الذين تعلوا أصواتهم مطالبين بوقف الحرب، كيف ما اتفق، مطالبتهم هذه فيها تعجل غير مستوعب للتناقض الجوهري، المتمثل في انها حرب، ليست ضد نظام سياسي او اطراف فيه، بل هي حرب ضد الدولة السودانية ككيان، كمؤسسات،حرب ضد مجتمع، لذا تم التخطيط لها بدقة لتكون داخل العاصمة وداخل المدن، ليتحول التأمين العسكري الموكل لقوات الدعم السريع، الى قوات احتلال وسيطرة عسكرية ونهب وترويع وهتك للأعراض و تهجير قسري للمواطنين من بيوتهم واحلال جماعات غازية من المرتزقة او سودانيين . لازالة كيان الدولة المؤسسي وتغيير وديمغرافيته في المدن الكبيرة. لذا هاجموا وحرقوا السجل المدني وتسجيلات الاراضي وحرقوا المكتبات ودار الوثائق وخربوا المتاحف وخربوا الجامعات والمستشفيات وقتلوا ويقتلون المدنيين العزل غيلة... الخ.. هذه، جميعها، وقائع ماثلة على الارض، وليس تحليلا خاصا يثور حوله الخلاف..الذين لا يرون في كل هذا الا انها حرب بين جنرالين، فهم، إما يعيشون بعيدا منفصلين عن الواقع، واما انهم منحازون ومشاركين للدعم السريع، سواء ادركوا هذا الانحياز وهذه المشاركة او لم يدركوها، لأنها النتيجة الطبيعية لموقفهم... كما ان اصحاب هذه الاقوال لم يتمكنوا من ادراك ان الخلاف مع قيادة القوات المسلحة السودانية، في ظل الاحداث الراهنة، يعتبر خلافا غير جوهريا، لان الجوهري الان هو حماية الدولة ووقف تدميرها، و وقف تهجير المواطنين وحمايتهم من التصفيات الجسدية،، ،اما محاسبة قيادات من الجيش على فض الاعتصام والارواح التي ازهقت و محاسبتهم على انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ وما تلاوة من اعمال قتل للمحتجين المدنيين، فهذه جميعها لا تسقط.. اما الان فالقوات المسلحة السودانية هي من يتحمل الحفاظ على السودان كدولة لها سكانها ومؤسساتها وتتولى حماية المواطنين ووحدة الوطن.. لذا فإن الواجب الوطني، الذي لا يعلو عليه واجب آخر، هو دعم القوات المسلحة السودانية.. الزعم ان الحركة الاسلامية "الكيزان" هم من اشعل الحرب، هو قول لا يتعدى تبرئة الدعم السريع من جريرة التخطيط المُحكم لحرب المدن هذه واعفائه ومن مسؤولية ما ارتكبوه،وتبرئة قيادة الدعم السريع من اطماعهم في الحكم والسيطرة. كما فيه جعل الجيش تابع للكيزان يساق!.. الكيزان هزموا سياسيا وسقط مشروعهم قبل سقوط سلطتهم في ابريل ٢٠١٩ وتفرقوا تنظيميا وسياسيا.وتم القبض على قياداتهم وقدموا للمحاكمات العادلة. فإن كان لهم صوت ووجود بعد اندلاع الحرب يساندون القوات المسلحة، فهذا من ما تفرزه عادة الصراعات العسكرية والسياسية، حين تتوجِد مصالح آنية مشتركة من غير ان يخطط لها، ولكن الواقع افرزها، شأنهم في ذلك شأن المكونات القبلية الحركية التي تقاتل الان مع الجيش السوداني،ففي غرب السودان قاتلت حركة عبد الواحد نور في خندق واحد مع الجيش، وهذا ما فعلته وحدات من حركة الحلو في جنوب كردفان عند مواجهتها قوات الدعم السريع ،والحركات المسلحة الاخرى،والقبائل والمواطنين،،جميع هذه المكونات، هبت للدفاع عن النفس، الارض والعرض .. في هذا السياق يجب النظر إلى تواجد او مشاركة الكيزان في الاستنفار العام،ومشاركة جميع المذكورين تتم تحت قيادة واهداف وشعارات وتخطيط الجيش السوداني.. هذا ما فرضه واقع الحرب والمعطيات التى فرضها واقع التكتلات الذي ساهمت في صنعه، بتطرف، "قحت/تقدم"، والمواقف المتطرفة، الحدية التي انتهجتها قحت، وموقفها من هذه الحرب، سيطر عليها حساب خاطئ، مخدوعا متوهما ان قوات الدعم السريع والدولة الداعمة لها، تقف مع التحول الديمقراطي!! لم يعرف في يوم ما ان قيادة قوات الدعم كانت مناضلة من اجل الديمقراطية او انها ضد الكيزان.كذلك قحت مطالبة بأن تعلن موقفا رافضا لما تروج له قيادة الدعم بأنها حرب ضد الكيزان والفلول،فالصراع ضد الكيزان والفلول هو صراع مدني،سياسي،فكري،وليس عسكري دموي،ليس فيه تصفيات جسدية واغتيالات،فإن لم تتدارك قحت و تعلن معارضة ورفض ما تروج له الدعم في قولها هذا لتبرير حربها،فإن هذا يعني ان قوى قحت سوف تتعرض لذات النهج التصفوي المسلح متى ما نشب الخلاف بينها وبين قيادة الدعم!. كما من الزائد ان نذكر ان الدولة الداعمة كانت دائما ضد الانظمة الوليدة التي ارادت ان تؤسس للحكم الديمقراطي التعددي، فالواقع يشهد بذلك في جنوب جزيرة العرب وشمال افريقيا. لذا فسوف تجد قوى قحت، في وقت قريب، انها استغلت من قِبل قيادة الدعم والدولة الداعمة لتمرير السيطرة على الدولة السودانية. لأنها حرب ليست ضد نظام سياسي، بل حرب ضد مكونات الدولة السودانية، تستهدف الكيان السوداني كشعب ومؤسسات. أمام قحت/تقدم ان تصحح مواقفها، بدء من عدم الارتباط بأي دولة خارجية، وتعود الى داخل الوطن تواجه ما يعايشه الناس يوميا، وتطرح ما تراه من داخل السودان وتصارع متحررة من اعتبارات الخارج، مستدركة لحقائق الواقع، بعيدا عن المواقف المسبقة المنفصلة عن ما يحدث الآن على ارض الوطن..ونعم لوقف الحرب عاجلا،ولكن دون استسلام للمخطط الذي يستهدف القضاء على الدولة السودانية!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة