسلون إلى دنياكم بمخال أمر الله، وإرتكاب كل الفظائع المذكورة. إن لما يجري من فتنة حكمة، منها: أن تملأ الارض ظلما وجورا، حتى تملأ عدلا .. وأن يميز الله تعالى بين الطيب والخبيث .. وأن يعلمنا أن نحذر الأنبياء الكذبة .. قال السيد المسيح: احذروا الانبياء الكذبة !! قالوا: كيف نعرفهم؟ قال: بثمارهم تعرفونهم، فإن الشجرة الطيبة تثمر ثمراً طيباً .. والشجرة الخبيثة لا تستطيع إلا ان تثمر ثمرة خبيثة .. فقد دللتم بالفعل وبالقول، انكم شجرة خبيثة، فأنتم لا تستطيعون إلا أن تثمروا ثمراً خبيثاً !! لا يأس من رحمة الله "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الظالمون" .. ومهما اشتد الكرب، وعظُمة المحن، فلا بد لنا أن ننتظر فضل الله ورحمته الواسعة .. فلنتذكر إن اكثر الناس إبتلاء الأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأدنى فالأدنى .. وقد قال المعصوم إنه في وقت الفتن : ان تكون مقتولا خير لك من ان تكون قاتلا.
المجاعة: كل الدلائل الظاهرة، وكل الأخبار الظاهرة تنذر بأننا نوشك أن ندخل في مجاعة، بسبب هذه الحرب اللعينة .. وقد ذكر المختصون ان خمسة وعشرين مليون من اهلينا معرضون للمجاعة!! والأشقياء لا يهمهم هذا، ولا يحرك فيهم ساكنا، بل إنهم هم السبب الأساسي وراء المجاعة المحتملة، أخطر من ذلك، حتى العون الخارجي هم حالوا بينه وبين الوصول إلى من يحتاجونه !! هم لا يرحمون، ولا يتركون رحمة الله .. إنهم اسوأ من المرأة التي أخبر المعصوم انها دخلت النار بسبب قطة حبستها، فلا هي اطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض !! هم حبسوا الملايين من أهلهم، ولم يطعموهم، ولا تركوهم يأكلون من خشاش الأرض .. حكمتك ربي!! هل هؤلاء بشر، خلي عنك ان يكونوا مسلمين ؟! والآن فصل الخريف على الأبواب، وليس من المستبعد أن يعوق هؤلاء المجرمون العمل في الزراعة !! فعلينا ان نقوم بكل جهد ممكن للإستفادة من فصل الخريف .. علينا ان نزرع الارض، في أماكن الزراعة المعتادة، وفي غير أماكن الزراعة .. علينا ان نزرع كل شيء يمكن أن يكون مفيدا للغذاء .. ازرعوا حتى في البيوت، والميادين والشوارع، واتخذوا كل الوسائل الممكنة لإنجاح زراعتكم هذه .. هذا يقال للأغنياء وللفقراء وللرجال والنساء، الشيوخ والشباب .. ابحثوا عن (التقاوي) وكل الوسائل المعينة .. اطلبوا العون من الخارج، وحاولوا تذليل سبل وصوله إليكم. نحن مسالمون وعُزّل من السلاح، وليس من قيمنا العنف، ولا حول ولا قوة لنا امام الأسلحة الحديثة .. ومع كل هذا فإن لنا اخطر سلاح، وأقوى سلاح فعلينا ان نستخدمه ونعتمد عليه كل الاعتماد.. سلاحنا هو الله تعالى ناصر المستضعفين، ومخزي المتجبرين .. فعلينا أن نتوجه إليه بالدعاء الحار الصادق، ونحن عملياً لا نملك خلاف ذلك!! والله تعالى حريٌ ان يستجيب لدعائنا، فهو قد أمرنا بالدعاء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) .. وضَمِن الاستجابة حين يكون الدعاء مستوفياً لشروط الدعاء، أو يكون دعاء المضطر ودعاء المظلوم.. قال المعصوم صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم).. فهاهم اولادنا فعلوا فينا الأفاعيل، فدعوتنا فيهم مستجابة .. ويقول المعصوم إن دعوة المظلوم مستجابة، وليس بينها وبين الله حجاب .. فقد قال لمعاذ عندما بعثه لليمن: (واتقي دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) .. فندعوا دعاء المظلوم المضطر، الذي ليس له إلا الله، أن يكشف عنا الفتنة، ويطفيء نار الحرب، ويحل في بلادنا السلام، وان يؤمِن خوفنا، ويرفع عنا كل صنوف الفتنة .. علينا أن نعظِم المسألة، فإن الله لا يتعاظمه شيء .. علينا أن ندعوا بإيقاف الحرب، ورفع الفتنة بصورة تامة، وعاجلة .. وأن يجعل الله نارنا كنار إبراهيم برداً وسلاما .. وأن يرحم موتانا، ويتقبلهم عنده من الشهداء، ويشفي مرضانا والمعوقين بسبب الحرب .. وأن يرد غربة المغتربين في الداخل، وفي أرض الشتات .. اللهم أرحم ضعفنا، وانصرنا بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة لنا .. واصرف عنا كيد الخائنين، وأجعل مكرهم عليهم، واخرجنا من جميع صروف الفتن التي جلبوها علينا. اللهم إننا ندعوك بدعاء صفيك وحبيبك، محمد صلى الله عليه وسلم، حينما آذاه قومه في الطائف، ونقول بقوله (اللهم إليك نشكوا ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس .. يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربنا .. اللهم إلى من تكلنا ؟ إلى بعيد يتجهمنا، ام إلى عدو ملكته امرنا ؟ إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، غير ان عافيتك أوسع لنا .. نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ان ينزل بنا سخطك، او يحل علينا غضبك .. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله) إن استطعنا ان نلجأ إلى الله، بعجزنا وقلة حيلتنا، فهو ناصرنا لا محالة. إنني اطلب من اهلي جميعا الدعاء برفع الفتنة .. أطلب من المغتربين داخل البلاد، والمغتربين في أرض الشتات، رجالا ونساء، شيوخا وصغار، توجهوا إلى الله، وأدعوه أن يرفع عنكم ويلات الفتنة، وأن يبدلكم عنها النصر على من عاداكم، والأمن الدائم، وأن يبارك فيكم وفي أرضكم، ويجعلها رخاء بها تطيب أرزاقكم، ولا تجدون منه تعالى إلا الفضل والمحبة والسلام، فإنه نعم المولى ونعم النصير .. ادعوه في مساجدكم، وفي منازلكم، وأينما كنتم .. أدعوه في نهاركم وفي ليلكم، في صلواتكم وخارج صلواتكم، تجدون بركة دعائكم حاضرة وناجزة، إن شاء الله .. أرجو ممن يطلع على خطابي هذا، وهو موافق عليه، مؤمن بما فيه، أن يوزعه على الآخرين، قدر وسعه، وجزاكم الله كل خير.. خالد الحاج عبدالمحمود الدوحة 2/7/2024
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة