الآن وبعد استمرار الحرب لأكثر من مائة يوم،وكل هذه الخسائر الماثلة امامنا وابرزها مقتل شبابنا الفرسان من الجانبين، مما يشكل أكبر خسارة لهذه الأمّة السودانية،فإنّنا نأمل في الحل. قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: 199) ، فإن الحل موجود في تراثنا السوداني، ولكن يريد من يتجوّد به علينا ، وينفض غبار الماضي عن الجودية العظيمة. فأخلاقنا السودانية التي سمحت لنا بالتعايش منذ أمد بعيد ونحن امم مختلفة، بسحنات ولغات مختلفة، سوف تسمح لنا بالتعايش مجدّداً فقط اذا استخدمنا ادواتها. عندما كنّا اطفالاً صغاراً واثناء لعبنا عصراً ،ومع اقتراب زوال الشمس عند المغيب، كنّا نرى اجدادنا واعمامنا وكبارنا وبعض مدرسينا ملتفحين عمائمهم وحاملين عصيّهم وهم في كامل ابهتهم وزينتهم، يسيرون بكل وقار ، ويتبادلون الاحاديث بكل ود وابتسام ، وغالباً ما كنا نوقف لعبنا لرؤية هذا المنظر المهيب،ما كنا ندري الى اين هم ذاهبون؟ ،ولكنّا كنا نستنتج ان الموضوع كبير ،ولكن ما هو ؟ لاندري ؛ وكانت الاسئلة تدور في اذهاننا، حتى كبرنا وعرفنا ممن يكبروننا سناّ انهم قد يكونوا ذاهبون الى عقد قرآن، او صلح بين متخاصمين(زوج وزوجه،اب وابنه، اخ واخيه..الخ). استمر الحال هكذا الى ان فقدنا هذا المشهد، ولم نر اجاويد يتدخلون لحل مشكلة او حجة بين متخاصمين ، ولم نر من يتدخل حتى بين اثنين في ابسط المشكلات، وصار مثل (الحجاز ليه عكاز) هو الغالب ،وزادت نسب الطلاق في الاسرة السودانية ،وزادت الشقة بين المتخاصمين من الاخوان والآباء وابنائهم ،وبين المزارعين، وبين الرعاة ، وبين الرعاة والمزارعين، ونأى الاجواد بأنفسهم عن التدخّل،لا لأنّهم يحبون الظل ويسعدهم ما ينتج عن مشكلات في غاية البساطة بالنسبة لرجاحة عقولهم ،ولكن لجرأة الصغار وتطاولهم عليهم وكثرة (كسارين الخواطر )،وقلّة (جابرين الخواطر) ، فتحوّلت الخصومات الى المحاكم الحكومية ،وصارت الجرجرة في القضايا، وما اديب بيعيد!!!. الاجاويد تراث سوداني اصيل واخلاق سودانية بحتة موروثة ،ومن امثلة الحل بالجودية في الفترة الأخيرة على مستوى الدولة نزول الرئيس الراحل جعفر النميري في مطار عمان تحت وابل القصف المدفعي اثناء معركة ايلول –سبتمبر الاسود 1970 بين الجيش الاردني وجيش حركة التحرير الفلسطينية، وانقاذه لياسر عرفات من موت محقّق، نتج عنه اتفاق وخروج للفلسطينين من الاردن الى لبنان. ما فعله نائب الرئيس السوداني الزبير محمد صالح من اذابة جبل جليد العلاقة السيئة بين السودان ومصر في زيارته الى مصر التي كان مقرّراً لها ساعات ،واستمرت لأيام حيث ذكر فيها للرئيس مبارك حينما سأله عن :( قبتوهم من فين الجماعة دول؟) رد عليه ضاحكا :( انتو الجبتوهم لينا، الجماعة ديل جونا من مصر، معقول يا ريس نديكم موية النيل الحلوة دي، وتدونا الجماعة الكعبين ديل).وما ذكره اروك طون اروك عن صلحه مع الحكومة في لقاءٍ له في برنامج شاهد على العصر بقناة الجزيرة سنة 1997م حيث قال:( ليه ما اصالح الحكومة ، ونائب الرئيس الزبير جاءني مشي للمعسكر براه وبدون سلاح). المطلوب الآن ان نعزّز قيمنا وتقاليدنا في الصلح بين الرجلين المتحاربين الآن وقبل فوات الأوان ، لأنّهما-حسب اعتقادي- لم يكونا على علم بالدسايس التي حيكت من خلفهما، والدلائل على ذلك كثيرة جداً ومن ابرزها بقاء ضباط كبار وخبرات امنية كبيرة ذات حس امني ضخم محاصرةً منذ اليوم الأول للحرب. فبحسهم الامني لجأوا للأقبية في القيادة العامة او في سلاح المهندسين، بل وتمّ القبض على مفتش عام الجيش وعدد كبير من الضباط الذين ليس لهم علم بالحرب من اساسها، ومن الجانب الآخر قتل في اليوم الاول فقط مالايقل عن ثلاثة آلآف مقاتل فيما أعتبر غدر من الجيش على الدعم السريع. لذلك من الضروري مبادرة وتقدّم أجاويد من طراز فريد ليتم الصلح الآن وحالاً بزيارة سريعة الى الخرطوم والنزول الى قبو القيادة العامة للقاء البرهان وزيارة شجرة حميدتي. حيث ان بعد المسافة بين المتخاصمين،وعدم الاستماع لحجتهما، وزيادة الخسائر من الجميع بما فيهم المواطن السوداني البسيط، وطول أمد الخصام، يعمّق الكراهية، ويزيد من اوار الحرب ونارها. وانا –واعوذ بالله من الأنا- ارشّح السيد سيلفاكير مييارديت رئيس جمهورية جنوب السودان،و السيد فضل الله برمه ناصر ، والدكتور عبدالله حمدوك ، والدكتور بشير عمر فضل الله، والدكتور محمد الامين اسماعيل استاذ التفسير بجامعة افريقيا العالمية ، و السيد محمد الامين ترك ناظر نظارات البجا،والسيد محمود موسى مادبو ناظر عموم الرزيقات، والسيد صلاح ابراهيم محمد ود البيه ناظر قبيلة الجعليين ،والسيد ايوب علي دينار ناظر قبيلة الفور، والسيد عبدالله الزبير حمد الملك ناظر الدناقلة ، للقيام بهذه الجودية لايقاف الحرب كأولوية، ثم تتبعها جلسات أخرى لعقد اتفاق ملزم بين طرفين احدهما محاصر (ينقل سلام أهل الشجرة ) ، والآخر (قاعد منتظر في ظل الشجرة) ، فيا أهل الشجرة تقدموّا ليومٍ تاريخي للسودان واهله. علي ابوزيد اللامكان 29/7/2023م.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة