لم تكن الطلقة الاولي في الحرب هذه التي دوت في المدينة الرياضية جنوب الخرطوم يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ، بل هي في الحقيقة كانت الطلقة التي أعلنت نهاية حرب حشد لها الجيشان علنا في شوارع الخرطوم الجند والمركبات و التصريحات ، ذلك أن شرط الاتجاه نحو نهاية الحرب كان إطلاق تلك الرصاصة التي اشاعت الخوف والرعب والذعر وتسببت في مآسي جسام ومازلنا في انتظار نهاية هذه الحرب وقبل ان ينكشف غبار الحرب وادخنتها وويلاتها فقد تجلت وانكشفت ابتلاءات هذه الحرب القاسية حيث نجد اول هذه المخازي هي العناصر المكونة للمجتمع السوداني وبتقييم موضوعي يتوصل الناقد المتجرد إلى حقيقة قاسية وهي ،، أن الإنسان السوداني يمكن وصفه بأنه إنسان بدائي همجي أناني فوضوي ، نرجسي ، مظهري ، يعاني من الهشاشة الأخلاقية ، والضحالة الفكرية ، يصاب بالتعري السلوكي أمام أدنى حالة من حالات ابتلاء كشفت لنا هذه الحرب ان الانسان يمارس بفوقية واستعلاء تلك البطولات اللسانية التي مادفعت جائحة ولا رفعت ساقطة ، ولا أنقذت صائحة ونري ذلك بوضوح في الشعر والمديح والقصص والتراث الشعبي بجانب الاعلام الحكومي الذي يمجد انسان السودان ويكاد لا يجعل له شبيه في هذا الكون امانة ونزاهة وشجاعة وكرم وبطولة ونخوة وشهامة رغم ام إنسان السودان خامل غير منتج مع وفرة موارد الإنتاج يمارس المهن السهلة ذات العائد المريح كالسمسرة ، أو تقديم خدمة تافهة بائسة أو تسويق سلعة جاهزة لا يكون هو طرف في أي مرحلة من مراحل إنتاجها فيما ينتج كل يوم فرقة غنائية أو هزلية مخجلة ، يعيد فيها تدوير تلك النماذج الساذجة الهابطة إنسان يمكن أن يشترى، بل هو يعرض نفسه للبيع الرخيص خاصة في سوق النخاسة السياسية الدنيئة إنسان أجوف يكرمك إذا أكرمك بما سرق وبما نهب وبما غش وكذب ، ثم لا يلبث أن يمن عليك كل صور كرمه جوفاء ، تصب في خانة الزيف والسمعة والرياء إنسان ذو قابلية للتقليد الغبي ، فهو لا يملك آلة النقد حتى يميز ما ينبغي تركه وما يحسن اختياره ، وما يجب تعديله وتنقيحه وجد قومه البلهاء هكذا يصنعون، فهو " إضافة حقيقية " لهؤلاء الرجال البلهاء ، فهو عبد المألوف ، لأنه مدرب فقط على ممارسة طريقة القطيع المطيع إنسان ينفر من مثل هذا النقد لأنه نقد يعري سوآتنا المنتنة التي ظللنا نداريها ، حتى جاءت الحرب فكشفت عنها مهما نفتأ نخصف عليها من أكاذيبنا البلهاء ، تظل وقائع الحرب شاهدا بينا على عللنا وسوآتنا وحتي لا نقع في الظلم والتعدي علي كثير من الناس ايضا لا بد من استدراك ومن الضروري أن نقول أن في مقابل ما وصفنا أعلاه ، وبالضد تماما له ، أمة من أحرار وحرائر السودان جديرون بالاحترام، بريئون من كل ما قلناه من تلك السلوكيات المخزية هؤلاء هم من سيعيدون صياغة الأمة السودانية على نحو مدهش برتق ما انفتق من أصلها المؤصل وبعث ما انطمس من مجدها المؤثل ويعول عليهم في اخذ زمام الأمور حتي ينهضوا بهذا الشعب ويخرجوه من كبوته التي طالت وظلت محصورة في دائرة الحرب والخراب والموت والتشظي والانقسام والكراهية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة