في الحقيقة ، ما زالت الدولة السودانية في طور الحلم ، لم تتحقق بعد في أرض الواقع منذ إستقلالنا ، و الوقائع تثبت ذلك ، التأريخ بحر ، بل محيط ، فمهما بلغت من التبحر في محاوره ، يفوتك بعضها ، فقد سمعت لأول مرة بمذبحة جودة من أقلام الأساتذة الأفاضل الذين تناولوه في مقالاتهم هذا الأسبوع مرورا بذكرى هذه الفاجعة ، وقائع هذه المذبحة التي سردها الأستاذ القدير شوقي بدري ، تلخص الدخول الخاطيء للرعيل الأول من السودانيين للعهد الوطني ، و ذلك بتقدير الجديد في حقل المواطنة (سعد أبو العلا) بصورة أفضل من القديم (المزارعين المنحدرين من إثنيات أقدم ) بسبب وضعه المادي و الإجتماعي ، فانحاز النظام الحاكم لهذا الوافد الجديد على حساب من ؟ على حساب أهل البلد الأصليين ؟! و منذ تلك الحادثة ، لازمت الحكومات السودانية الانحياز ، في غير صف المكونات السودانية الأصيلة إلى يومنا هذا ، فمنذ الإستقلال ، يحدث التغيير الديمغرافي بإحلال مواطنين جدد ، في محل المواطنين الأصليين ، مستخدمين قانون القوي يزيح الضعيف ، و الحكومة تتجاهل الأمر ، و كأنه لا يعنيها في شيء ، كان أفضل لهذه المجموعات أن تظل في نظمها و دويلاتها القديمة ، و لكن إلتحافهم بثوب الحكومة الوطنية كان ثمنه فقد أراضيهم الأصلية لصالح مواطنين جدد و تشردهم في مراكز اللجوء و النزوح ، الطرف الذي يتحمل هذا التقصير هو مؤسسة الجيش السوداني ، لأنه ، يحمل عصا الحماية للرعايا المدنيين الأصليين ، و هو صاحب النصيب الأوفر في كعكة الحكم منذ الإستقلال .. ما هو الوطن ؟ الوطن قطعة أرض لناس بعينهم ، فكيف تسرق هذه القطعة في حضرة القاضي و المحامي يا ناس ، الجيش هو القاضي و المحامي للأراضي في الدولة السودانية ، هذه الحرب يجب أن تكون فرصة لمعالجة سرطان إحتلال الأرض بقوة الشكيمة من بعض المكونات ، فيجب أن توضع من أهدافها الأساسية إرجاع الأراضي المغتصبة من أصحابها السودانيين منذ الإستقلال ، و تخيير المجموعات المغتصبة بين شيئين : إما القبول بالعيش في مواقع جديدة تختارها الدولة لهم أو الرجوع من حيث أتوا ، و إرجاع المكونات التي تشردت إلى إراضيها في سلام ، و العمل على تعويضهم على الظلم الذي أدى إلى تفريض الدولة في أبسط حق من حقوقهم ، تماما كما تفعل دولة أستراليا حاليا بالسكان الأصليين الذين طالهم الإهمال في فترة من فترات الدولة في أستراليا ، فإعادة الاعتراف بالإنسان السوداني الاصيل هو البوابة التي ستدخل به السودان إلى عصر القيم العليا و كالعدالة و المساواة و السلام و الرفاه ، فاعرف نفسك أولا أيها السوداني ليعرفك الآخرين . و الأستاذ شوقي بدري هو النموذج الحقيقي للسوداني الذي يعرف نفسه و تاريخه حفظه الله و جعل البركة في ذريته . [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة