أعظم النعم نعمة العقل ، فبها تمت الخلافة لبني آدم دون سائر الخلق ، لذا كان الحفاظ على سلامته من أولويات الكيانات التي تنشد النجاح في ميدان الحياة.. منحني الله بفضله عقلا راجحا .. تأكدت من ذلك في أكثر من مناسبة في مسيرتي في الحياة الدنيا ؛ و من تلك المناسبات ، أن حدثا يعود تأريخه إلى أوان ما قبل الثانية من عمري ، مخزون في ذاكرة اللا وعي عندي منذ ذاك ، إلى ما بعد سن الأربعين من عمري ، كلما تذكرته ، طفق ميزان عقلي في البحث عن تفسير منطقي له ، معتمدا على مسرح الطبيعة كمدرسة ، إلى أن وجدت إجابته بعد أكثر من أربعين سنة من البحث و الاستكشاف! الحدث الثاني ، أنني أحررزت في مادة الفيزياء أدنى درجة ، بالنسبة لبقية المواد الستة الأخرى في نتيجة إمتحانات الشهادة السودانية في العام ١٩٩٨م ، و هي ٧٩% ، و السبب يعود إلى السهر إلى ما بعد الثالثة صباحا ، و من النادر علي أن أساهر إلى تلك الفترة ، فأثر السهر في أدائي للامتحان الصباحي ، و مع ذلك لم يمنع ذلك عقلي من أغتنام فرصة ملاحظة طبيعية ، قادتني في الأخير إلى دحض نظرية الجاذبية الارضية للعالم الجليل إسحاق نيوتن في بداية العام 1999، في أروقة جامعة الخرطوم ، وهي قصة طويلة نؤخرها لزمن قادم إن كان في العمر بقية .. في الفترة (2010-2011) و أنا في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان و جنوب السودان ، كنت على علاقة ببعض أفراد بعثة عسكرية مصرية من ضمن البعثات العسكرية الموجودة في أبيي ، و من خلال الأنشطة التي كانوا يباشرون تنفيذها في المنطقة ، تأكد لي بما لا يدع مجال للشك أن إحدى تلك الأنشطة ، لا يمكن أن تصب في مصلحة المهمة الأممية التي كانوا مكلفين بها ؛ بل تصب في مصلحة مخابرات الدولة المصرية .. فخزنت النشاط إياه في اللا وعي ، و بعد مرور هذه السنوات ، على تلك الحادثة ، قررت الجهر بالأمر ، فلعل نفر من البشر قد لاحظ أن من أسباب فشل البعثات الأممية العسكرية و المدنية في العالم إعتماد سياسة توظيف عناصرها من قبل الموظفين الجاهزين في دولهم المباشرين لعملهم في سلك الدولة في الخدمية المدنية أو النظامية ، و هؤلاء من خلال علاقات دولهم مع الدولة المستضيفة للبعثة يمكنهم بكل سهولة تمرير سياسات دولهم و التي ربما تتعارض مع أهداف المنظمة المرسومة لتلك البعثة بالتحديد ؛ فتنشأ مشكلة : ( مهمة داخل مهمة) ... فهذا المقال صرخة في أذن منظمة الأمم المتحدة لتغيير سياساتها التوظيفية في المستقبل في مجالي الخدمة العسكرية و المدنية ، فيجب أن تأخذ من الدول حصتها من الموارد البشريه في شكل مواد خام بدلا من المنتج الجاهز ، و تقوم هي بتشكيلهم من المبتدأ الوظيفي إلى منتهاها ، و بذا يمكنها معالجة سرطان : (مهمة داخل مهمة) من جذورها . و بذا تتخلص من واحدة من أهم أسباب فشل بعثاتها في العقود الماضية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة