اقتحمت عصابة مسلحة منزلاً تقطنه أسرة ممتدة، وقامت بالتنكيل بالصغار والكبار، ووضعت يدها على ممتلكاتهم، وقبل مغادرة العصابة للمنزل، دخلت عصابة مسلحة أخرى إلى نفس المكان بغرض السرقة أيضاً، فاشتبكت مع العصابة الأولى تريد أن تستأثِر لوحدها بالمسروقات، فدارت معركة عنيفة بين العصابتين نتج عنها تهشيم لمحتويات الدار وحرق جزء كبير من مبانيها. وقف أهل الدار يتابعون المعركة بذهول، فيما النساء والصغار يصرخون، وتسلّق بعض الصبية السور "وكبّروها" إلى منازل الجيران. وأصيب الأب بأزمة وطنية وسقط على الأرض. سمع عساكر الشرطة بالنقطة القريبة من موقع الحادث صوت الرصاص، فخافوا من شر العصابتين الشرستين، فسدّوا "دي بطينة ودي بعجينة". تجمع أهل الحي للتشاور عندما سمعوا الصراخ، وأخيراً اتفقوا أن المشكلة مشكلة عائلية، وقرروا عدم التدخل، وقالوا لناس الدار المنكوبة: "زيتُكم في بيتِكم! ويدكم في رأسكم تعرفون خلاصكم"! انقسم أفراد الأسرة المكلومة إلى تلاتة أكوام وشوية. ناس الكوم الأول قالوا أحسن نساند العصابة الأولى، لأنهم لما دخلوا "ما دقونا شديد"، مثل العصابة التانية التي "وقعت فينا شليت وكفيت". فالأفضل أن نقف مع العصابة الأولى، لأنهم ناس كبار وعندهم دقون، وبعد أن يتحقق لهم النصر في معركة الكرامة سوف يعيدون لنا حاجاتنا وحقوقنا. ومن لم يقف معنا، أو لا يرى مثل رأينا، فهو خائن! وناس الكوم التاني قالوا: هل أنتم "فاراتٌ" أم ماذا؟ هؤلاء سوف يشيلون حاجاتكم، وبعد ذلك سوف لن يمرقوا لكم من البيت بل سوف يقعدون فيه إلى الأبد، وكمان سوف يقولون لكم ادفعوا لنا ضريبة ثابتة لأننا حررناكم! لذلك أحسنُ لنا أن نقيفَ مع العصابة الثانية لأنهم صغار وغشيمون، وما متعلمون، وفي النهاية يمكن أن "نحنِّكَهُم"، ونقنعهم بأن يدخلوا المدرسة مع أولادنا. وخائنٌ من لم يقف معنا، أو لا يرى رأينا! أما ناس الكوم التالت فقالوا: اللهم اضرب العصابة ألف بالعصابة باء وأخرجنا من بينهم سالمين. وأخيراً، ناس الكوم الشوية قالوا: لن نقف مع عصابة ضد عصابة! ولن نقف مع كوم ضد كوم! ولن نضيع الوقت في التخوين واللوم! وأهم ما يجب عمله هو أن نسعف "أبونا". وإسعاف أبونا في وحدتنا. وفي عملنا. وفي تمسكنا بدارنا. وتمسكنا بتفاؤلنا. وفي تواضعنا: لا نخوّن زول، لا نشوف أننا أفهم من زول! ولما أبونا يقيف يدق سدرو منو القدرو؟ منو البتحدى لأمرو؟ أبونا الكبير ...أزمة وتعدّي منو البديك! منو البفديك! إنتا البتدي! وإنتا البتفدي! يا والد كل زول بدِّي! ووالد كل زول بفدي! حوشك وسيع...شايل وفايض جيّاب كتير...مُكفي فايض توبك أمان...مُغطِّي فايض أزمة وتعدي وإنتا البتدي وإنتا البتفدي دربك عديل...للخير بيودّي مركب أمان...للبر بيعدّي
* بتصرف كبير من قصة قصيرة لمولانا عبد الله حمدنا الله
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة