لا يصدق الكثيرون الحديث عن المنظومة التي يتم نسج خيوطها الخطرة في شبه الدول العجفاء كالسوءدان وما شابه. ولن يصدق أحد أن الحركة الإسلامية تم زرعها إثر نهاية الحرب الباردة ليكون السوءدان المحطة الأولى للحرب الجديدة بعد الحرب على الشيوعية، وهي الحرب على الإرهاب. إن القوى الدولية تحتاج باستمرار للحروب كي تظل ممسكة بزمام السيطرة على أقاليم الجغرافيا السياسية حول العالم. وكما ذهب هنتجتون في "الموجة الثالثة" فإن المواجهة حتمية بين النظام الليبرالي والآبدولوجيات المقاومة له ولا بد لها أن تحدث. لقد كانت الشيوعية والإسلام (السني) على وجه التحديد والمسيحية (الكاثولويكية) هم الآيدلوجيات التي من المهم إزاحتها، الشيوعية عبر تفكيك الاتحاد السوفيتي وتدجين الصين، والكاثوليكية والإسلام السني عبر (لبرلتهما) أي تحويلهما من توجهات دينية حدية مقاومة إلى توجهات ليبرالية. وبعد ظهور ترنح الشيوعية تمهيداً لسقوطها، بدأ على الفور التخطيط للبرلة الإسلام، وللوصول إلى هذه النقطة تحديداً -أي أن يصبح الإسلام السني إسلاماً ليبرالياً- كان لا بد من الوصول بالتوجهات الدينية إلى أقصى درجات عنفها عبر ما يسمى بالإرهاب، ولتبدأ عملية التحويل هذي، كان لا بد من دولة هشة ينطلق منها الإرهاب، وكان من المقرر أن يكون السودان هو دولة المنبع، غير أن ما وقف ضد هذا المخطط هو أن الشعب السوداني كان ذا ثقافة صوفية، وفوق هذا فإن لديه صراعاته العرقية التي تتفوق في أهميتها على الصراعات الطائفية. فحتى اليوم لا يوجد صراع سني شيعي في السودان، ليس لأن شعوب السودانية ليس فيها شيعة، فهناك شيعة، ولكن لأن الأمر لا يستحق بالنسبة لها، فأهل السودان يحترمون آل البيت وكل الصحابة بمن فيهم معاوية، حتى بالنسبة لبعض الطوائف ذات المنطلق الشيعي كأنصار المهدية. لكنهم يهتمون أكثر بالسيطرة العرقية القبلية. لذلك تم زرع الإخوان المسلمين الذين حاولوا بشتى الطرق تجييش الشعب ليكون داعشياً ولكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً طوال ثلاثين عاماً، بل انتهى الأمر بتفكك الإخوان انفسهم، بل وتحولوا إلى ليبرالية الفساد، أصبحت ندى القلعة رمزاً من رموز الإخوان المسلمين، وأصبح الفاسدون رموزاً من رموز الإخوان المسلمين، وأصبح تجار الحرب رموزاً من رموز الإخوان المسلمين، وأصبح تجار المخدرات رموزاً من رموز الإخوان المسلمين، وأصبح تجار الدولار والدواء والقمح والبنزين والعطاءات الحكومية المضروبة رموزاً من رموز الإخوان المفسدين، وانداحت ليبرالية الفساد فتشارك معهم أهلهم وأقرباءهم من الشيوعيين والبعثيين..الخ. وعم الفرح الجميع. نعم فشل الإخوان في السودان في تجييش الشعب، ولكن وحسب ما كان مرسوماً ومخططاً له ولهم، نجحوا في أداء دورهم كرعاة للإرهاب، فدعموا بن لادن وحماس وكارلوس وتنظيم القاعدة وحركة طالبان وحاولوا اغتيال حسني مبارك...الخ. وبالرغم من أن ذلك فعله تنظيم الإخوان بقيادة الترابي وصحبه، لكن الولايات المتحدة الأمريكية عاقبت الشعب كله، في حين كان الإخوان المسلمين الذي فعلوا ذلك كله يسافرون إلى أمريكا وأوروبا بل ويحصلون على جنسياتها وجوازاتها وحمايتها هم وأولادهم، ولم يكلف الأوفاك الأمريكي نفسه بوضعهم في لائحة الإرهابيين التي تعج بأسماء أسر كاملة من الجزائر وتونس ومصر والمغرب وغيرهم. فلماذا قامت أمريكا بحماية تنظيم الإخوان المسلمين طوال حكمهم، بل وحتى اليوم لم تقم أمريكا باعتبارهم إرهابيين ولا داعمين للإرهاب، لكن باقي الشعب الغلبان لم يستطع حتى تحويل مائة دولار من دول الخارج إلى أهلهم في الداخل بدون رقابة البنوك على تحويلات الغلابة، في الوقت الذي كان الإخوان يحولون ملايين الدولارات إلى بنوك العالم وخاصة الملاذات المالية الآمنة تحت سمع وبصر الأوفاك الأمريكي. إنها مهزلة حقاً نعم كانت مهزلة، ولكن الذين انخدعوا حقاً لم يكونوا فقط الشعوب السودانية، بل الذين انخدعوا وتعرضوا للضرر البليغ هم بعض شباب الحركة الإسلامية الذين ظنوا أنهم يدافعون عن رسالة الإسلام حقاً. أولئك الذي هلكوا في حرب الجنوب وهم يبكون بكاء عبيطاً وهم يشاهدون أفخاذ حوريات الجنة وأثدائهن تبرز لهم من بين أثلام سحابات الصيف وغمامات الخريف وهم في وهمهم سادرون. انخدع شباب الحركة الإسلامية الذين التقيت ببعضهم في مصر وهم مشردون ولا يزالون يتباكون على بقايا ضلالهم القديم كمعركة الميل أربعين، والقلم ما بزيل بلم.وانخدع كثيرٌ من أولئك الذي تم طردهم بعد المفاصلة وهم لم يسرقوا جنيهاً واحداً وظلوا فقراء كاظمين الغيظ بعد أن انكشف بصرهم على الخديعة، فترى وجناتهم منتفخة كبالونات المناطيد من الغيظ، لا يشفي صدورهم صمتهم ولا سكونهم ولا حركتهم، وهم خاسؤون. بعض المخدوعين حاولوا اللحاق بركب الإخوان اللصوصيين، فاغتنى كإخوانه، وبعضهم فشل، وبعضهم هاجر يأكل من خشاش الأرض بلا كتاب مبين. واليوم نفس الخدعة.. يأتون بالمخدوعين من كتائب البراء وكتائب الظل فيبيدهم أشاوس الدعم السريع، فلا بكت عليهم السماء ولا الأرض ومن خلفهم أبناء اللصوص من الحركة اللا إسلامية قد هربوا وسكنوا في تركيا ومصر وماليزيا وفي كل فج عميق من شاسع الأرض وملياراتهم الدولارية معهم، تراهم يثيرون غيرهم في الداخل وأنَّا لهم التناوش من مكان بعيد.. انخدع هؤلاء ولا زالوا وسيظلوا مخدوعين وقد اجتمعت بجهلهم نعرة العنصرية، فضلوا سواء السبيل، وهم يتخبطون كمن يتخبطه الشيطان من المس، يحسب أنه يحسن صنعاً، بل يخدعون أنفسهم وما يشعرون. الآن.. يتم استخدام الإخوان للمرحلة القادمة أيضاً، وهي تفكيك شبه الدويلة السوءدانية وتقسيمها، وأكابرهم يعلمون ما لا يعلمه أصاغرهم، ذلك مبلغهم من العلم وهل يهدي الله من ظلم نفسه، بل يمدهم ربكم في غيهم مداً، ذلك أن الله يعلم الحق وإنه على كل شيء قدير.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة