الحرب التي تدور رحاها في السودان عبثية و المنتصر فيها خاسر ذلك ما اتفق عليه منذ الساعات الاولى للحرب كل من قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان و قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو و بلا شك كانت كلمات الجنرالين عن الحرب من اصدق العبارات فالحرب و علي مر التاريخ الانساني لم تكن خيار العقلاء الذين يعرفون حقيقتها فالحرب لا تجلب الا المزيد من الاحزان بفقدان الأرواح والممتلكات العامة سواء كان ذلك للطرف المنتصر او المهزوم خاصة عندما تكون الحرب ما بين ابناء الوطن الواحد
ان حرب الخامس عشر من ابريل 2023م هي امتداد لفشل الدولة السودانية منذ الاستقلال في عدم ترسيخ ثقافة الحوار واحترام الرأي الآخر وعدم الاحتكام الى القوة فكان تمرد العام 1955 في مدينة توريت اول اعمال العنف في تاريخ البلاد الحديث و كما يقال في المثل الشعبي لا توجد نار بدون دخان بمعني ان كل حالات العنف و يكون وراءها خلاف صامت ليتطور وينفجر اخر المطاف و بكل اسف ظلت الحروب علي تاريخ السودان تكرر بنفس السيناريو ( الظلم والتهميش والاقصاء ) وذلك يرجع الي غياب ثقافة اقرار العدالة الاجتماعية والممارسة السليمة للديمقراطية و غياب القانون لمحاسبة منتهكي حقوق الانسان والاهم من ذلك كثرة الانقلابات العسكرية التي اجهضت حقوق الشعب السوداني في ان يعيش في ظل حكم مدني ديمقراطي حقيقي لذلك يجب ان تتوقف هذه الحرب في السودان عن طريق التفاوض فاستمرارها عسكرياً سوف يتسبب فى زيادة معاناة الشعب السوداني الذي هو اساسا يفتقر الى الكثير من الخدمات لتاتي هذه الحرب وتقضي على الاخضر واليابس هناك احتمال بان مجلس الامن الدولي ينوي عقد جلسة لبحث الوضع في السودان في وقت متزامن مع جهود منظمة الايقاد برئاسة جمهورية كينيا التي طلبت عقد اجتماع عاجل لدول الايقاد لبحث الوضع في السودان لقد استشعر المجتمع الدولي والاقليمي الخطر خاصة بعد تزايد معدلات انتهاكات حقوق الانسان و انعدام الأمن والنقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية مع انتشار الامراض الخطيرة مما يقود إلى وقوع كارثة انسانية كبرى في السودان قد تمتد الي دول الجوار لذلك من المتوقع ان يمارس المجتمع الدولي ضغوط شديدة للغاية علي طرفي الصراع للعودة الى منبر مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية والتوقيع علي وقف إطلاق النار و هي الخطوة الأولى نحو ايقاف الحرب بشكل نهائي ولضمان تنفيذ ايقاف اطلاق النار ذلك سوف يكون هناك مراقبين دوليين علي الارض و عبر الاقمار الاصطناعية لرصد الخروقات مع تشكيل لجان اتصال من طرفي الصراع للتنسيق لعدم انهيار الاتفاق الذي يهدف الى ايصال الي المساعدات الإنسانية وادارة المستشفيات والمطارات و تأمين المسارات التي تسمح للمدنين بحرية المرور الي الوجهات التي يريدونها مع وجود شرطة دولية في المدن السودانية التي تشهد قتال و هو اجراء لوجستي مهم جدا في فترة وقف إطلاق النار و لكن يبقي الخلاف في تحديد الدول التي سوف تتشكل منها عناصر الشرطة الدولية حيث كان الاقتراح السابق في منبر مدينة جدة باختيار كل من جمهورية روندا مع جمهورية مصر العربية ولكن كان هناك تحفظ من احد طرفي الصراع علي اختيار الجانب المصري ولكني اعتقد ان هناك خيارات أخرى لحل هذه المعضلة بترشيح قوات من المملكة الأردنية الهاشمية او المملكة المغربية فوجود قوات عربية مهم جدا للتواصل مع السودانيين كل تلك السيناريوهات تتوقف على رجوع طرفي الصراع في السودان الي منبر مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية
بالمقابل يظهر اصرار الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة علي طي صفحة الحرب في السودان من خلال استبدال عناصر وفدها المسهل لمفاوضات منبر مدينة جدة السعودية بعناصر مزيج من الدبلوماسيين والاستخبارات المركزية وفي ذلك اشارة الى جدية الولايات المتحدة في علي حسم الصراع قبل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية فاللوبي الافريقي ربما يقاطع الحزب الديموقراطي اذا لم يتخذ خطوة جادة نحو ايقاف الحرب في السودان بالرغم من ضمان الحزب الديمقراطي الحصول علي اصوات اللوبي اليهودي خاصة بعد ما اظهر الرئيس الامريكي جو بايدن دعم غير منقطع النظير اتجاه اسرائيل الي درجة ارسال حاملات طائرات وجنود من نخبة الجيش الامريكي الي شرق البحر المتوسط لحماية اسرائيل بسبب تداعيات احداث قطاع غزة و لكن تبقي الاصوات الافريقية التي تشكل اغلبية لايستهان بها هي مطمع يتصارع عليه كل من الديمقراطيين والجمهوريين لذلك من المتوقع ان تنعكس تلك الاحداث الدولية علي السودان وذلك باجبار طرفي الصراع علي الرجوع الى منبر جدة والتوقيع على ايقاف اطلاق النار تمهيد لعملية شاملة لاستعادة المسار الديمقراطي بتشكيل حكومة مدنية برئاسة شخصية قوية متوافق عليها مع دعم اقتصادي دولي للسودان وتشكيل محكمة دولية خاصة بالسودان لبحث انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب وضمان محاكمة المطلوبين السابقين في قضايا اقليم دارفور وسوف يكون مقر تلك المحكمة داخل السودان مع فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على الاطراف التي تهدد الأمن والاستقرار في السودان عبر وزارة الخزانة الأمريكية و عقوبات ادارية امنية عبر مجلس الامن الدولي مع تعين مبعوث دولي خاص للسودان من خلفية عسكرية لحسم الملفات العالقة التي تهدد المسار الديمقراطي القادم
و لكن الي حين تنفيذ تلك الالتزامات الدولية يظل المواطن السوداني لا يطمح الا بالشعور بالأمان من الخوف وايجاد ملاذ آمن يحمي نفسه وافراد عائلته من القصف مع توفر الخدمات الصحية والغذائية ، تستمر المعارك هنا وهناك و لكن لابد من الرجوع الي منبر مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وان طال الزمن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة