* السلطان بحر الدين، سلطان عموم دار مساليت الملقب ب(أندوكا)، أي القدح الكبير، إشارةً إلى جوده و كرمه الذي بلغ الآفاق، في أوائل القرن العشرين، كان بطلاً مِقداماً و جسوراً، هزم جيش الغزاة الفرنسيين، وأوقفهم في الحدود ما بين تشاد وسلطنة المساليت.. وبذلك حرمهم من التمدد في عمق السودان الحديث من الناحية الغربية.. والمرجح أن تكون سلطنة دار مساليث هي السلطنة الوحيدة التي سلِٓمت من أن يتم استعمارها، في عموم أفريقيا..
* أذاق السلطان بحر الدين الفرنسيين من الهزائم ما أذاقهم في عدة معارك، ما أزعج فرنسا، ودفعها للشروع في العمل على حسم أمر السلطان بحرالدين حسماً نهائياً؛ فانتقت نخبة النخب العسكرية الفرنسية وأرسلتها إلى دار المساليت.. لكن السلطان بحرالدين هزم النخبة العسكرية الفرنسية شر هزيمة، في معركة (دروتي).. وأجبر فرنسا على التراجع و عن التفكير نهائياً في غزو دار مساليت، و مناطق دارفور الأخرى..
* وللأسف المُمِّض، فإن بطلاً مثل السلطان بحرالدين، سلطان دار مساليت قد أهمله تأريخ أبطال السودان في ذاكرة الأجيال.. و لم يرِد ذكره في أي كتاب من كتب التاريخ المدرسية، ولا يعرف معظم السودانيين أن معركة (دروتي) هي المعركة التي أبعدت دار مساليت، و بالتالي كل الجزء الغربي العزيز من السودان الحديث، عن الاستعمار الفرنسي الاستيطاني البغيض..
* ومع أن تاريخ السلطان بحرالدين قد أُهمل تأريخه في كُتب تاريخ السودان، إلا أن شاعرنا (الضخم) محمد مفتاح الفيتوري قد خلّده في قصيدة (ضخمة) يقول في جزء منها:- " كان السلطان يقود طلائعنا نحو الكفار واشار الينا بحر الدين واطل بعينيه كالحالم من قلب السهل الممتد ثم تنهد الحرب الملعونة اكلت حتي الشوك المسوّد لم يبق جدار لم ينهد ومضي السلطان يقول لنا هذا زمن الشدة يا اخواني هذا زمن الاحزان سيموت كثير منا وستشهد هذي الوديان حزناً لم تشهده من قبل او من بعد ..."!!
* و قبل يومين، أحيا سعد، حفيد السلطان بحرالدين، أحيا ذكرى جده وسار على دربه في هزيمة الاستعمار الفرنسي الحديث، و معها هزيمة الخونة السودانيين المتواطئين معه، وذلك في قاعة (مؤتمر باريس) الذي كان مخططاً له أن يجعل لأولئك الخونة المتواطئين المكانة الأعلى في المشهد السياسي الجامع لممارسي السياسة والإدارة في مستقبل السودان..
* وفي ما يشي بأن سعد عبدالرحمن بحرالدين لم يكن راضياً عن فكرة المؤتمر وفعالياته المرسومة، قال في بلاغة رصينة وبساطة شديدة:- " أطلب بإسم أهلي، وبإسم الشعب السوداني، إن جاز لي ذلك، أن نتشكل بشكل أكثر مثالية حتى تكون مخرجاتنا مقبولة ومنفذة في أرض الواقع.."..
* و في تقديري أن السلطان سعد كان يرمي إلى أن نتشكل فكرة المؤتمر، في حد ذاتها، تشكيلاً مثالياً لا تحمل بين طياتها ما يثير الريَب حولها، كما هو حال فكرة (مؤتمر باريس) المشبوهة!
* وطالما في أمر فكرة إنعقاد (مؤتمر باريس) من الشبهات ما فيها، فقد أنهى السلطان سعد كلمته بأدب جم و رصانةٍ حصيفةٍ غادر بعدها فعاليات المؤتمر المشبوه قائلاً:- "..... فأرجو أن تسمحوا لي أن أغادر هذه الجلسة حتى لا أساهم وأشترك في أمر لن يقود الي حل، بل يأزم مشكلة السودان وإذا ذهبنا بهذا المنوال فسوف نأزم قضية السودان."!
* وكانت تلك هي الكلمة القنبلة التي أودت ب(مؤتمر باريس) إلى الجحيم.. وهزمت الاستعمار الفرنسي الحديث في معركة ذلك المؤتمر..
* وأستطيع أن أجزم بأن كلمة سعد عبدالرحمن بحرالدين، سلطان عموم دار مساليت، قد أعادت تاريخ جده، السلطان بحرالدين، الذي هزم الاستعمار الفرنسي القديم في دروتي؛ أعاد ذلك التاريخ إلى النظر بجدية في تأريخه بعد أن أهمله التأريخ!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة