يفضل البعض منا عصير البرتقال ، و البعض الآخر عصير الليمون ، و الكثيرين عصير المانجو .. يرتاح البعض منا في السودان لملاح الكول ؛ بفتح الكاف و الواو ، و البعض لملاح الروب ، و الكثيرين لملاح التقلية ، بالرغم من دخول العديد من المكونات في تحضير هذه العصائر و الملاحات ، إلا أنها تأخذ إسم العنصر الغالب فيه . ألذ من الطعام ، ألذ من الشراب ، ألذ من كرة القدم ... هكذا كان يقدم المرحوم الدكتور نبيل فاروق رواياته للقراء الكرام ، من كافة الفئات العمرية المختلفة في الوطن العربي ، و قد صدق في ذلك ؛ فإذا كان الأكل و الشرب ، غذاء الجسد ، فإن الأدب و الفكر غذاء الروح ، و الإنسان جسد و روح ، فبينما يصب الأدب جل إهتمامه في التعبير و الصياغة ؛ فإن الفكر ، يركز في التصميم و الابتكار للنماذج و بيئاتها المحيطة ، فكان الدكتور نبيل فاروق ، يجيد فن رسم السيناريو المشوق لشخصياته و نماذجه في قوالب أدبية بديعة و متميزة ، تشد القارئ من الألف إلى الياء ، فصاغ على مدار العقود الماضية عقول العديد من الفعاليات المختلفة في الوطن العربي بفكره و أدبه الراقي . يوجد في الواقع الحقيقي نوعين من القراء ؛ قارئ عادي ، و قارئ حصيف .. في الفضاء التعبيري ؛ يتناول الكاتب أو الكاتبة موضوعاً من الموضوعات يكون هو المقصود بذاته في المناسبة المعينة ( مقالة ، درس ، محاضرة ، ندوة ، ... الخ ) و أثناء التداول يمكنه التطرق لشئ من سيرته الذاتية بغرض ترسيخ معنى معين في الموضوع ، هذا التدخل يلعب في الفضاء التعبيري دور السكر و الملح الشراب و الطعام تماما ! في مقدار الزيادة أو النقصان! فبينما يساهم التدخل العنيف في صرف البعض عن الموضوع الأساس ، و كذلك التدخل الخفيف ، فإن التدخل المناسب في مقداره يزيد في مقدار جذب القارئ للموضوع الأساس في الفضاء التعبيري المعين .. أكثر من يتضرر من التدخل العنيف هو القارئ العادي ، أما القارئ الحصيف ، فلا يتضرر في الغالب ، لأنه تجاوز حاجز الٱنشغال بالكاتب و الكاتبة و مزاجه الآني و اللحظي إلى حاجز الٱنشغال بالجوانب الأخرى التي يثيرها هؤلاء المبدعين بخلاف الحديث عن ذاتهم في الموضوع الأساس ؛ و هذه درجة من الوعي و الإدراك لا تكاد تجدها الا حصريا على فئة القارئ الحصيف النادرة ، فالكاتب أو الكاتبة لا تشعر بالقلق من خطر الأخطاء الإملائية في كتاباتهم الإبداعية مع فئة القارئ الحصيف ؛ لأنهم يتحولون إلى مدققين لغويين يقومون بتعديلها أثناء مرورهم عليها مستمتعين لا مكترثين لخطرها على الإطلاق ، و لكن يتضرر منها فئة القارئ العادي . . أنت تكسب القارئ الحصيف بقوة تأثير الموضوعات الفرعية المضمنة في موضوعك الأساس و صدق ملامستها للواقع ، و قوة طرحك للحلول . القارئ الحصيف كنز من كنوز الابداع الأدبي و الفكري ، لأنه المحتفي الحقيقي بهذه الإنجازات و المستفيد الأول منها . و دمتم و دام الفكر و الأدب . Email : [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة