الحرية فطرة في نفس كلّ إنسان حر، لكن العبودية خيار يختاره الإنسان وفقا لوضعه النفسي والخلقي والأخلاقي، ليس لعرقه او لون بشرته دخل فيه. الحرية جوهرية لكل إنسان، فهي تمثل حقه الأساسي في إتخاذ القرارات وتحديد مسار حياته دون تدخل خارجي. الحرية لا تشترى بالمال أو بالوعود بالمناصب في سلطة لم تاتي بإرادة الشعب. الحرية حالة روحية وفكرية تنبع من أعماق الإنسان ترفض القيود والحواجز والموانع سواء جاءت بالترغيب أو الترهيب. الحرية رفض للذل والمهانة التي تقود إلى الخضوع من أجل المال أو المنصب.
الأحرار يا موسى هلال، لا يستجدون أحداً، بل يشقون طريقهم وسط الظلام وحقول الألغام، لأن الحرية في نهاية المطاف هي تحقيق للذات في بيئة معافة من الإستبداد والفساد والظلم.
كما أن العبودية ليست سيفاً مسلطاً على رقاب العبيد، خصوصاً عبيد هذا الزمن، ولكنها إقتناع وحب وشغف داخل عقل شخص إنتهازي، أو مجموعة أشخاص إنتهازيون لا يريدون أن يكونوا من طليعة الأحرار، ولو فتحت لهم أبواب الكون، لظلّ هؤلاء العبيد الاذلاء وراء قضبان التبعية يستجدون الطغاة. قال أفلاطون: لو أمطرت السماء حرية، لرأيت بعضهم يحملون المظلات! هذه هي العبارة التي تشفي وتشقي صدور الأحرار عندما يرون بعض الناس في مستنقع العبودية يهيمون، وفي غيّهم الذي اختاروه مقتنعين، وكأنهم ملكوا وسام العز، أو تاج الآنفة.
ما يثير الإشمئزاز هو أن ترى شخصاً على هيئة إنسان، يتحدّث بما يتحدث البشر، ويأكل مما يأكلون، ويعيش بين الناس حتى يحسبه من حوله إنسان ذو عقلٍ وفِكر، ولكنه يفاجئي الجميع ويثبت غير ذلك، ليس بالأقوال فقط، بل يصل به الأمر إلى تعزيز ذلك بالتصرفات، وكأنه خُلق ليصرخ: أنا من قال عنه الشاعر: من رضع من ثدي الذل دهراً، لا أرى في الحرية خيراً، بل أراها خراباً و شراً. نعم، هذا عذرهم عندما تحدّثهم عن مبادئي الحرية ومعانيها وقيمتها، يكيلون لها الشتائم ويحملونها كل أخطائهم التي إرتكبوها، أو إرتكبها سيدهم أو اسيادهم ذات يومٍ، وهم في غفلةٍ من مداركهم المنشغلة بما يشبع البطون والفروج، لا بما يشبع العقل والوجدان. لا يمكن أن تقنع أحدهم بأن يجعل العقل يُفكر بعيداً عن كلّ القيود التي وضعها أعداء الحرية والتحرر، وكلّ من فكر بحرية وكسر حواجز الإنبطاح خلال إستخدامه للعقل بطريقة صحيحة، يصبح، في مذهب أولئك العبيد، متمرّداً جنجويداً أصله من عرب الشتات.. آتيا من خلف الحدود مصاباً بداء الحرية في وطن عشاق العبودية جعلوا من الجيش المختطف من قبل الأقلية الظالمة الفاسدة مظلة توارى خلفها كل عبيد الطغيان لحجب الحرية!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة