كتبنا منذ سنوات بأن ما يجب فعله هو تغيير المنظومة وليس تغيير البشير فقط، للأسف -ولحسن الحظ أيضاً- أن من تم تلميعهم لقيادة الثورة كانوا ضعاف جداً، ولقد تم تلميع هؤلاء القحاطة خصيصاً لأنهم كانوا ضعفاء. وأتذكر أن القحاطة رفضوا ضم قدامى القضاة لميثاق الحرية والتغيير، فأدركت حينها أن الجهات التي خلقت القحاطة كانت تخشى من دخول نوعيات لديها قدرات قانونية وخبرات كقدامى القضاة، رغم أن قدامى القضاة لم يكونوا كيزان. كانت تلك الجهات التي خلقت قحط تريد فقط شخصيات مطيعة تفعل ما تؤمر، ولكن كان هذا سلاحاً ذو حدين، إذ أن ضعفاء القدرات وإن كانوا مطيعين إلا أنهم لا يملكوا الدربة الكافية لمواجهة فطاحلة الإجرام من الكيزان والجيش والأمن الذين استطاعوا تسخير كل قواهم لتشويه أي انتقال دموقراطي، فبالرغم من أن جوالات الدقيق كانت تملأ الأفران لكن كان الخبز معدوماً، وكانت مئات من حاويات الدواء تترك في العراء حتى فسد الدواء، وكان يتم خلق شح في البنزين والغاز حتى تم خنق المواطن. وبالفعل انقض "برهان شو" على الهلوعين من قحط فانقلب على وثيقتهم الدمورية، وكنا نحذرهم من قبل أن لا تحاولوا التكويش على السلطة لوحدكم ولكنهم ومعهم مطاريد الشيوعيين لم يستمعوا إلى النصح حتى ضحى الغد. ورغم أن البرهان بانقلابه على وثيقة قحط الوهمية قد جعله بدون أي سند دستوري، وبالتالي فلا يمكن له أن يصف نفسه برئيس مجلس السيادة لأن مجلس السيادة انتهى بانقلابه على الوثيقة، لكن البرهان حاول أن يجد سبباً لاكتساب شرعية جماهيرية جديدة باختلاقه حرب الفشقة لكنه فشل، فاختلق الحرب مع الدعم السريع، ولأن الشماليين شعروا بالخوف من فقدان سيطرتهم التاريخية على السلطة والثروة اضطروا للوقوف مع الجيش رغم أنهم هم أنفسهم الذين كانوا يلعنونه قبل الحرب وكانوا يصفوننا بالكيزان لأننا وقفنا ضد قحط، فتراهم اليوم لا يقفون ضد قحط فقط ولا مع الجيش فقط بل مع كتائب البراء الإسلامية وجهاز الأمن الكيزاني الذي كان يغتصبهم في مكاتب موقف شندي، فأنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب. نعم نجح البرهان نجاحاً باهراً في إعادة التسويق لجيش الإسلاميين وكتائب الإسلاميين وأمن الإسلاميين، وهكذا فالشماليون وهم أصحاب الصوت الأعلى ينتظرون على أحر من الجمر انتصار جيشهم الذي هم أهله وبيستاهلوه، بل وباتوا -هذه الأيام- يدغدغون مشاعر النوبة عبر مدحهم للكباشي حتى لا يفقدوا جنود النوبة وهم وقود الحروب التي اشعلها جيش الشمال منذ الاستقلال في الشرق والجنوب والغرب. سيفرح الشماليون بانتصار الجيش لو انتصر حتى لو أعاد لهم أهلهم الكيزان وكتائب البراء (وأمن يا جن)، وهكذا تعود المنظومة التي فقدت دعم الشماليين إبان الثورة. أي أن هذه الحرب نجحت نجاحاً باهراً في إعادة التسويق للكيزان والأمن والجيش وكتائب الظل أو التي كانت كتائب ظل. مع ذلك فما لا يدركه الشماليون ولا غيرهم أن ما بعد الحرب لن يعود إبداً ليكون كما كان عليه الحال قبل الحرب، فهذه الحرب لن تتوقف، هي نفسها كحرب بين الجيش والدعم قد تتوقف، ولكنها أنتجت واقعاً مختلفاً فهذه الحرب بذرت بذور حروب أخرى قادمة في كل جغرافيا السودان، وخلقت بيئة مثالية للعنف والعنف المضاد، وعودت الناس على صور الجثث والدماء، وإذا اعتادت الشعوب على العنف ومشاهد الموتى والقتل، فلا يمكن للحروب أن تقف. الواقع القادم هو أن العنف سيزداد وسنشهد تطورات جديدة في أدوات الصراع كالتفجيرات والاغتيالات والعمليات الإرهابية وتشكل مجموعات من المتطرفين من داعش والقاعدة وغير ذلك.. نعم على هؤلاء الذين يبحثون عن فرح في نصر جيشهم أن لا ينساقوا وراء أحلامهم وأوهامهم.. فلقد تغير كل شيء.. تغير إلى الأبد..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست