مقدمة لا بد منها: السودانيين بصفة عامة ، ما مستعدين للحرب ، لأنها ما أحد خياراتهم، لكن طبيعة الشخصية السودانية إن وقعت الحرب ستتم مواجهتها بكل بسالة. طيب السؤال الذي يتبادر للذهن: إذا كانت الشخصية السودانية ليس من خياراتها الحرب فلماذا الواقع يكذب ذلك، ولماذا تقع الحروب في أرض السودان؟! الذي يمعن النظر في العقلية العروبسلامية يجد من أهم إشكالياتها الاستعلاء بالعرق والدين، فهي وارثة بالضرورة للذهنية القبلية البدوية، والمشيخة القائم أمرها على الشوكة والمنعة والتوسع والتغول على الغير، ما وسعتهم الحيل الى ذلك الأمر سبيلا، هذه العقلية هي التي أوجدت الحرب ووسعت من مفهومها ورقعتها، بعد ان جعلتها شيء مقدس مرتبط بالدين ورضى الإله الذي يشتري من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة والزواج من الحور العين. وبكل أسف هذه العقلية قد شكلت حجر الزاوية لما يسمى بالرعيل الأول للاستقلال، ومن ثمّ تم اختطاف الدولة منذ فجر الاستقلال والى يوم الناس هذا..، كتب الدكتور أحمد عثمان عمر مقال بعنوان ( مع الجيش أم الجنجويد، أم هناك خيار ثالث؟ ) وهو مقال جيد ممسك بالخيط الصحيح الموصل الى الهدف، غير أنني لدي ملاحظات أعتقد إنها جوهرية، ممكن أجمالها باختصار شديد في ثلاث نقاط:- أولا: الشعار الثوري (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) محتاج إعادة نظر! فالحق يعلو ولا يعلا عليه وهو أحق أن يتبع. الجيش والجنجويد الاثنين معا يجب أن ينحلوا. ثانياً: أراك قد وصفت أن (الرأي الداعم للجيش يقف خلفه وطنيون لا شك في وطنيتهم) من أين أتاك هذا اليقين الذي لا يتطرق إليه الشك؟ ولماذا لم تستصحب نرجسية المثقف السوداني وفشله الدائم من التخلص من استعلاءه الغير مبرر وعلو كعب الايجو لديه؟! حتى نطبطب عليه بالقول: كم من مريد للخير وما هو ببالغه. ثالثا: لصق كلمة (مليشيا.. ومجرمة) للجنجويد دون الجيش يؤكد للناظر المدقق، أن من يكرر ويمضغ هذا الوصف واقع تحت تأثير الابتزاز بالوطنية/أدعياء التنوير والدولة الحديثة! يا عزيزي الفاضل ان هذان الجيشان المتحاربان مقامهم الإجرامي واحد وأنت سيد العارفين بالتوصيف القانوني، وإن جاز لنا تجريم أحدهم بصورة أكبر من الآخر فيجب تجريم الجيش لأنه الأصل والمصنع الذي أنتج لنا هذه المليشيا وغيرها من المليشيات، وسيستمر، على هذا المنوال أن أستمر بقائه، فالجيش فكرته إجرامية عدوانية منذ أن تأسست والى قيام الساعة! ف (الأفاعي لا تبيض الحمام) مثل من عندي والذي يتزرع بنظامية هذه المافيا نقول له، لن يكون أكثر نظامية من الجيش النازي الهتلري ولا جيش موسليني.. لذلك مثل هذه الفزلكة والفبركة التي يطلقها أدعياء الوعي والزيف الوطني الديني الكذوب لا يمكن لها ان تقف على ساق! ولأصحاب هذا الخطاب الأخير نذكرهم بقول الله الذي يخادعون البسطاء باسمه " إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين" والفرعون كل من يحمل فكرة ضالة يجد حوله من يناصره عليها ويحشد لها كل بسيط مغيب، والأخير ينطمس نور فؤاده حتى يغني للموت والتعصب والجنون، إنها يا سادتي الفكرة المجنونة التي تحول صاحبها الى فدائي وإرهابي يقتل من طرف ويجود بروحه في سبيلها، والأدهى والأمر ان تجعل منه هذه الفكرة الخاطئة سلعة ووسيلة بدلا أن يكون غاية الوجود الاسمى! وبهذا الفعل يكون قد تنازل عن عقله وقَبِلَ ان يكون مازوت لهذه المحرقة اللعينة التي لا تبقي ولا تذر، وقد استطاعت تحويل البلاد الى ركام بمكر وتخطيط تلاميذ السامري وغفلة الغافلين . ختاماً: الكتلة الثالثة ومدن السودان المتحدة والطريق غير المطروق، قد تحدث عن كل ذلك العارف والقانوني الضليع الأستاذ بدر الدين يوسف السيمت وبتفصيل دقيق، قبل سنوات، غير أن المثقف السوداني شأنه شأن العوام لا يسمع إلا صدى ذاته والانا السفلة التي أعياها التعب !! أعلم قساوة هذه الحروف، ولكن، لم يعد هنالك من وقت للمراء والجدال والثرثرة، ان تقلها تمت، وان لم تقلها تمت، إذن قلها وأرحل عن هذه التجربة الوجودية الفاشلة بامتياز !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة