لقد ظل السودان يغوص حتي اخمص قدميه في عدد من المشاكل والمعوقات، ومن الطبيعي ان واول طرق الحلول هو التشخيص السليم حتي يتثني الحل الكامل لمشكلة الوطن بتجرد والتحدث عن المسكوت عنه بصوت مسموع ولابد لكل الاطراف من التجرد والتنازل عن الاعتداد بالجهوية والقبلية والانتماءات الحزبية الضيقة الافق المحدودة الرؤية ولابد لاي كيان او اي شخصية وطنية قيادية ان تتجرد و تكون غايتها الحقيقية هي ايصال الناس لدولة العدالة الحقيقية وذلك بعد كل هذه السنين الطويلة العجاف المظلمة الظالمة من سيادة دولة المحاباة والظلم التي جعلت السودان بهذا الضعف والفقر والتفكك واشتعال الحروب في أجزاء واسعة منه مما اصاب كثير من مواطنيه بالغبن والشعور بالظلم والمهانة فلابد لاي قائد حكيم يريد الخروج بالسودان من هذا النفق المظلم عليه اولا ان يصل لقناعة ان هذه الحرب الدائرة الان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ماهي الا مجرد ذوبان لقمة جبل الجليد الصلد الذي ظل الناس يغضون الطرف عنه وهم يأملون ان يذوب هذا الجبل ولكن للاسف ظل جبل الجليد هذا يكبر كل يوم في الحجم حتي كاد يسد مجري سفينة الوطن المبحرة في هذا المحيط المتلاطم الامواج لابد علي كل القادة والمسؤلين والمواطنين الشرفاءالاقرار والاعتراف ان مشكلة الوطن الحقيقية ومشكلة اليوم هي ليست هذه الحرب لأن هذه الحرب مجرد بوادر او عرض او ورد فعل لتراكمات كبيرة استمرت لفترات طويلة يمكن ان نقول اكثر من نصف قرن من عمر الزمان، ولن يستقيم امر السودان وتهدأ الامور تماما بأسكات صوت السلاح وفحيح الحرب، لان اي محاولة للتمويه وتضميد الجراح بدون تطهير وتعقيم وازالة لكل البكتريا والجراثيم سوف تكون هي مجرد خداع زائف ومايلبس ان ينزف الجرح مجددا وتتجدد الالام وينزف السودان مزيدا من الدماء، مشكلة الوطن الحقيقية تتمثل في عدم الرغبة الحقيقية للنظر في الاسباب التي اهلكت البلاد واوصلت الناس الي هذه للحرب المهلكة الفادحة الباهظة الثمن والتي سوف يكون لها ارتداءات وتوابع لاحقا فهذه الحرب مهما طال امدها حتما في يوم من الايام سوف تنتهي، ولكننا كمجتمع دائما نحب المماطلة والتسويف والنكران وعدم مواجهة الحقائق وهذا ناتج لعدم رغبتنا الصادقة في معرفة الحقيقة لاننا كمجتمع ودولة تعودنا علي الهروب من مواجهة الحقيقة عبر توهمات وعبارات واهية ولا نريد ابدا ان نلمس كبد الحقيقة، ويظل السياسين وقادة المجتمع وآلة الاعلام المطبل يصدعون رؤسنا بالاكاذيب والاباطيل وان اوضاع البلاد في احسن حال ولا يوجد اي شي يعكر صفو الحياة واننا افضل واعظم واغني الدول ونملك من الثروات والاراضي مالايملكه غيرنا ويظل هذا التضليل التعتيم احد واسائل الهروب من مواجهة الواقع والحقيقة وللاسف انه ليس وليد اليوم بل انه بدأ منذ فجر ذلك الاستقلال المزعوم حين قام المحتل بصنع مخلب قط لكي يخلفه بعد ان المحتل بتسليم البلد الي اذنابه المصنوعين من الطائفيين الذين جهزهم جيدا لاداء دورهم انابة عنه وايضا قد ساعد في مخططهم مستوي الجهل الذي كانت ترزح تحتت ظلامه البلاد، لقد استطاع الانجليز اختيار الجانب النفسي والمؤثر وهو جانب الدين حيث صنعوا طوائف ومكنوا لها رموز واهية خربة متمثلة في هؤلاء المشايخ الدينيين المتصوفة وغيرهم حيث استغلوا العاطفة وعاثوا الفساد في البلاد وبنوا صروحا للجهل لان العلم هو عدوهم الاول كما هو الدين الصحيح الذي يدعوا للعلم والعدل واكثر العوامل التي ساعدت زعماء الطوائف والطرق الدينية ان المجتمع السوداني في ذلك الوقت وكثير الاتباع هم عبارة عن مجموعة من الناس التي ليس لديها مستوي من التعليم والاستنارة وليس لديهم أي افق سياسي وهذا مكن لمجموعة صغيرة ومحدودة من السيطرة علي السلطة والثروة وهذا مايرمز له بمصطلح (الجلابة) او يسميه البعض بسيطرة الجلابة علي الدولة منذ فجر الاستقلال، والقارئ الجيد للتاريخ يجد ان الطائفيين الذين كانوا مسيطرين ومتحكمين في الدولة بدأوا بظلم المكون الشعبي الاكبر وهنا اشير واقصد بهم اهلنا الجنوبيين وهذا من ضربة البداية حيث بدأت الدولة بالظلم ويظهر ذلك جليا حين يتم منح الجنوبيين وظائف تنفيذية هامشية وتافهة وبسيطة وليس لها اي وزن مع حرصهم علي وضع شخص جنوبي فقط كمجرد ديكور في اعلي هرم السلطة وفي ضعه السياسي والتنفيذي يكون اقل من الطائفي المتحكم المتسلط الظالم ويروي لنا التاريخ شواهد من حكومة جعفر النميري حيث كان يقوم بمنح منصب نائب رئيس الجمهورية لجنوبي فقط كديكور وتمويه ولم يكن لهذا الجنوبي الذي يحمل منصب رفيع اي اثر او تأثير او دور ولا يكاد يسمع له صوت في ادارة الدولة والقرارات السياسية والادارية والتنفيذية لانه مجرد ديكور وامعانا في التموية والظلم والاجرام من قبل هؤلاء الطائفيين واذناب الانجليز، لقد استغل الطائفيين نفوذهم واستولوا علي السلطة والثروة مستغلين ضعف وجهل قطاع كبير من الشعب صنعوا منهم مجرد اتباع ودراويش مطعين مغمضين البصر والبصيرة ولايرون غير طريقتهم وشيخهم وطائفتهم، والذين بايديهم السلطة قد اهملوا تنمية الولايات والاقاليم والبلاد من شرقها وغربها وجنوبها وشمالها لان هذا التهميش الممنهج يصب في صالحهم حتي يشعر الاتباع الجهال باهمية هؤلاء الظلمة الفاسدين، لقد طال التهميس والظلم كل نواحي السودان منذ ذلك الزمن البعيد وبدأ احساس المهمشين بالغبن والمهانة وشعروا بالظلم مع عنصرية دينية و اثنينة وقبلية ومناطقية ظاهرة احيانا كثيرة و مستترة في بعض الاحيان بل نجد حتي الشماليين الذين سيطروا علي مقاليد الامور والسلطك اهملوا اوطانهم الصغيرة ونسوا اهلهم ومناطقهم خصوصا في جانب التنمية وركزوا فقط علي الوسط واهملوا كل الاطراف بما فيها الشمالية نفسها، لذي ان بعد توقف هذه الحرب اذا لم ينظر الي اساس المشكلة والاعتراف بها فيكون السودان يحرث في البحر خصوصا اذا تم الرجوع لاتفاق سياسي علي الاسس القديمة الظالمة التي عطلت السودان وكانت عبارة عن عقبة كؤد يجب ان لا تستمر سيادة احزاب قوي الحرية والتغيير الطائفية الفاشلة بعد الان ولن تستمر سيادة الاحزاب العقائدية وغيرها من الاحزاب الفاسدة ( شيوعي ، اسلامي ، بعثي امة اتحادي ديمقراطي.. الخ ) في ظني ان الناس اصبح لديها شئ من الوعي والادراك والاستنارة واتساع الرؤية والافق فقد تجاوز انسان السودان الايدولوجيات ولم يعد ذلك الغش والتدليس ينفع في هذا العمر الطويل منذ ان نال السودان استقلاله الكذوب وظل الحكم والثروة والسلطة في يد طغمة من المتسلطين والظالمين الذين كانوا الوجه الاخر لعملة المحتل مشكلة السودان اكبر من هذه الحرب بكثير هذه الحرب هي بمثابة قمة جبل الجليد الضخم الذي يختفي في عمق محيط التاريخ المظلم اليوم المجتمعات استنارت وادركت ذلك الغش والظلم الذي ظل يمارس ضدهم واصبح الناس يبحثون عن حقوقهم المهضومة وهذه الحرب هي الفرصة الذهبية والتاريخية للسودان في تعديل مساره واصلاح فساد كل الماضي هذه الحرب ربما هي تكون سنحت لكل مغبون او مهمش او كل من يعاني من عقدة الدونية وعاش ويلات الظلم والتهميش وجد نفسه فيها، السودان الان في حالة مخاض لولادة عسيرة لدولة جديدة مختلفة تماما عن السودان السابق دولة يجب ان تكون دولة عدالة ووعي دولة العلم والمعرفة دولة تترفع عن الجهوية والقبلية دولة تحاربة كل مظاهر العنصرية والتفرق والكراهية دولة يجب ان تبني وترتقي على مدارج العلم والمعرفة و علي اساس الحرية والوعي مع سيادة العدل بعد كل هذه السنين من الظلم والتهميش يجب ان يكون السودان دولة العدل والمواطنة وحقوق الانسان، فانه مهما طال وامتد امد الحرب واستعر سعيرها سوف تنتهي وتخمد ولكن الاهم بعد الحرب هو الاهتمام البالغ بمواجهة المشكلة الحقيقية التي اقعدت السودان ويجب الشروع في حلها علي اساس من العدل والرشد والوعي ولمس الحقائق كما يجب ان يعرف ويعلم الجميع ان السودان هذا ليس ملك لمكون طائفي او جهوي او ايديولوجي السودان تمتلكه اكتر من خمسمائة قبيلة واثنية انها دولة الشعوب السودانية المختلفة المتعايشة في حب وسلام ولن ينهض السودان الا بالعدل والتنمية اولا ثم التعايش الاخوي والانساني ورفع الوعي والاهتمام بالتعليم الذي هو اساس النهضة وحتما ان السودان سوف يسع الجميع بالحب والتعايش السلمي والتداخل القبلي لنصنع وطن متنوع يفوق اميركا واستراليا وكندا في التنوع والتعايش والنهضة والتعليم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة