إن رفض الحكومة السودانية الذهاب الي منبر جدة هو موقف يستحق الاشادة لانه ظل التعامل مع السودان وشعب السودان كانه قاصر الفكر والإرادة، ويراد للسودان ان يطيع وينفذ الاوامر التي يفرضها الآخرون والتي تبني وفق مصالحهم هم دون ادني اهتمام بمصالح السودان ومواطنيه، لذلك نجد أن العمل السياسي جرى العرف على الفصل بين خطاب العواطف والدبلوماسية، بمعنى أن العمل السياسي يلزمه دبلوماسية "بغرض التواصل ولا تواصل" بالتأكيد يكون ذلك في ظل سيطرة العاطفة والقناعات المسبقة، من هنا جاءت إحدى أهم قواعد السياسة وهي الفصل بين القناعة الذاتية والقرار ، فالأولى ملك شخصي لك ، بينما الثانية هي حق للآخرين، فما تعتقده بالباطن لا يمكن الاعتماد عليه كجحة في القرار، عندما بحث الأولون في تجديد الخطاب الديني ذهب الإمام أبو حنيفة النعمان لإقرار هذا المعنى وقال بأن (الأعمال بالظواهر) وليست بالنوايا، وقام برد واستنكار حديث الأعمال بالنوايا وصار المذهب الحنفي الأول معتمدا على مركزية الظاهر في تأويل فعل الإنسان وبناء على هذا الظاهر يكون العمل السياسي والحكم الديني لأن الباطن لا يعلمه إلا الله، ولا يجوز الحكم بناء على دليل مجهول هذا العبارة "الأعمال بالظواهر" ليست ظاهرة دينية وهي كانت كالتي كان عليها العالم "ابن حزم الأندلسي" ويمكن ان نسميها او نطلق عليها بانها ظاهراة فكرية أشبه بالتي كان عليها الفيلسوف "ميرسيا إلياد" وجعل لها نظريات او نظًرإليها في كتبه، وتختصر هذه الظاهرة قصة فعل الإنسان وتنقله من الذات إلى الموضوع، بمعنى أنه يجب الحكم على أفعال الناس بناء على ما فعلوه وينتجوه وليس بناء على ما يقولوه ويظنوه من يقفز على هذه الحوارات والجدل الفلسفي لا يعرف معنى السياسة، وسيندفع رغما عنه للاحتراب والعراك مع أي مختلف في مختلف الشؤون السياسية او الفكرية او الثقافيه وربما تكون أكثر حدة في الشؤون الدينية وخصوصا المتعلقة بالعقيدة، فيمكننا القول ان السياسة باختصار هي التي تعلمنا قبول الآخر وتناوله كإنسان له حقوق، وما عدى ذلك ليس من السياسة في شئ بل أقرب لبهيمية العصر الحجري والدكتاتورية ومصادرة حق الفكر والبحث والسيطرة والهيمنة علي العقول او بعبارة اخري كل من ليس معنا فهو ضدنا ومن هنا تصنع العداوات وتصير للبغضاء والكراهية اعشاش في القلوب وخصوصا تلك المواقف التي تصدر احكام بتكفير طائفة او فرد او تكفير معين معروف باسلامه، او تلك المجموعات التي تتبني خطاب الكراهية باسلوب ومنهج سياسي فحتما ان الضرر سوف يكون كبيرا علي الوطن والمجتمع، اذا فهل السلام ياتي في كل الاحوال بقوة السلاح ونار الحرب؟ لا اظن ذلك!! فانه وان اتي بفوهة البندقية فأنه لن يدوم طويلا ولكن السلام الذي بالتراضي والحوار السياسي والاعتراف بالحقوق ويكون محاط بالعدل واحترام الاخر وتكون غايته الامن والسلام والانصاف وسلامة الوطن و الانسان لكي يعيش في امن وامان وسلم وسلام هو ذلك السلام الذي سوف ينجح ويمكث في الارض واما الزبد فيذهب جفاء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة