مواصلةً لسلسلة مقالاتي " قراءة تحليلية في احتدام المواقف العربية و الاسرائيلية حول مصطلح الارهاب و الإبادة الجماعية 4-2"، و بعد طرح جدلية الارهاب، ثم التعريف بالمحكمة الجنائية الدولية و الفرق بينها و محكمة العدل الدولية، بالإضافة لتعريف الإبادة الجماعيه، و طرح مخرجات المحكمة الجنائية في دعوة جنوب افريقيا، الآن ندخل في قلب الموضوع لطرح المحور الأهم و هو : الجدلية حول دعاوى الإبادة الجماعية، و تباين المواقف و الاراء حولها من مؤيدين و رافضين ، و بناء عليه ساطرح للقراء الكرام و خاصةً الأجيال الصاعدة ما تمكنت من جمعه حول تباين الآراء و المواقف كمساهمة في التوعية و التثقيف بالقضية و حيثياتها.
المواقف و الآراء الرافضة لدعاوى الاباده الجماعية :
١/ يستند الرافضين لدعاوى الإبادة الجماعيه على ان الركن الأهم لإثبات هذه الجريمة هو " إثبات نية الاباده الجماعية" و التى تعتبر الجانب الأصعب إثباتًا، فاسرائيل تعيد و تكرر ان هدفها ليس تدمير الفلسطينيين "بوصفهم كذلك" في غزة، بل هدفها يقتصر على محو حماس "فقط" التى تتهمها إسرائيل باستخدام المدنيين كدروع بشرية. كما سبق و صرح المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية الأدميرال دانيال هاغاري قائلا : “حربنا هي ضد حماس، وليس ضد شعب غزة”. في ذات السياق، كان قد اكد المتحدث باسم الحكومة إيلون ليفي في وقت سابق ان المستهدف هى حماس موضحًا : "لقد كنا واضحين قولاً وفعلاً أننا نستهدف وحوش 7 أكتوبر ونبتكر طرقاً لدعم القانون الدولي".
٢/ كما سبق كذلك و صرح كاتس قائلًا : “لا يوجد شيء أكثر تشويها من محاولة منع إسرائيل من الدفاع عن نفسها ضد عدو قاتل يدعو علنا إلى تدمير دولة إسرائيل. إذا صدرت مذكرات الاعتقال، فإنها ستلحق الضرر بقادة وجنود الجيش الإسرائيلي وستوفر دفعة معنوية لمنظمة حماس الإرهابية ومحور الإسلام المتطرف بقيادة إيران الذي نقاتل ضده”.
٣/ في ذات الصدد، إتهم المسؤولون الإسرائيليون حماس و ما وصفوه بالجماعات المتحالفة معها بشن حملة إبادة جماعية ضد اليهود. و يُقال انه قبل جلسات الاستماع الأولية ، أنشأت الحكومة الاسرائيلية موقعًا إلكترونيًا مخصصًا للمشاهدين الأجانب ونشرت عليه مقاطع فيديو مصورة من هجمات 7 أكتوبر وتداعياتها. في ذات الوقت أطراف اخرى انتقدت الفعل مبررةً ذلك بان " محكمة العدل الدولية تتمتع بسلطة فحص الادعاءات الموجهة ضد الدول فقط، وليس الجماعات المسلحة، معتبرةً حماس مجموعة مسلحة و ليست دولة معترف بها دوليًا ". ٤/ و كان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو قد استهجن الأحاديث التي تم تداولها آنذاك عن أن المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن توجه اتهامات وشيكة بعد التحقيق الذي بدأ في عام 2021 والذي يغطي الأحداث التي بدأت في عام 2014. حيث ينظر التحقيق أيضًا في بناء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي المحتلة على حد تعبيرهم .
٥/ من جانبه السيد أميخاي كوهين، أستاذ القانون في كلية أونو الأكاديمية الإسرائيلية وكبير زملاء معهد الديمقراطية الإسرائيلي على حد وصف المهنيين له، يقول : إن قضية جنوب إفريقيا تعكس "انتقاء كلاسيكي". مردفاً في ذات السياق : “كانت هناك أشياء قيلت وكتبت على تويتر من قبل السياسيين الإسرائيليين والتي تمثل إشكالية كبيرة”. موضحًا في ذات الوقت "لكن هؤلاء ليسوا صناع القرار." مضيفًا ، إن الارتفاع الأخير في الدعوات التي أطلقها الوزراء الإسرائيليون اليمينيون على حد وصفه من أجل "هجرة" الفلسطينيين من غزة "لا يساعد". في المقابل طرحت جهات معاكسة انه يجب ان تكون هناك مساءله لاسرائيل حول كيفية السماح بمثل هذه التصريحات الصادرة من مسؤوليها ان لم تكن متفقة معها .
٦/ إسرائيل من جانبها تنفي بشدة الاتهامات الموجهة لها، وتقول إن جنوب أفريقيا “متواطئة إجراميا” مع حماس. كما ترفض كذلك مزاعم ارتكاب مخالفات و تتهم المحكمتين الدوليتين بالتحيز الشديد.
على الصعيد الدولي تجد إسرائيل مساندة أميركية على الصعيد الآتي :
١/ وزير الخارجية الامريكى أنتوني بلينكن صرح واصفًا قضية الإبادة الجماعية بأنها “لا أساس لها من الصحة”. ٢/ المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جين بيير في ردها على سؤال حول احتمال إصدار أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ردت : "لقد كنا واضحين حقا بشأن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية. نحن لا نؤيد ذلك. لا نعتقد أن لديهم السلطة القضائية”.
٣/ كذلك رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون صرح معلقًا : "مثل هذا الإجراء غير القانوني من قبل المحكمة الجنائية الدولية من شأنه أن يقوض بشكل مباشر مصالح الأمن القومي الأمريكي. إذا لم تواجه إدارة بايدن تحديًا، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية إنشاء وتولي سلطة غير مسبوقة لإصدار مذكرات اعتقال ضد القادة السياسيين الأمريكيين والدبلوماسيين الأمريكيين والعسكريين الأمريكيين، وبالتالي تعريض السلطة السيادية لبلادنا للخطر.
٤/ كما حذر السيناتور الديمقراطي جون فيترمان من أن "سيكون ذلك بمثابة ضربة قاتلة للموقف القضائي والأخلاقي للمحكمة الجنائية الدولية لمواصلة هذا المسار ضد إسرائيل". مردفاً : إنه يدعو جو بايدن للتدخل كجزء من التزام الإدارة المستمر تجاه إسرائيل.
في ذات الصدد الدول الصناعية السبع الكبرى المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية حثوا على عدم الإعلان عن اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد إسرائيل أو مسؤولي حماس، وسط مخاوف من أن مثل هذه الخطوة قد تعرقل فرص تحقيق انفراجة في محادثات وقف إطلاق النار.
ختامًا ،تكملةً لعكس الآراء و المواقف الرافضة لاستخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" يعللون ذلك بأن وصف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأنه إبادة جماعية أمر غير مناسب ومبالغ فيه. كما يرى بعضهم بأن المصطلح لا يتوافق مع النية المتعمدة لتدمير المجموعة الفلسطينية كليًا أو جزئيًا، بل يصفونه بانه يتوافق مع صراع معقد له آثار سياسية وإقليمية ودينية. مؤكدين في ذات الوقت على أن إسرائيل تحركها كان لاعتبارات أمنية وأن هناك رغبة في حل الصراع عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية.
تكملةً للحديث سنواصل حول عرض الآراء و المواقف المؤيدة لمصطلح الإبادة الجماعيه في فلسطين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبير سويكت
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست