لعناية الأسرة الدولية : إن وصف حرب السودان الذي نشب في 15/4/2023 بأنها حرب عبثية ، لهو وصف غير دقيق ، و إن صدر الوصف من روادها الأوائل ، لأن الهدف منها معروف ، و الشيء العبثي يكون بلا هدف ..أما قولهم بأنها حرب بين جنرالين بغرض الإستحواذ على السلطة من أحدهما ، فهو الأقرب إلى الحقيقة و بالتحديد في بداية الحرب .. كل شيء قابل للتطور ، و الحرب كذلك ، و لذا طور الشعب السوداني حرب الجنرالين ليصير : حرب السودان .. نعم ؛ فالحرب الحالية أيتها الأسرة الدولية هي حرب الدولة السودانية ضد أخطائها التأريخية في الممارسة السياسية ، و على رأس هذه الأخطاء المولود غير الشرعي المشهور بالجنجويد ...أما تعريف الجنجويد من قاموس إجتهادي الشخصي وفقا لأفعالهم و أصولهم فهي : عصابات القبائل ذات الأصول العربية الإفريقية ، و التي وفدت السودان من دول وسط القارة الإفريقية ، أي مزيج من الدم العربي الإفريقي ، و التي تمتهن الرعي ، و تعيش بعقلية القرون الأولى بإعتمادها السلب و النهب و القتل و الإغتصاب و الحرق لممتلكات الغير كأسلوب حياة ، و تستقوى بإمتدادها الإفريقي الجغرافي التي إنحدرت منه في صراعاتها المختلفة في حواضنها الحالية . منذ أن وجدت هذه العصابات السلاح الناري ، و بدأت في إستخدامه في غاراتها غير المباركة على بقية القبائل السودانية المستقرة و التي تمتهن الزراعة و الرعي معا ، و تقطن جنوب السودان القديم ، و غرب السودان الحالي ممثلة في دارفور و كردفان ، حتى تحول الإستقرار إلى نزوح و لجوء و موت و شتات ، و كان من حصاد أفعال عصابة الجنجويد إنفصال جزء عزيز من السودان ، و توقف الأنشطة الإقتصادية الأساسية في إقليمي دارفور و كردفان ، عصابة تسبب كل هذا الضرر و فوق ذلك تطمع في حكم البلد لتكون قيمهم هي العليا و كلمتهم هي المسموعة ؟ يمكن أن يتحقق حلمهم هذا مع شعب آخر غير الشعب السودان .. المطلوب من الأسرة الدولية أن تقف في صف هذا الشعب في حربه المقدسة ضد هذه المليشيا الإجرامية ، و قد وضع الشعب خلافاته مع القيادة العليا للجيش السوداني في ثلاجة الصبر الجميل ، و لن يرض إلى بهزيمة هذه العصابة ميدانيا ، فقد فاقت الجرائم المتراكمة لهذه العصابة على مدار عقود أربعة حدود الإحتمال .. هذه الهزيمة ستكون مهر بناء سودان الإستقرار و النماء الذي نريد ، لن نستطيع وضع لبنة صحيحة في بناء الأمة السودانية و في هذه العصابة نفس و روح ، لأنها ببساطة سوف تقوم بهدمها كما هدمت مشاريع المغتربين السودانيين التي بنوها بعرق عقود من السنوات . لعناية دولة الإمارات العربية المتحدة : ندرك كسودانيين أن لديك تعاون سابق مع قوات الدعم السريع ، و بالأخص مع قائدهم محمد حمدان دقلو ؛ لكن بعد حرب السودان ، فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر ، أمامك متغيرات جديدة و ثوابت قديمة ، عليك فحصها بدقة من ناحية دبلوماسية ؛ فالشعب السوداني ثابت ، و الجيش السوداني ثابت ؛ و قوات الدعم السريع ، متغير موضوعي داخلي ، و القيادة العليا للجيش السوداني ، متغير موضوعي داخلي ؛ فمن ناحية دبلوماسية ، لا يمكن أن تضحي بالثوابت من أجل خاطر متغير موضوعي داخلي قابل للحذف أو التبديل أو التثبيت ، فبعد هذه الحرب ، فإن المتغير الموضوعي تحت مسمى قوات الدعم السريع لن تقوم له قائمة ، أما متغير القيادة العليا للجيش ، فأمره بيد الثابت المسمى بالشعب السوداني ، سيد البلد ، و سيد الجيش السوداني على وجه العموم ، فقفي في الموضع المناسب أيتها الإمارات ، و لك أن تكوني محايدة ، فهي من الأساليب الدبلوماسية الراقية أيضا . لعناية الأحزاب السياسية و أهل السياسة : بإستثناء الدكتور جون قرنق دي مبيور ، فإن معظم أهل السياسة يفتقرون إلى الجلد و الصبر لتحقيق الأهداف و الآمال و التطلعات لشعوبهم ، فتجد السياسي يركن إلى أقرب تسوية سياسية طالما أنها قد حققت له موقعا لامعا مرموقاً ، يحسبون أعمارهم بالثواني و الدقائق و الساعات ، و لكن د. جون قرنق مهر آمال شعبه 21 عاما ، و كان مستعدا لدفع المزيد من جهاد عمره و زمنه لو لم تتحقق الأهداف ؛ يا له من شخص مناضل صادق مع نفسه و شعبه ، و يا لقلة أمثال جون قرنق في جلده و صبره على أهدافه و غاياته .. مع ذلك فالأحزاب السياسية تدرك أن خطر الجنجويد على الدولة السودانية لهو خطر وجودي ، لأنهم من أسباب عدم الإستقرار الذي صار مقيما في دارفور و كردفان ، و هم من أهم أسباب نزوح و لجوء سكانها في الداخل و الخارج على التوالي ، و مع ذلك يرون في حسمهم عسكريا و إجبارهم عنوة و إقتدارا على تسليم السلاح أو الموت قصاصا ، يرون ذلك مضيعة للوقت فيما لا يفيد ، طالما أنها سوف تبعدهم عند كراسي السلطة زمانا ربما يكون طويلا .. كيف تواجهون سخط شعب الخرطوم الذين دمر الجنجويد مصانعهم و حصاد غربتهم ؟ و هل كان الله مخطئا في شريعة المدافعة ؟ ( و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ...) . بقلم : المهندس / أحمد نورين دينق [email protected].
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة