* قال جو بايدن أن الحريق الذي نتج عن قصف إسرائيل مخيم لاجئين فلسطينيين واستشهاد ٤٥ فلسطينياً في رفح، ليس إبادة جماعية، بينما العالم كله يعتبره إبادة جماعية..
* لم يخرج بايدن، في هذا القول، عن الوقاحة والعنجهية الأمريكية التي أصبحت تلازم السياسية الأمريكية في العالم، قولاً وفعلاً.. و مع أن العالم يشهد أن في قول بايدن وقاحة سافرة، لكن لا أحد جَرُؤَ وقال له:- أنت وقحٌ يا بايدن!
* وأنا هنا أقول أن بايدن كان وقحاً بما فيه الكفاية، ثم أقول لقادتنا اطرحوا جانباً أي دبلوماسية مرتعشة مع قادة أمريكا، وابعدوا الكلام الهيِّن الليِّن عند إجراء أي حوار معهم، كي تحافظوا على ما تبقى من كرامةٍ ظلت تتبدد، على مدى ثلاثين عاماً ونيف، بفعل جبن وخَوَر نظام الانقاذ (المنحل جداً).. فأنتم الآن تمثلون الشعب السوداني، كل الشعب السوداني، تمثلونه بواقع الشريعة الشعبية التي أتتكم منقادةً، رغم أنف كل دعيٍّ و دعيِّة يقولون غير ذلك... . * لم يكن الشعب معكم، بل كان، في غالبيته الغالبة، ضدكم، تبعاً لبعض الرؤى التي ليس الوقت الراهن وقت الحديث عنها، لكن الحرب المفروضة على الشعب، يوم الخامس عشرة من أبريل عام ٢٠٢٣، أحدثت تغييراً جوهرياً في الرؤى بعد أن صارت البلاد كلها في خطر داهم، خطر أجبر الشعب على الإختيار بين الوجود والعدم، إختيارٍ فرضه الغزاة الاستيطانيون، ومِن ورائهم دولة الإمارات التي تعمل وكيلةً لأمريكا في المنطقة، فاختار السواد الأعظم من الشعب اللجوء إليكم، ثم الوقوف معكم بل و صار منكم، وبذلك منحكم الشرعية الشعبية، وشرعيتكم التي أراها الآن شرعية تفوق أي شرعية قانونية تأتي بالانتخابات، لأنها تكاد تضم جميع الأحزاب والكيانات السودانية..
*نعم، الشعب معكم بكلياته، و يبارك موافقتكم على السماح لروسيا بإنشاء منفذ، بل قُلٰ: قاعدة عسكريّة، في البحر الأحمر، خاصة وأن روسيا قد وعدت بإمداد السودان بما يحتاجه من سلاح، إمداداً (غير محدود!).. وما أحوج السودان إلى إمداد (غير محدود) للسلاح، إمدادٍ يضارع الإمدادات الإماراتية (غير المحدودة) لميليشيا الجنجويد بالسلاح، لإجبار الحكومة على العودة إلى منبر جدة في ثوب جديد يضم سياسيين مدنيين وعناصر إقليمية تميل ميلاً شديداً لأمريكا التي تحاول إنتزاع الشرعية من الحكومة وإعادة الشرعية لميليشيا الجنجويد و القحاتة.. ألا بئس ما تخطط له أمريكا بايدن!
* كتبتُ مقالاً في ديسمبر ٢٠٢٢ حول الصراع الروسي الأمريكي للاستحواذ على مناطق استراتيجية في السودان، وأقتطف أدناه من المقال، بتصرف طفيف:- * ".. تتنافس أمريكا مع روسيا والصين للاستحواذ على مناطق نفوذ جيوإستراتجية في السودان ، وكلاهما يعملان على احتواء موقعِ السودان الممّيز جغرافياً، واستغلال موارده المهولة، غير المستغلة، عبر قادته المرتعشين، إما بمغريات مادية أو بتخويف القادة بتسليط سيف العقوبات الأمريكية و المثول أمام محكمة الجنايات الدولية على رؤوسهم.. * وقد ظهر الصراع بين روسيا وأمريكا، لإحتواء السودان ، عقب سقوط نظام البشير.. وبلغ الصراع أشده ، على شاطئ البحر الأحمر ، إذ رست في ميناء بورتسودان ، في فبراير عام 2021م ، الفرقاطة الروسية “أدميرال غريغوروفيثش”، وبعدها رست سفينتان حربيتان أمريكيتان هما سفينة النقل السريع “كارسون سيتي”، التابعة للبحرية الأمريكية ، والمدمرة الحربية “ونستون تشرشل”.. * وحول ذلك الصراع جاء في صحيفة (فورين بوليسي) أن مسؤولاً بارزاً في البنتاغون تحدث أمام الكونغرس الأمريكي بقوله: «يدرك خصومنا جيدًا الإمكانات الاستراتيجية لإفريقيا ويكرِّسون الموارد والوقت لتعزيز شراكاتهم في القارة ، وكجزء من مشاركتها ، تقدم روسيا والصين بشكل روتيني مواد تدريبية ودفاعية للدول الإفريقية».. * تلك هواجس أمريكية أثارتها محاولات روسيا بناء قاعدة عسكرية ، على الجانب السوداني من شاطئ البحر الأحمر ، وتقول صحيفة (فورين بوليسي) أن المسؤولين الأمريكيين “كانوا يراقبون صفقةً تم الإعلان عنها بين موسكو والخرطوم ، في أواخر عام 2020م ، تمنح روسيا قاعدة عسكرية .. وأن البرهان ، رئيس مجلس السيادة ، كان يحاول تجنُّب إثارة غضب الدول الغربية وحلفائه الإقليميين”.. * وقال مسؤول استخباراتي أمريكي في تصريحات للصحيفة : “إن قادة الجيش السوداني مترددون جدًا في منح الروس الوصول إلى هذا الميناء. ويواصلون تكتيكات التأخير”.! . وتقول مجلة "فورين بوليسي" عن مسؤول (لم تسمه)، قال: "إن قادة الجيش السوداني مترددون جداً في منح منفذ لروسيا في الميناء، لكنهم يواصلون تكتيكات التأخير والمماطلة واستخدام أساليب التأجيل!! * ولترسيخ الوجود الأمريكي في المنطقة ، سافر القائم بالأعمال الأمريكي ، برايان شوكان ، واستقبل المدمرة “ونستون تشرشل” في بورتسودان ، مؤكداً أن زيارة السفينة زيارة تاريخية تظهر دعم الولايات المتحدة (للإنتقال الديمقراطي) في السودان ، وتظهر رغبة الأمريكان في قيام عهد جديد من التعاون والشراكة مع السودان.. * إن مفردة (للإنتقال الديمقراطي) هذه تعني ، ضمن ما تعني ، إبعاد روسيا عن البحر الأحمر.. وهكذا إنتصرت أمريكا على روسيا فلم يتم بناء القاعدة الروسية في بورنسودان * وبالأمس الأول، وقَّع البرهان الصفقة التي تم الاعلان عنها في عام ٢٠٢٢، والخاصة بمنح روسيا قاعدة عسكريّة في بورتسودان، فانتصرت روسيا على أمريكا بالهجمة المرتدة.. * لم تكن للجنرالات شرعية شعبية في عام ٢٠٢٢، ولكن الشرعية الشعبية التي اكتسبتها حكومة (الأمر الواقع)، بعد حرب ١٥ أبريل، أعطتها قوة التوقيع على اتفاق منح القاعدة لروسيا..
* إن الغطرسة والإملاءات الامريكية مرفوضة رفضا ًصارماً بكل المعايير.. ونلمس تلك الغطرسة والإملاءات الأمريكية بوضوح في التحذير الذي صدر من النافذ الأمريكي للقادة السودانيين من الإقدام على عقد أي صفقة مع دول (مثل) روسيا ، وقد أتى التحذير في الوقت الذي كان فيه البرهان يتأهب وقتها للقاء الرئيس الصيني، شي جين، في الرياض..!
* و نلاحظ أن أمريكا لم تمارس عنجهيتها، على الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي، الذي سبق و وقَّع مع الرئيس الصيني اتفاقيّات بقيمة 30 مليار دولار، كما سمح الأمير بتوقيع 35 اتفاقيّة استثماريّة بين شركات سعوديّة وصينيّة خلال زيارة الرئيس الصيني للسعوديّة..
* وجاء في الأنباء أن بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، هاتف البرهان وطالبه بإنهاء الحرب (بشكل عاجل) وبإستئناف المفاوضات في جدة وووالخ.. فقد ظن بلينكن أنه كان يهاتَف أحد مرؤوسيه ويصدر إليه الأوامر لم تعد تجدي مع البرهان بعد أن صار البرهان يمتلك الشرعية الشعبية، يمتلكها رغم كل دعيٍّ وكل دعيَّة من عملاءِ عميل أمريكا، محمد بن زيد.. * و لدى السودان امكانات جيواستراتيجية و اقتصادية هائلة، لم تُستغل بعد.. ووفق امكاناته هذه يتوجب أن يتعامل قادته مع قادة الدول الأخرى تعامل الند للند لا تعامل الشحاذ مع المانح، وتظل المصالح هي الحاكمة للعلاقات الدولية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة