يرى المفكر الجزائري مالك بن نبي ان عملية النهضة الحقيقية تكمن في الشعور والقيام بالواجب من أبسط الامور إلى أكبرها، و بدون هذه الروح و هذا الفعل لا يدخل أي مجتمع طورا جديدا من التقدم والريادة ويمضي بن نبي شارحا، فكرته حيث يقول أن الحيوية كانت في مثال دولة الجزائر قد بدأت تدب في أوصال المجتمع الجزائري، عبر طرح العلماء لفكرة القيام بالواجب، و بدأ الناس يتخلصون من الإتكالية في نظافتهم وزراعتهم وصناعتهم وبناء مدارسهم و في ترتيب شأنهم فكل من يرى ثغرة يسارع لسدها، و فجأة طرح "المحتل" فكرة أن الحل يكمن في الإصلاح السياسي و ما على الناس إلا الصراع في السياسة و اختيار مرشحيهم ومطالبتهم بحل المشاكل فتحول المجتمع الحي لمجتمع خامل، جزء منه أغراه بريق الأضواء فهو يخطب ود الجماهير بالحق و بالباطل، و الناس تحولت لمستمعين و منتظرين لهذا البطل او ذلك البرلماني الذي سوف يحل لهم مشاكلهم، و مع كل انتخابات تتجدد المهزلة والناس على حالها، و أكوام الزبالة تتراكم من حولهم! والفقر والمرض والبطالة، و من أبسط الأشياء لأكبرها أصبحت معلقة برقاب السياسة والسياسيين واتجه نخبة المجتمع لفكرة المطالبة بالحقوق بدل فكرة إحياء البشر ووضعهم على الطريق، هذه هي فكرة مالك بن نبي فهل لها شواهد في واقعنا السوداني في كل مناحي الحياة لا اتحدث عن المسؤولية لدي موظفين دواوين الحكومة وحرصهم علي خدمة المراجعين ولا عن مستوي النظافة في الشوارع والطرقات بل اتحدث عن كل ما يمس حياة الانسان منذ تحرير شهادة ميلاده وحتي اصدار شهادة وفاته، ان لعبة السياسة القذرة التي صنعناها بانفسنا ونسبناها الي "المحتل" في ظني انها احد المضار المهلكة التي أوقعت بنا في براثن الضعف والوهن والتهلكةوتعطيل عجلة الحياة، ويظهر لنا ذلك جليا وبوضوح في الدول المبتلاة بالثقافة الثورية والطبقات السياسية الطارئة، يصبح كل أفراد الشعب سياسيين، صغارا وكبارا، متعلمين وبسطاء ولا يهم إن كان المرء يجهل أساسيات علم السياسة، فبإمكانه أن يكون سياسيا (محنكا)، بمجرد حفظ بعض الجمل القصيرة، التي تجعل منه ذلك السياسي المرموق الذي يُشار إليه بالبنان! ان السياسة تعاطيها بهذا الشكل هي مضرة ومهلكة الشعوب لا تحتاج الي سياسة الشعوب والبلاد تحتاج الي طاقات جبارة من العمل للبناء والنهضة، وكيف يكون هذا ونحن في حالة من العجز والضعف في تنظيف شوراعنا وطرقاتنا ونعيش وسط مزابل وجبال من القاذورات الحسية والمعنوية بسبب السياسة المضرة التي اصبحت مرض يسري في جسد هذا المجتمع، و كما قال عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ما أجمل النهوض بعد الكبوة وما أجمل الإعتدال بعد العثرة. ولكل جواد كبوة اما آن لجوادنا من الاعتدال من كبوته وعثرته التي طالت.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة