جماعة الاخوان المسلمين والحرب في السودان كتبه خالد الحاج عبد المحمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 01:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-26-2024, 02:04 AM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 167

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جماعة الاخوان المسلمين والحرب في السودان كتبه خالد الحاج عبد المحمود

    02:04 AM June, 25 2024

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم
    "وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍۢ"


    لا شيء في وقتنا الحاضر يهم السودان والسودانيين أكثر من الحرب القائمة، وينبغي أن ننشغل بها دائماً، في علاقتنا بالله وفي حياتنا.. ومن المعلوم تماماً أن تنظيم الإخوان المسلمين هو الذي أشعل نار هذه الحرب، وهو الذي يصر حتى الآن على عدم وقفها، وعلى عدم المفاوضات بشأنها.. وهم يزعمون أنهم لن يتوقفوا حتى النصر!!
    نحن هنا ندعوا إلى حوار عام وشامل حول جماعة الاخوان المسلمين وحربهم اللعينة، وهم أساس البلاء في السودان.. الدعوة عامة للجميع، ولكننا نخص جماعة الاخوان المسلمين وندعوهم إلى الدخول في الحوار، بالصورة الموضوعية.. ونحن حسب تجربتنا معهم لا يستطيعون الحوار الموضوعي، لغياب الفكر عندهم بصورة كبيرة، وللتربية السياسية الخاطئة.. فاليدخلوا في الحوار بأي صورة يرونها، وللناس عقول.. فإذا دخلوا هذا هو المطلوب، وإذا لم يدخلوا سيظل الحوار قائماً!!
    ماذا يريد الاخوان المسلمون ؟ الأمر المعلن أنهم يريدون تطبيق شرع الله أو تحكيم التنزيل، كما يقولون.. ولكن ما هو الواقع الحضاري الذي يعملون على تطبيق شرع الله عليه، وما هو هذا الشرع، وكيف يطبقونه؟ لقد حكموا السودان، حكماً شمولياً منفردين ثلاثين عاما، وهذا وقت كافي جدا للحكم على ما يريدونه من الناحية العملية.. هل اقاموا في السودان شرع الله طوال هذه الفترة؟ هل نظام الإنقاذ في السودان كان تطبيقاً للشريعة كما يفهمونها، وكما هي معروفة عند عامة الناس؟ هل من حقهم تطبيق شرع الله على غيرهم ولو بالقوة؟ من اين يستمدون هذا الحق؟ والآن إن الحرب القائمة هي عمل من جانبهم للعودة إلى السلطة، بعد ان لفظتهم ثورة ديسمبر المجيدة، وهذه الحرب هي توكيد عملي لمفارقتهم الخطيرة لمباديء الدين وقيمه.. والآن فالنبدأ من الأساس الذي يقيمون عليه عملهم الديني.
    الواقع الديني والحضاري:
    لا خلاف حول أن اليوم أصبح الناس في فترة من انقطاع الرسل، وقد نصل الدين من حياتهم.. وقد ظل الوضع دائماً بين أمرين، أو بين فترتين.. فترة يسود فيها الدين، وتسمى عهد (بعثة).. وفترة يغيب فيها الدين عن حياة الناس، وتسمى عهد (فترة)، يعني فترة من انقطاع الرسل.. وقد كان آخر عهد بعثة هو ما جرى على يدي النبي الكريم في القرن السابع الميلادي.. وقد نصل المسلمون عن دينهم بالتدريج حتى اصبحوا اليوم في عهد فترة، وقد غاب الدين عن توجيه حياتهم.. وقد أنذر النبي الكريم في أحاديث كثيرة بهذا الوضع الذي اصبح عليه المسلمون.. فالناس اليوم يعيشون في جاهلية ثانية، وينتظر لهم أن يكون فيهم بعثاً جديداً يعيشون فيه الدين في مستوى حاجتهم، ومستوى طاقتهم.. فالاخوان المسلمون يعترفون بأن الدين اليوم غائب عن حياة الناس، واننا نعيش في جاهلية، سموها (جاهلية القرن العشرين).. وقد جرت سنة الله في خلقه أن التحول من عهد الفترة إلى عهد البعثة يكون عن طريق رسول من عنده تعالى، يجدد للناس دينهم، ويخاطبهم بلسانهم، وفق طاقتهم وحاجتهم.. هذا ما ظلت عليه الحياة في الارض دائما، من لدن آدم عليه السلام، وإلى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.. فهل هنالك ما يستوجب تغيير هذه السنة؟ هل يمكن أن يتم بعث للدين في الأرض من دون الله، ومن دون رسول منه؟ هذا مستحيل دينا وعقلاً!! وهذا المستحيل هو الذي يقوم عليه عمل الاخوان المسلمين، وهذه هي مفارقتهم الاساسية وكل مفارقة اخرى تتبعها.. هم يعملون على إقامة دين الله في الارض، دون إذن منه تعالى، ودون رسول منه!!
    في أمر الجاهلية يقول الأستاذ سيد قطب مثلا من كتابه (معالم في الطريق) الطبعة الأولى 1964، يقول: (نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم.. كل ما حولنا جاهلية.. تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم.. حتى الكثير من ما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية وتفكيراً إسلامياً، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية).. إذاً ما العمل حسب التجربة الدينية الطويلة التي أشرنا إليها؟ الخروج من الجاهلية إلى الدين يتم بواسطة رسول مبعوث من الله.. ولكن هذا ليس ما عليه سيد قطب وجماعته، فكيف يرون الخروج من الجاهلية .. يقول سيد قطب: (إن مهمتنا الاولى هي تغيير واقع هذا المجتمع) .. (مهمتنا تغيير هذا الواقع من اساسه).. (إن أولى الخطوات في طريقنا هي ان نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته، ولا نعدل نحن في قيمنا وتصوراتنا قليلاً او كثيراً لنلتقي معه في منتصف الطريق").. (وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله ونفقد الطريق).. ارجوا التمعن في هذه النصوص .. (نحن في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام او اظلم) .. هل هذا صحيح ؟ هل هو موضوعي ؟ إن الاختلاف بين الجاهلية الأولى وجاهلية القرن العشرين كما سموها اختلاف هائل جدا، بل المقارنة بينهما لا تستقيم.. كل هذا التطور الذي حدث في الحياة يلغيه سيد قطب جملة، وكأنه رجس من عمل الشيطان!! وهو من عمل الله تعالى ومن أعظم ما قدمه تعالى لعباده.. ما هو العمل بالنسبة لهذه الجاهلية عند سيد قطب وصحبه؟ هو تغيير هذا المجتمع، والإستعلاء على تصوراته وقيمه وعدم مسايرته في قيمه وتصوراته ولو في خطوة واحدة، فالمسايرة لهذا المجتمع ولو بخطوة واحدة تؤدي إلى: (فقدان المنهج كله وفقدان الطريق)!! فعند سيد قطب وجماعته، هذا التطور، ليس من صنع الله، وهذا يعني أنه دخل في الوجود بغير إرادة الله، ولذلك لا بد من إزالته!! هذا تفكير التوحيد فيه غائب تماما.. فمن بدائه الامور في التوحيد، أنه لا شيء يدخل في الوجود بدون إرادة الله.. وكل ما يريده الله لا بد من ورائه حكمة.. وهذا ينطبق حتى على الكفر، ومن كفر فقد كفر بقضاء وقدر، ومن آمن فقد آمن بقضاء وقدر.. فالتفكير الديني، والتفكير العقلي السليم، يقول إن الحضارة القائمة لها إيجابياتها ولها سلبياتها، وهي قطعاً لم تتم بغير إرادة الله .. فينبغي الأخذ بالإيجابيات وترك السلبيات.. هذا هو التفكير الموضوعي في أبسط صوره.. ولكن الأستاذ سيد قطب، وصحبه، يرون خلاف ذلك.. الجاهلية عندهم يجب أن تتم إزالتها بصورة تامة، وإلا فقدوا المنهج وفقدوا الطريق، حسب تعبير الأستاذ سيد.. ما هو العمل الذي يزيل به سيد قطب هذا الواقع الجاهلي، واقع الطواغيت؟ .. اسمع سيد يقول: (إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعا، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد لا بقهرهم على اعتناق عقيدتنا، ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة.. بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن إستسلامها).. ويقول: (أما حين توجد تلك العقبات والمؤثرات المادية فلا بد من إزالتها بالقوة).. فالتغيير لا بد أن يكون جذرياً، وبالقوة!! وهذا مدخل على موضوع الجهاد أشار إليه بموضوع الجزية والإستسلام .. كيف يتم هذا الامر من الناحية العملية؟! هل تستطيع جماعة الإخوان المسلمين أن تهزم جميع الطواغيت في الأرض بالقوة؟! بداهةً هذا أمر مستحيل.. ربما يقولون إن الله تعالى هو من يهزمهم.. وهذا تفكير أبعد من سابقه!! هم يخالفون أمر الله ويريدون من الله أن ينفذ لهم ما خالفوه فيه؟! المهم أن وسيلة التغيير الوحيدة عندهم هي القوة المادية - التي لا يملكون منها شيئاً - وهذا يقود إلى مفهوم الجهاد بالسيف، عند الاخوان المسلمين.
    الجهاد بالسيف :
    حتى في مستوى الشريعة لم يبدأ الإسلام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالجهاد بالسيف، وإنما استمرت الدعوة بالطرق السلمية طوال فترة مكة.. كما لم تبدأ الدعوة على عهد المعصوم بالعمل على الإستيلاء على السلطة، وفرض التشريع الجماعي، وإنما بدأت بالدعوة إلى التوحيد (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) .. ولكن جماعة الاخوان المسلمين تبدأ بالجهاد بالسيف، وهو جهاد يستهدف كل الطواغيت حسب زعمهم، ولا يستثني المسلمين!! ومنذ أن نشأت الجماعة في عام 1928 وإلى اليوم، لم نر أي صورة لهذا الجهاد ضد الطواغيت الحقيقيين!! كل الجهاد الذي رأيناه من الاخوان المسلمين، هو ضد المسلمين بالذات!! ويبررون حربهم ضد المسلمين، وتقتيلهم!! هذا هو أخطر ما في دعوة الاخوان المسلمين من الناحية العملية.. أما من الناحية الأساسية، والمبدئية، فمفارقتهم في التوحيد، هي أساس كل مفارقة .. فهم لا يردون الأمر إلى الله ورسوله، وإنما يعتمدون على النصوص التي يفسرونها تفسيرا خاطئاً، ولا يردونها إلى أصلها.
    فموضوع الجهاد عند سيد قطب، موضوع شامل ودائم!! فعنده حتى إذا كانت دار الإسلام آمنة أو مهددة من جيرانها، فلا سلام إلا إذا اصبحت جميع البلاد فيها "الدين كله لله" "وعبودية الناس كلهم لله" .. فالحرب عندهم هي الأمر الدائم، يقول سيد: (إذاً هو الشأن الدائم لا الحالة العابرة، لا يتعايش الحق والباطل في هذه الارض).. وحتى يضيف الإخوان المسلمون بقية المسلمين إلى حربهم هذه الدائمة، يبعدونهم أولا من الإسلام.. يقول سيد: (ليس المجتمع الإسلامي هو الذي يضم ناساً ممن يسمون انفسهم (مسلمين) بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون هذا المجتمع وإن صلى وصام وحج البيت الحرام)!! لاحظ ان الكلام دائما عن المجتمع، مع ان الخطاب في الإسلام، وكذلك التكليف للأفراد وليس للجماعات .. المهم ان إسلام المسلمين وادائهم للشعائر لا يعفيهم من القتال!! وهذا بالطبع مخالفة شنيعة للإسلام، فكيف يبررها سيد وجماعته؟ هم يبررونها بتكفير جميع المجتمع المسلم، طالما أن نظام الحكم فيه هو النظام الذي لا يريدونه.
    التكفير:
    ما هو الكفر؟ كفر الشيء يعني غطاه وحجبه.. والكفر شريعةً هو تغطية الله تعالى وحجبه.. وموضوع الكفر موضوع شريعة، موضوع حكم عقلي.. ففي الحقيقة الكفر مستحيل لإعتبارات عديدة منها، ان الوجود كله في الحقيقة، مسلم لله طائع له، الكافر في ذلك، والمسلم، سواء.. وآيات القرآن التي تتحدث عن ذلك عديدة، منها مثلا قوله تعالى: " أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ " فالله تعالى أخطر وأجل من أن ينكره أحد، أو يحجبه أحد بصورة تامة .. ومن كفر، فقد حجب الله بتنزل من تنزلاته، وهو في كفره هذا مظهر لإسم من اسماء الله، هو (المضل).. فالله تعالى إليه يرجع الهدى والضلال "فمن آمن فقد آمن بقضاء الله وقدره، ومن كفر فقد كفر بقضاء الله وقدره".
    الكفر حكم شرعي، مرحلي دخل لحكمة، هي أن يطيع الناس الله عن قناعة، و رضا .. وهذا هو إسلام البشر الذي يقع فيه الإيمان والكفر.. اما الإسلام العام، إسلام الامر التكويني، فلا يخرج منه شيء، وهو ليس به عبرة، وإنما العبرة بإسلام العقول التي تملك شريعةً أن تطيع أو تعصي.. هذه الميزة هي ما تميز البشر على سائر خلق الله .. فالأبالسة ضربت عليهم المعصية، والملائكة ضربت عليهم الطاعة.. أما البشر فقد اعطوا حق أن يطيعوا أو يعصوا .. اعطوا (حق الخطأ).. وبذلك تميزوا عن سائر خلق الله، وأصبح الباب امامهم مفتوحاً للتطور في مراقي الإيمان، إلى غير حد.
    ثم إن الكفر حكم شرعي مرحلي، فجميع البشر في عالم الملكوت شهدوا لله تعالى بالربوبية ولأنفسهم بالعبودية .. ولكن هذه الشهادة في عالم الملك حجبت أو كفرت.. ومن هنا جاء الكفر في الشريعة.. والعمل في الدين كله، هو من أجل رفع هذه الحجب، لنصل إلى الحقيقة.. ومن عجز ن يصل إلى الحقيقة بعلمه، فالعذاب هو البديل.. وحكمة العذاب أن يرد الناس للطاعة.. الله تعالى متكفل بهداية الناس، فهو يقول "إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى* وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى" .. وما على الله لا بد كائن، فإن لم يكن في الأولى سيكون في الآخرة، وما من ذلك بد.
    والكافر ليس هو عديم الايمان، وإنما هو من زاد كفره على إيمانه، فنسب إليه.. يقول تعالى: "وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا" .. ويقول: " فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّۢ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا"
    ثم إن هذا الدين – الإسلام، موعود بالانتصار، بالصورة التي تجعل كل من على الارض يشهد شهادة الإسلام .. يقول تعالى "هُوَ ٱلَّذِىٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا" .. الله تعالى هو الذي ينصر دينه لا نحن البشر " إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ" .. فالموفق هو من يوفقه الله باستخدامه الاستخدام الصالح في نصرة دينه .. والمخزي، هو من يستخدمه الله تعالى في تشويه دينه، والصد عنه وهذا ما نراه في عمل الاخوان المسلمين.
    الأمر البديهي هو: الدين لن يقوم في الأرض، إلا بعد ان يتأذن الله، ويبعث من يأذن له بإقامة الدين.. وأي عمل خلاف ذلك، هو عمل مخالف لأمر الله، ومستحيل أن ينجح في أي شيء إيجابي.
    ثم إن الله تعالى، في قرآنه قد أعطى الناس حق الكفر، فقال تعالى " وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ"، وهذا بصورة مبدئية حق أساسي، ولم يتم النزول عنه إلى الجهاد بالسيف وإقامة الوصاية على الناس، إلا لاعتبارات عملية تتعلق بالقرن السابع الميلادي .. وبعد التآمر لقتل النبي صلى الله عليه وسلم والهجرة إلى المدينة، ظهر ظهورا عملياً للناس أنه في ذلك الوقت لم يكونوا في مستوى استحقاق الحرية، وحق الإيمان والكفر، فصودرت حريتهم وأقيم عليهم الوصي وجاءت آية الجهاد.. ونحن نقول أن الوصاية في كل صورها ليست أصلا، وإنما الأصل المطلوب في الإسلام هو الحرية التامة، ورفع الوصاية عن الناس وهذا ما يناسب العصر.. وهذا على كل حال متروك للنقاش.
    أدب الجهاد بالسيف:
    من المؤكد أن الجهاد بالسيف كان في وقته حقاً، ووردت فيه العديد من النصوص، وقامت عليه الممارسة، لأنه كان أفضل ما يناسب الناس في ذلك الوقت .. ولكن الأفضل بصورة مبدئية عامة هو الحرية والسلام، وهذا منصوص عليه في القرآن، ومأمور به.. يقول تعالى " وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" وأحسن ما انزل إلينا من القرآن هو آيات الحرية والسلام، هذا من حيث المبدأ ومن حيث حكم الوقت، فاليوم تطبيق آيات مصادرة الحرية، والحرب الشاملة أمر مستحيل .. فالجهاد أصلا لم يكن مطلوب الدين الاساسي، وما فرض إلا لاعتبارات مرحلية، واليوم جاء الوقت الذي يتطلب الرجوع لمطلوب الدين الاساسي: الحرية والسلام ..
    الجهاد في وقته كان ديناً يقوم بصورة مبدئية على قيم الدين وأدبه، وعلى رأس هذه القيم خُلوص النية، وإبتغاء وجه الله، ومرضاته، والحرص على إتباع أمره، وترك نواهيه، وطاعة رسوله، في تجرد وتخلي عن أهواء النفوس.. ومن قيم الجهاد التي كان الرسول يربي عليها أصحابه، ما أورده المغداد ابن الاسود، قال قلت: (يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار، فقاتلني، فضرب إحدى يدي بالسيف ثم لاذ عني بشجرة .. فقال: اسلمت لله.. افأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال: لا تقتله!! فقلت: يا رسول الله، انه قطع يدي!! قال: لا تقتله.. فإن قتلته، فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال).. في الواقع، وحسب الشريعة، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مقاتلة من ينطق بالشهادة .. وحديث أسامة ابن زيد بهذا الصدد حديث مشهور فقد جاء فيه: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى الحرقات، فنذروا بنا، فهربوا، فأدركنا رجلاً، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فضربناه حتى قتلناه، فذكرته للنبي فقال: من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟، قال: قلت يا رسول الله إنما قالها مخافة السلاح والقتل، فقال: افلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها ام لا؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ قال: فما زال يقولها حتى وددت اني لم أسلم إلا يوم إذ)..
    وفي حديث ذو الخويصرة، عندما قال للنبي: (أعدل!! قال خالد ابن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟! قال رسول الله: لا.. ولعله يكون يصلي.. فقال.. انه رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه .. فقال رسول الله: إني لم اؤمر ان أنقب قلوب الناس، ولا اشق بطونهم).. وأحاديث في نهي التكفير عديدة، منها مثلا حديث مسلم: (ايما امرؤ قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال أو رجعت إليه) .. وفي حديث آخر: (من قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله) .. اما الاستاذ سيد قطب وصحبه، فيقذفون جميع المؤمنين بالكفر ويقتلونهم .. وعندهم المجتمع الذي لا تكون فيه الحاكمية لله، مجتمع كافر، وإن صلى أصحابه وصاموا وحجوا – راجع نص سيد اعلاه..
    ونحن هنا نورد نماذج لأدب الجهاد.. ورد أن علي ابن ابي طالب في أحد الغزوات، صرع أحد الكفار، واعتلاه، وعندما رفع سيدنا علي سيفه ليغمده في صدره، بصق الكافر من تحته في وجهه، فما كان من سيدنا علي إلا ان نزل من فوق الكافر، ولم يضربه، الأمر الذي أدهش الكافر والمؤمنين معاً.. وعندما سئل سيدنا علي عن تصرفه، قال انه عندما كان يريد قتل الكافر، إنما كان يريد قتله في سبيل الله، ولكن عندما بصق الكافر في وجهه، خشي أن يقتله انتقاما لنفسه ولذلك تركه!!
    يلخص لنا المقدم محمد فرج، القيود والآداب، والشروط الأساسية والتي وضعها الإسلام للحروب الجهادية في كتابه (السلام والحرب في الإسلام) ، فيقول: (فالإسلام قصر الحرب على الجيش المحارب، فلا يجوز التعرض للنساء والاطفال والشيوخ والرهبان.. وروي عن الرسول انه قال : "لا تقتلوا الولدان ولا اصحاب الصوامع" و روي ايضا "لا تقتلوا شيخا فانياً ولا صغيرا ولا إمرأة" .. واخرج مسلم عن بريدة قال: "كان رسول الله إذا أمر الأمير على جيش او سرية اوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله تعالى، وبمن معه من المسلمين خيرا ثم قال: "اغزوا بسم الله، في سبيل الله .. قاتلوا من كفر بالله.. اغزوا ولا تغلوا، فلا تغدروا ولا تمثلوا .. ولا تقتلوا وليدا" .. ولقد أوصى أبوبكر أسامة ابن زيد فقال: "لا تخونوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا إمرأة، ولا تقطعوا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعير إلا للأكل" .. وقد جرم الإسلام تحريق المقاتلين بالنار، فالنار لا يعذب بها إلا الله .. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بحرق نخل بني النضير أثناء حصاره لهم بقصد حملهم على التسليم فلما رأو ذلك قالوا له: إنك تنهي عن الفساد في الأرض فما بال قطع الاشجار وتحريقها؟ فأمر الرسول بالكف عن التحريق ونهى عن التخريب في بلاد العدو.. كما ان الإسلام يمنع استخدام الطعام كسلاح بتجويع الأعداء.. فقد منع ابو ثمامة ابن آثال الميرة عن قريش فأخذهم الجوع حتى أكلوا الجلود والجيف .. فذهب ابو سفيان إلى النبي وشكاه فأمره الرسول ان يرسل الميرة إليهم .. كما امر الإسلام بالوفاء بالمعاهدات والعهود .. وامر بإعلان الحرب قبل البدء بالقتال، وأمر بحسن معاملة الاسرى ..... الخ)..
    هذه بعض آداب الجهاد في الشريعة .. والاخوان المسلمون، في جهادهم المزعوم يخالفون جميع هذه الآداب .. فعملهم في الجهاد لا علاقة له من قريب أو بعيد بجهاد الشريعة .. وعلى كل، هم يجاهدون المسلمين ويقتلونهم، وإن نطقوا بالشهادة وادوا جميع الشعائر !!
    انا اقف عند هذا الحد .. وقد قصدت أن تكون كتابتي مبسطة ومباشرة من أجل الحوار
    والآن: هل يحق للاخوان المسلمين اقامة شرع الله على غيرهم، دون إذن من الله ؟! انا اعتقد هذه أكبر مفارقاتهم على الإطلاق، فمن المستحيل إقامة دين الله في الأرض دون إذن من الله، ودون رسول مأذون منه تعالى.. هذا عمل فيه وصاية على الله نفسه، ومن يريد أن يكون وصيا على الله من المستحيل ان يفلح، ومن المستحيل أن لا يعمل على جعل نفسه وصيا على خلق الله .. فمن أين أعطى الاخوان المسلمون انفسهم هذا الحق؟ أنا أعلم أنهم يرجعون إلى النصوص، يفسرونها حسب اهوائهم .. هذا امر لا يفيدهم في شيء .. فلا توجد أي نصوص تحدد بصورة واضحة الأمر للاخوان المسلمين، أو غيرهم، بالذات، ان يقيموا دين الله!! سيقولون ولكن ماذا نفعل؟ اقيموا الدين في انفسكم اولا، واتركوا ما لله لله.
    ثانيا، هل يجوز دينا تكفير من يشهد الشهادة ويقوم بالشعائر كما يفعل الإخوان المسلمون؟ هل العمل لإقامة شرع الله يعطيهم هذا الحق الذي حرمه الله و رسوله ؟ كيف يبرر الاخوان المسلمون تكفيرهم للمسلمين، وقتلهم، وهو قتل يطال المسالمين غير المحاربين؟!
    لماذا لا يجاهد الاخوان المسلمون الكفار وأصحاب الأديان من اليهود أو المسيحين حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون كما هو في النص ؟ وهل هذا عمليا ممكن مع تطور الاسلحة الحديثة ؟
    حكم الاخوان المسلمون السودان ثلاثين عاما، فهل يستطيعون أن يبينوا لنا ما هو شرع الله الذي اقاموه في السودان .. نشاطهم كله يقوم على طلب السلطة الزمنية باسم الله وباسم الإسلام، وبدون أمر من الله ولا فهم سليم للإسلام.
    في تقديري ان عمل الاخوان المسلمين قد انتهى بنهاية حكمهم في السودان، وهم يشعرون بذلك، ويحاولون جاهدين الاستمرار في الحكم، ولكن لن يبلغوا من ذلك طائلا.. وكانت ضربتهم الأساسية هي ما تم لهم من اطاحة نظام مرسي وما عقبه من احداث، وقد اكتملت الصورة بنهايتهم في السودان .. فهم قد خرجوا من قلوب المسلمين، خصوصا في السودان، ولكنهم طالما انهم يتمسحون بالاسلام ويخدعون الناس به، فلن يتم خروجهم إلا من بعد أن يخرجوا من عقول المسلمين في السودان وفي غير السودان تماما، وذلك بالفهم الصحيح للإسلام الذي يبين انهم ليسوا منه في شيء .. وهذا ما نحن بصدده في هذه المساهمة
    موضوعنا الاساسي هو الحرب في السودان، ولكننا نحب ان ندخل على هذا الموضوع بتحديد فكر الاخوان المسلمين عن الحرب وما يتعلق بها من تكفير، ثم سنرجع إلى الموضوع المباشر عن الحرب في السودان.
    نرجوا أن تشعل هذه المساهمة نور الحوار الفكري، الحر الرصين، الذي يعطي قضيتنا في السودان ما لها من أهمية، ومن خطورة .. وبالطبع باب النقاش مفتوح للجميع في محتوى ما طرحناه، أو في غيره مما له علاقة بالموضوع، ولكننا نحب دخول الاخوان المسلمين بالذات في الحوار، لأن الأمر متعلق بهم .. ولكنهم دخوا أو لم يدخلوا، الحوار سيستمر..
    وشكرا.
    خالد الحاج عبد المحمود
    الدوحة
    25 يونيو 2024























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de