ظللت طيلة الأربعة شهور الأولى من الحرب بحى جبرة تقاطع البيبسى بالقرب من معسكر الدعم السريع المقابل للمدرسة الذهبية الذى كان عبارة عن مقر وكالة النشاط الطلابى للحركة الإسلامية ، فقبل الحرب لدى إيصال ابنائى لمقر المدرسة المجاور للمبنى كنت يوميا أتعجب واتحسر على السيارات آخر موديل التى يستغلها موظفى النشاط الطلابى الحزبى فى بلد تشتكى جل دور تعليمها من عدم توفر مقاعد الاجلاس والطباشير والأساتذة لاكمال العام الدراسى ؟
لياتى الدعم ويكمل الباقى احتلالا للمبنى بعد سقوط الإنقاذ ليتمدد طولا وعرضا فى المظاهر الباذخة الترف أضيف لها البعد العسكرى من سلاح وذخيرة حتى العربات المدرعة ، وكل مظاهر تحول الموقع إلى منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب منه على الرغم من قربه من مدرسة الأطفال فى تراجبديا ماساوية كانت تحكى لوحدها عن ما هو قادم بكل جلاء ووضوح لا يحتاج الى زرقاء اليمامة لتوضحه فاصبح واقعا لحرب شارفت الان على العام قضت على الاخضر واليابس لا يعرف احد موعدا لخاتمتها .
عند اندلاع الحرب منتصف أبريل الماضى ومنذ اليوم الأول تم إغلاق تقاطع البيبسى من القوة المسيطرة على مبنى النشاط فاصبحنا تحت رحمة ردود افعالهم التى كانت فى مجملها ودوده فى البداية الا فى بعض الهنات مثل إشهار السلاح فى وجهك من بعيد وتوجيهك بالرجوع خوفا من انك جندى تابع للقوات المسلحة .
بعد اسبوع من سيطرة الدعم على التقاطع الذى اصبحنا على اثره فى كماشة أمنية من وجود الدعم جات قوة من سلاح المدرعات قبل إفطار رمضان بربع ساعة بالهجوم على القوة المسيطرة على التقاطع فاصبح منزلنا بين منتصف القوتين ، فمن شدة تبادل إطلاق النار المتبادلة بين الطرفين والضرب الممتد لحوالى أربعين دقيقة اخذنا الساتر ومعى افراد الأسرة الكبيرة والصغيرة ولأول مرة أشاهد الرعب والخوف فى عيون ابنائى الصغار خاصتهم الصغير ساجد ، فدخلنا فى ممر صغير منتصف البيت تفاديا من قدوم اى طلقات نارية مرتمين على الارض فى توتر وقلق عجيب اثاره شدة اصوات النيران المنطلقة من سطح المبنى المجاور لمنزلنا .
وعلى ما اذكر بعد انتهاء الضرب تناولنا افطارنا الرمضانى بعد قرابة الساعة من موعد الاذان لعدم المقدرة على التحرك ولمظاهر الرعب التى اعترت الجميع .
بعد صمت اصوات الرصاص على اثر هروب جنود الدعم وهزيمتهم بالموقع خرجنا إلى الموقع الخالى من اى حراسة عسكرية للجيش نتج على اثرها اخذ المواطنين السلاح والذخيرة الكثيفة ، والسيارات المتواجدة وكل اثاثاته لم ينجو من ذلك حتى الابواب والشباببك واغطية المنهولات حتى العربات العسكرية المدرعة كانت عرضة للفك والنهب لاجزائها واسبيراتها التى كان اولى بها الجيش الذى لم يعاود الرجوع الا بعد ثلاثة أيام . فأصبحت المنطقة سوق لبيع السلاح الماخوذ من المقر ومن مركز الشرطة جنوب التقاطع فى غياب باكر جدا لكل مكونات الدولة ومنظومتها الأمنية . احصل على Outlook for Android
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة