* من سخريات القدر، في الراهن السوداني، أن يضع المواطن العادي معادلةً ينقلب فيها سالب السالب إلى موجب، بمقياس ما أحاقنا من أوجاع باسم ميليشيا الجنجويد و مقياس أوجاع باسم نظام الفلول الفاسد (جداً جداً)، وقديماً قال الشاعر "...... وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُ”.. ويقول المثل:- (إن بعضَ الشَرِّ أهونُ من بعضِ)!
* هل تصدق أن هناك من يجرفهم الحنين إلى أيام نظام الفلول (الفاسد جداً)؟! كان الفساد شائع جداً في العهد الفاسد جداً جداً، ويراه الناس، من بعيد، في عمارات (التمكين) الشاهقة جداً وعربات التمكين الفارهة جداً والثياب الفاخرة جداً، وفي كل ما هو شامخ جداً، و أموال التمكين والتكويش تنهال على أهل الولاء للحزب الحاكم بلا حساب.. صاروا هم الأغنياء جداً، بعد فقرٍ مدقعٍ جدا ًجداً.. و في لمح البصر، أزال النظام الطبقة الوسطى من الوجود في السودان.. وأجلس مواليه في دست الطبقة العليا، ليصبح كل الشعب قابعإ في الطبقة الدنيا جداً..
* وجاءت ميليشيا الجنجويد لتقلب الدنيا وتسوطها.. ضربت الطبقتين، ودمرت الحياة تدميراً ساحقاً.. وهددت وجود الناس كافةً، بل و وجود السودان ذاته، على وجه الخصوص..
* ظل القحاتة صامتين عن إدانة الجنجويد .. كانوا يأملون أن ينتصر الشر على الخير.. خاب فألهم، فدبّ اليأس في نفوسهم.. واليوم نرى بعض القحاتة ينسلون من صف الجنجويد ويظهرون شيئاً من الحياد المغموس في نوايا مرتبكة، ونسمعهم يشبهون ميليشيا الجنجويد بتنظيم داعش والكيزان!
* رأيهم أتى متأخراً كثيراً، وكان خيراً من أن ألا يأتي إطلاقاً..
* و ليس سراً أن تنظيم داعش إحتكر الإرهاب باسم الدين، بمفهوم معكوس لمقاصد الدين و حياة الإنسان والمثل و القيم العليا.. أما ميليشيا الجنجويد فقد نشأت في عالم بعيد مختلف عن عالم الدين والحضارة والتمدن، عالم فيه النهب غنيمة والقتل رجولة وسفك الدماء جزء من الحياة.. ومع دخولها المدينة اختلطت عليها مفاهيم المدنية والديمقراطية، بلا عمق تاريخي تتكئ عليه، ففي تلافيفها تتجذر شناعة و وحشية تفوق شناعة الضباع و الذئاب و أشرس الوحوش الضارية وأشد الثعابين السامة سميةً..
* و القتل و النهب والاغتصاب من السمات التي تعلو فيها ميلشيا الجنجويد على جميع الوحوش الكاسرة، فهي تقتل، عن قصد، ثم تقتل خبط عشواء.. و هي تسرق السيارات والبنوك وتدخل البيوت الآمنة وتغتصب وتسبي الجميلات و تطرد السكان الآمنين، وتخرب المصانع وتحرق المتاجر، ولا تترك شيئاً ذا قيمة حضارية إلا وتركت عليه بصمتها من الدمار والتخريب..!
* لا تحاولوا البحث عن نعوت العُهر والشتيمة تلصقونها في الدواعش وفلول النظام (الفاسد جداً) كي تخففوا من غلواء ميليشيا الجنجويد في حق إنسان السودان.. لا تحاولوا إبعاد الأنظار عن فظائع الميليشيا إلى جرائم غابرة نسيها الناس عن الفلول والكيزان..
* كلما فعلتم ذلك انهمرت الذكريات على نفوسٍ كانت مطمئنة رغم فساد الحكم والحكام، حيث كان لا أحد يخشى على روحه وعرضه وبيته وماله.. وحيث لا مغتصب يقتحم البيوت ويطرد الأسر.. أيامَ كان الفساد والإفساد محصوراً في المكاتب والدواوين الحكومية.. أيام كان الأمان يغطي النفوس تغطية راسخة نوعاً ما..
* فقط عليكم أن تعلموا أن هناك من يجرفهم الحنين إلى أيام نظام الفلول (الفاسد جداً) جرفاً قوياً..
* قد تقنعنا بأن الفلول و الكيزان (خلقوا) الجنجويد من لا شيئ، out of thin air، لكنك لن تستطيع أن تدافع عن من ظلوا يدافعون عنهم في كل المحافل المحلية والدولية، حتى الآن، مباشرة أو غير مباشرة، باسم الديمقراطية والمدنية.. واعجب بمن يدافعون عن الجنجويد بالتنديد بالكيزان تلميحاً أو تصريحاً!
* لن يجديكم البحث والتنقيب عن فساد و خساسات الفلول والكيزان نفعاً.. فقد قُبِرت خساسات الفلول، دفنها انحطاط ميليشيا الجنجويد وسقوطها المدوي في جميع أركان الدنيا الأربعة..
* و لن ينقذ تورطكم مع الجنجويد تنصلكم من الورطة بتشبيه الجنجويد بالدواعئش ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة