خلال المهاترات السياسية والمكايدة التي ظلت طافية علي سطح مياه السياسية الآسنة بالطحالب والمايكروبات والبكتريا والجراثيم والفقر والجوع والمرض والحروب والكراهية والعنصرية والسلب والنهب والقتل والسرقة والتنابز بالالقاب وكيل الاتهامات والتخوين وهذا يمثلني وذلك لايمثلني وبكل بجاحة وصلف ودكتاتورية ورعونة يتم الفرض علي الآخرين ان يكونوا داعمين لصفهم هذا يصف هؤلاء بالكيزان واولائك يصفون هؤلاء بالعملاء وهذا يسب الاحزاب وذاك يسب ويلعن العسكر واحدهم يقف في صف الدعم السريع واخرون يصطفون مع الجيش واخرون ينادون بالحرب وكل من لم يقف معهم فهو خائن للوطن والجيش واخرون ينادون بلا للحرب واخرون يصفون انفسهم بانهم سودانيين ويطلقون علي الاخرين بانهم اجانب ومرتزقة وغزاة في نجد ان الاخوة في اليمن يصفون افراد الدعم الجيش السوداني والدعم السريع الذي يقاتلون الي جانب السعودية بانهم مجود مرتزقة وغزاة، ونجد البعضهم تائهين في مغالطات من هو الذي اشعل الحرب ومن الذي خطط لها واشعلها ونحن بين عراك وسجال وتخوين ونزع الجنسية من اخرين ووصفهم بانهم قادمون من النيجر وتشاد وافريقيا الوسطي وان الدعم السريع غزاة ولست سودانيين ويزيدني استغرابا كيف لاجانب ان يكونوا من رحم الجيش ويعهد لهم بحراسة اماكن استراتيجة هامة في الدولة مثل المطار والقصر الجمهوري وكيف لاجنبي غازي ان يكون قائد لقوة كبيرة بحجم الدعم السريع اننا نعيش خداع لانفسنا ونستمرئ الكذب ولا نعترف بالحقائق وتمتلئ قلوبنا وعقولنا بالدكتاورية والظلم والتعالي والاستبداد وكم رأينا السب والشتم لشعوب اخري مثل الشعب التشادي والاثيوبي وغيرهم اننا نكرس للكراهية والعداوة والبغضاء ويحملنا الغرور والاستكبار اننا اعظم وافضل الشعوب ونظن اننا محور الكون وحالنا كحال تلك النملة التي تعيس في شق في الحائط، اننا لا نري قبح افعالنا ومخاذينا وسوء اخلاقنا مع بعضنا البعض ومع الاخرين من جيراننا مازال السودان تائه بين طريقة الحفر بالابرة وبين الطائرة التي اطفأت انوارها عندما هاجمت مصنع الشفاء وقصفت الخرطوم في الليل ياتري هل سوف ياتي الوقت الذي سوف يشق فيه النفق عبرالحفر وتكون الاداة هي الابرة؟؟ وهل سوف نصل الي الماء في قعر البئر عبر الحفر بالابرة ونستطيع ان نجلب الماء و نطفئ حريق الحرب الحسية والمعنوية ، لقد سرحت بخيالي في قراءة مكررة وعابرة في كتاب الروح والجسد للدكتور "مصطفى محمود" حيث يقول النملة التي تسكن شق الحائط وتتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر وتعمل طول الحياة عملا واحدا لا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير وأن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك.. وهي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها، أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط و الحائط لإحدى الغرف والغرفة في إحدى الشقق و الشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة و العمارة واحدة من عمارات في حي و الحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة و القاهرة عاصمة جمهورية و هذه بدورها مجرد قطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا و مثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية.. والكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. والمجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس وغيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلا.. و كل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا وهي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين ولم تطأها قدم ومن فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يدبر كل هذه الأكوان و يهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة، كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة.. ومع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سجناء محصورين كل واحد منغلق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار ويدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ وتنتهي عند الحصول على كسرة خبز ومضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك.. رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم و خيال و اختراع و أدوات و حيلة و ذكاء ورغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل، أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع و سلاحف و نمل كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أويختبئ داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد والأضغان والأطماع والمآرب نرى الذي يموت من الغيرة وقد نسي أن العالم مليء بالنساء ونسي أن هناك غير النساء عشرات اللذات والأهداف الأخرى الجميلة.. و لكنه سجن نفسه بجهله و غبائه داخل امرأة واحدة وداخل جحر نملة واحدة التصق بها كما يلتصق بقطرة عسل لا يعرف لنفسه فكاكا، ونرى آخر مغلولا داخل رغبة أكالة في الانتقام والثأر يصحو وينام ويقوم في قمقم من الكوابيس لا يعرف لنفسه خلاصا ولا يفكر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه ويشرب دمه ونرى آخر قد تكوم تحت الأغطية وغاب في محاولة حيوانية لاستدرار اللذة مثل قرد الجبلاية الذي يمارس العادة السرية أمام أنثاه، ونرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية وأغلق على نفسه زنزانة من الكآبة واليأس والخمول ونرى آخر قد أسر نفسه داخل موقف الرفض والسخط والتبرم والضيق بكل شيء، ولكن العالم واسع فسيح، وإمكانيات العمل والسعادة لا حد لها وفرص الاكتشاف لكل ما هو جديد ومذهل ومدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية، وقد مشى الإنسان على تراب القمر ونزلت السفن على أوآب الزهرة وارتحلت الكاميرات التليفزيونية إلى المريخ، فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة ويعض على أسنانه من والغيظ أويحك جلده بحثا عن لذة أويطوي ضلوعه على ثأر، ولماذا يسرق الناس بعضهم بعضا ولماذا تغتصب الأمم بعضها بعضا والخيرات حولها بلا حدود والأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها، ولماذا اليأس و صورة الكون البديع بما فيها من جمال و نظام وحكمة وتخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه، كريم لا يكف عن العطاء لماذا لا نخرج من جحورنا، ونكسر قوقعاتنا ونطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا ونتأمل، لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى، ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة وما وراءها ثم إلى الله الذي، جئنا من غيبه المغيب ومصيرنا إلى غيبه المغيب لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير ونكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن ونغوص في الوحل ونغرق في الطين ونسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا، لماذا نسلم أنفسنا للعادة والآلية والروتين المكرر وننسى أننا أحرار فعلا، لماذا أكثرنا نمل وصراصير. وهنا انا اسأل بضمير نملة من الخرطوم كيف يتم جلب الديمقراطية عبر قتل الناس واهانتهم وضربهم وتعذيبهم واحتلال بيوتهم ونهب وسرقة ممتلكاتهم؟؟!! وايضا تتحدث نملة من دارفور باي حق تم تدمير قرانا وحرق بيوتنا وتم قتلنا وسلبنا واغتصابنا وتشريدنا فهل هذا هو الحق والعدل وهل هذه هي الديمقواطية فإن الحياة في شق حائط افضل من العيش في بلد مساحته مئات الكيلومترات وانهاره تسيل بالدماء وبيوته مبنية من الجماجم والاشلاء ويخيم عليها الحزن والغبن والكراهية والعنصرية والبغضاء. نعلن نحن نمل السودان اننا نكره الظلم والقتل والارهاب الفكري وغيره اننا معشر النمل نكره اللصوص والحرامية وقطاع الطرق الذين ينهبون اموال وارواح الاخرين بغير وجه حق انما عدوانا وظلما اننا نكره الحرب ونحب السلام والعدل ودعونا نعيش في شق الحائط بسلام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة