قال الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش و هو يخاطب المواقع المتقدمة للعمليات العسكرية في أم درمان قال (أن القوات المسلحة ستتجاوز القوى السياسية خلال مرحلة التأسيس التي تمتد لعدة سنوات و لن تكون فيها أي حاضنة سياسية). و لكنه استدرك و قال (أن الحاضنة سوف تكون الشعب السوداني و المقاومة الشعبية) أن حديث العطا هو تأكيد لتصريحاته السابقة، بأن الجيش سوف يشرف على الفترة الانتقالية، و أختيار الحكومة التي يجب أن تطلع بمهام الفترة الانتقالية.. و لكنهم سوف يتشاورون مع الشعب و المقاومة الشعبية، و هذه إشارة للذين وقفوا بجانب الجيش فترة تحرير البلاد من الميليشيا المدعومة من الخارج و حاضنتها السياسية، و كان العطا في فترة سابقة صرح أن المقاومة الشعبية عليها أن تذهب للقائد العام و ترشح رئيسا للوزراء و ايضا الحكومة.. و الآن يكرر الحديث و لكن بشكل مبسط.. أن العطا عندما يرسل حديثا أمام جنوده يتعلق بالفترة الانتقالية و بالسلطة و الحاضنة السياسية، أكيد ليس أستهلاكا للوقت، أو محاولة للطمأنة، و لا هي رسالة استفزازية موجهة إلي أحد، بقدر ماهية أجندة حوارية تستنهض العقل من حالة الثبات التي يعيش فيها لكي يقدم رؤى لعملية بناء الدولة بعد الحرب.. و أن يخرج من بدعة الحاضنة السياسية التي جاءت بها " قوى الحرية و التغيير" و قادت لصراع حول السلطة و المحاصصات فيما بينها، أدى إلي فشل سياسي اربعة سنوات، و انتهت بالحرب.. العطا بتصريحه يقول نريد أن نتجاوز الفترة السابقة بمكوناتها لخلق واقع جديد فيه تناغم بين مكونين مجلس عسكري سيادي يشرف على الفترة الانتقالية و التي سماها مرحلة " البناء" و حكومة مدنية موكل إليها إدارة العمل التنفيذي للدولة. على أن تتفرغ الأحزاب لبناء مؤسساتها و تأهيلها فكريا و تنظيميا لكي تدخل الانتخابات و هي قد مارست الديمقراطية في ذاتها. أن تصريحات العطا يجب النظر إليها باعتبارها أجندة حواريا تحاول أن تنشط العقل، بدلا من التعامل معها بأنها فرض أراء، و الحوار هو أيضا جسرا للتفاهم السلمي بعيدا عن مؤثرات عنف و عنف لفظي، و البلاد بعد الحرب تحتاج لفترة زمنية لكي يعود لها الأمن و الاستقرار و عملية بناء مؤسسات الدولة و المؤسسات الخدمية و تدوير عجلة الاقتصاد في البلاد " احتياجات المصانع و دعم الزراعة و الخدمات بأنواعها التعليم و الصحة و الكهرباء و المياه و إصلاح البيئة" فترة للمصالحات الوطنية من خلال تنشيط قبائل المثقفين و دعم الإعلامين القومي و حتى الأهلي" كل ذلك لابدة أن يتم في تناغم و تفاهم تام بين المكونين العسكري و المدني حتى لا تجهض التجربة.. هذه الفترة تحتاج لمساحات واسعة من الحرية للإعلام و الصحافة حتى تسود الشفافية و النزاهة، و البعد عن الانحراف نحو الفساد.. كل ما كانت هناك مساحات واسعة من الحرية للإعلام و الصحافة و المبدعين في الدراما و الفنانين و التشكيليين و غيرهم من أهل الفنون و الإبداع سوف تقل عملية الانحراف نحو الفساد و تصبح النزاهة و الشفافية عاملا مهما لنهضة البلاد. و الفترة تحتاج إلي مصالحات وطنية و شعبية بهدف العدالة، و لابد من تكوين مجلس برلماني بهدف مراقبة الحكومة و إصدار التشريعية التي تحتاجها الفترة الانتقالية، و يمكن أن يكون المجلس من خلال انتخابات في كل ولاية تشرف عليها المقاومة الشعبية، و أيضا لابد بعد فترة أن تتم الدعوة للقوى السياسية لصناعة دستور دائم للبلاد، و مادام دستور 2005م قد شاركت فيه أغلبية القوى السياسية يكون هو مسودة الدستور قابلة للحزف و للتعديل و الإضافة، ثم يخضع الاستفتاء الشعبي... و اعتقد أن ست سنوات للفترة الانتقالية هي مناسبة، أن تتم في كل ثلاثة سنوات مؤتمرات عامة للأحزاب. و بعدها لا يسمح إلي أي قيادي مكثت سنتين في القيادة أن تترشح لإدارة الحزب، لكى تتم عملية التدوير بين الأجيال.. لا يمكن أن تكون شعارات الديمقراطية مرفوعة و هناك أعضاء لا يزحزحهم من مقعد القيادة إلا الموت.. عملية التحول الديمقراطي تحتاج إلي إنتاج ديمقراطي من قبل الأحزاب السياسية.. و دورتين للعضو الحزبي في القيادة يفتح المجال لأعضاء جدد ربما يكون لهم قدرات أفضل في الأدارة، و صنع المبادرات التي تساعد على الاستقرار السياسي و الاجتماعي و أيضا الإنتاج الفكري و الثقافي.. أن واحدة من حالة الفشل السياسي أن طول النظم الشمولية قد أدت لصعود عناصر ذات قدرات ضعيفة في قيادة الأحزاب، و أيضا عناصر مصابة بالأمراض الاجتماعية " الانتهازية و الوصولية و التملق" فالمؤتمرات الديمقراطية الدورية و دخول عناصر جديدة في القيادة بصورة مستمر؛ تقنع الشباب بالدخول في الأحزاب و تطويرها، و هذا يخلق وعيا جديدا في المجتمع، و في نفس الوقت يقضي على أرث الفشل السياسي في البلاد، و الخصومات و العداوات الموروثة، أجيال جديدة أعطوها مساحات واسعة تصنع لكم وطنا جديدا مليء بالمحبة. نسأل الله حسن البصيرة..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة