من الحوار الذى أجرته قناة العربية الحدث مع الجنرال ياسر العطا (25 مايو) عضو مجلس السيادة، يتضح الاحجام المتعمد للمكون العسكري الذى يحكم السودان عن المخاطبة الجادة والصريحة للمواطنين السودانيين؛ فالمواطنون، الذين يقدر الملايين منهم نازحين داخل البلاد او خارجها، يعانون كثيرا من الإدارة البائسة للبلاد والظروف العصيبة التي تمر بها نتيجة للحرب الدائرة بين الجيش والجنجويد والتي دخلت عامها الثاني.
والسؤال المطروح لماذا لا تكون مثل هذه المخاطبات من خلال الأجهزة الإعلامية المحلية التي يغيب عنها حتى هذه اللحظة ظهور الجنرالات المسيطرين على زمام السلطة السياسية في لقاءات إعلامية تجيب على الأسئلة التي تتعلق بالأحوال التي يتجه فيها السودان نحو التفكك والانهيار الكامل والتهجير القسري لأهله؟ كتبت الأستاذة عواطف عبدالله قائلة أن التلفزيون السوداني ” ظل يلاحق مجلس السيادة رئيسه وأعضاءه لإجراء مقابلة لمعرفة ما يدور في كابينة القيادة ولتطمين الشعب السوداني وأحاطته بمالات الحرب، هل تصدقوا ان التلفزيون الرسمي لم يحصل على موافقه. التلفزيون اوفد فريقا للعمل الي امدرمان ظل مرابطا لأكثر من ثلاثين يوما وفشل في إجراء مقابله مع الفريق العطا عاد الوفد وبدأت مكاتبات وإجراءات ثانية لإجراء مقابله مع العطا وايضا فشلت وقبلها مع الكباشي وايضا فشلت“ – تلفزيون السودان يفشل وتنجح قناة العربية - تاق برس 26 مايو.
لم يشمل الحوار التساؤلات التي تدور في ذهن أبناء الشعب الذى دمرت الحرب حياته ولم يعد يستوعب ما يدور حوله. ومن هذه التساؤلات موضوع البطء في عمليات الجيش ضد عصابات مليشيا الجنجويد واقصاء القوى الشعبية عن المشاركة في إدارة البلاد اذ أن القرار في يد المكون العسكري فقط، فمثلا قرار المكون العسكري (لوحده) اصدار دستور جديد في محل الوثيقة الدستورية. كما كانت بعض إفادات العطا غير صحيحة فيما يخص انحياز قيادة الجيش للإسلاميين حيث برر هذا الانحياز بطريقة ساذجة وهى أن كتائب الاسلاميين تقاتل مع الجيش بعد إحاطة قادتها بانهم سوف لن يتمتعوا باي استحقاقات سياسية عقب نهاية القتال!! كذلك كان ساذجا وهو يحاول تبرير المظهر البائس الجنود عندما ذكر ما معناه ” أن الجنود معروف عنهم انهم شجعان ولا يحتاجون للخوذات مثلا“. كما ادلى الجنرال بما يمكن ارجاعه لمحدودية متناهية في التفكير عند تناول المسائل السياسية وذلك عندما ذكر بانهم يجرون اتصالات حثيثة مع روسيا لمنحها قاعدة عسكرية في السودان، ويضيف قائلا اين المشكلة في أن يكون لروسيا أو لأمريكا وحتى لمصر قواعد عسكرية في السودان!!
ثم ينبري الجنرال العطا للدفاع عن الجنرال البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، في إجابة على سؤال يتهم الأخير بما اسمته المحاورة بانه باع السودان للقوى الاجنبية. والسؤال يتعلق في النهاية بعلاقات السودان مع الدول الخارجية ووقع ذلك على مجريات الأمور في السودان. ومحاولة العطا رد تهمة الخيانة الموجه للبرهان لا تصمد امام موقف رئيس مجلس السيادة الغامض من دولة الامارات العربية المتحدة ( وطبعا الأسباب واضحة لعدم اثارة هذا الموضوع في حوار قناة الحدث) .
ان البرهان ظل يمارس التدليس بادعائه المتكرر بانه يعمل على الحفاظ على سيادة السودان في الوقت الذى يحتفظ فيه بعلاقات دبلوماسية مع دولة الامارات التي ما زالت حتى هذه اللحظة تمد مليشيا الجنجويد بالسلاح لمواصلة المزيد من تدمير البلاد والتنكيل بالمواطنين. وجدير أن الطلب الذى قدمه السودان لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث عدوان الإمارات على الشعب السوداني بتزويد مليشيا الجنجويد بالسلاح والمعدات، لم يجئ الا بعد مذكرة دولة الامارات لمجلس الامن تنفى فيها الاتهامات التي وجهها لها الجيش بدعم المليشيا. كما جاءت بعد وقت طويل بعد أن انتشرت في الدول الغربية والافريقية المعلومات والوثائق التي تؤكد ان الامارات تقدم للمليشيا كميات ضخمة من العتاد الحربى بشكل متواصل، بالإضافة الى مذكرة من بعض أعضاء الكونجرس الأميركي ( ديسمبر 2023) إلى وزارة الخارجية الإماراتية تطالب بوقف تقديم الدعم العسكري لمليشيا الجنجويد. لكن حتى بعد ان تدخلت بريطانيا في جلسة مجلس الامن (ابريل 2024) لمناقشة طلب السودان ونجاحها في تغيير طبيعة الاجتماع ليصبح اجتماعا عن الأوضاع في السودان عامة ومنطقة الفاشر خاصة، لم يزد رد فعل السودان على تأسف وزارة الخارجية السودانية في بيان لها (30 أبريل) على الموقف البريطاني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة