من زيادة الكلام ومن الاسترسال أن نتحدث عن نشأة وارتباط قوات حميدتي بنظام الإنقاذ الذي كان على قيادته-تنظيم الحركة الإسلامية(يطلق عليهم الكيزان)،فإدارة أي محرك بحث سوف يزودك بتفاصيل العلاقة الوطيدة التي سببها انهم هم ما صنع حميدتي وقواته أثناء نظام الإنقاذ (سوف تجد مقالات –محاضر جلسات المجلس الوطني- فيديوهات –تصريحات :جميعها صادرة عن قمة الجهات السياسية في الإنقاذ)..حميدتي وقواته كانت طوع إشارة النظام السابق،وقد نسبت لهذه القوات من التجاوزات ما يتوافق مع ما كان سائداً أثناء سلطة الانقاذ. اذن متى تغير موقف حميدتي ليصبح ليس معادياً للكيزان فحسب،بل يجعل هذه العداوة منطلقاً لعلاقاته الداخلية والإقليمية والدولية!.. لم نقرأ أو نسمع لمنطلقات فكرية أو سياسية اتخذتها هذه القوات مبادئ تعامل بها الكيزان كخصوم يجب ازالتهم وبترهم..فما الذي دفع حميدتي وقادته ليجعلوا من الكيزان عدو يجب مقاتلته،هذا التحول حدث خلال الشهور الأخيرة..حميدتي يتمتع بقدرة على قراءة الواقع ويعرف التوجهات التي تحرك الاحداث داخليا واقليما ودوليا،وهذه ميزة إن لم تحركها دوافع استغلال تلك التوجهات لتحقيق طموحات شخصية في السلطة والثروة!-فداخليا وقف على حشود الشعب التي انطلقت لاسقاط سلطة الإنقاذ،وعلم أن القوى الحية والفاعلة والقواعد الأوسع من الناس،تقف ضد نظام البشير،لذا حجز حميدتي موقعه –ضمن اللجنة الأمنية التي انحازت لثورة 2018،وأظن أن لما حشده من قوات مكتملة التسليح ،كان له دوره في توليه منصب نائب المجلس العسكري ،ثم منصب نائب رئيس مجلس السيادة،ولاشك انه اخذ، جاهدا، في تغيير صورة وسمعة قواته وسط القوى الحديثة لدرجة ان اعتبرها بعضهم أنها نواة للجيش الجديد او ما يشبه هذا القول!( ذات الشخص صرح في 2017:ان قوات الجنجويد هي مليشيا إما نقضي عليها أو تقضي علينا!)،وقد اثمرت علاقاته مع بعض القوى المدنية كما رأينا.اقليمياً،لم يتوانى حميدتي من تقديم نفسه لدول تشهر عداءها –ليس لحركات الإسلام السياسي فحسب بل تعادي أي تحول ديمقراطي في المنطقة ومعاداتها تتجاوز القول الى العمل المسلح –إمدادا ماليا وعسكريا،، الوقائع الماثلة تشهد: ليبيا اليمن –تونس –ثم السودان. وقد علمت هذه الدول الإقليمية بشخصية حميدتي وأن طموحاته كفيله بجعله حليف موثوق به، فكان الدعم والتنسيق. ودوليا- لا شك- تصريحات حميدتي وزيارة نائبة عبد الرحيم لإسرائيل ودعم إسرائيل لقواته ببرنامج للتجسس-حسب صحف اسرائيلية- كلها تفتح تسويقه دوليا كطرف مرضي عنه من قبل إسرائيل!. إذن حميدتي وقيادته،ليس بتنظيم سياسي له مبادئ فكرية وبرنامج سياسي فيه موقفه من الإسلام السياسي –او الكيزان- بل موقفه ضد الكيزان جاء استغلالا لمعطيات الراهن الداخلي والإقليمي والدولي ليوظفه في تحقيق طموحه للوصول للسلطة بعد وصله الى جزء كبير من الثروة!... لا مانع –بل من حقه ان يطمع في الحكم ،ولكن عبر الوسائل المدنية السلمية عندما تندمج قواته في الجيش وينشئ حزب سياسي ينافس في الوصول للحكم ديمقراطيا هذا من حقه كمواطن سوداني.وأخطر ما رأيناه في احداث الهجوم على الخرطوم (15/ابريل 2023) ما نقرأه ونسمعه من قوات الدعم السريع من عبارات الوعيد بالقتل للكيزان،مما يؤكد أن هنالك تعبئة عسكرية داخلية تجعل من التصفيات الجسدية أداة للإقصاء. وهذا نهج يجب أن يجد الإدانة من جميع القوى السياسية،لأن هذه القوى سوف يأتي يوم تجد نفسها في مواجهة مع نهج التصفيات الجسدية،هذا إن لم تكن ضحية مباشرة له!وكيف يستقيم أسلوب التصفيات مع القول بالديمقراطية؟. هذه هي الدوافع المحركة لاستغلال قوات حميدتي معاداة الكيزان بحثا عن سند داخلي وخارجي يكفل الوصول للحكم. الأطراف السياسية التي تظن بديمقراطية حميدتي وأنه حليفها في هذه المرحلة، تخطئ. ليس مطلوب من هذه الأطراف سوى ان تفكر قليلاً في أهداف حميدتي واسرته في الوصول للحكم... هل سوف تأتي قوات الدعم السريع بالديمقراطية ويتنازل حميدتي واسرته عن قيادة هذه القوات لتصبح قوات نظامية بدل كونها اسرية –قبلية؟..مقابل ماذا سوف يحدث هذا. قطعاً مقابل تفصيل نظام حكم مدني يمكن حميدتي (المنتصر عسكريا) والمقربين منه من الوصول للسلطة عبر (الانتخابات) بعد تهيئة كل شروط فوزه (تصفية الخصوم –سجن اعتقال –تجفيف القدرات المالية للمنافسين – تفصيل قوانين داعمة للتغيير وفق مقاسات محددة،جميعها يصب في تنصيب حميدتي رئيس مدنيا منتخبا!!).. فيتضح للأطراف المتوهمة بديمقراطية حميدتي،أنها كانت رافعة مدنية له ليتمكن عسكريا وسياسيا واقتصاديا بعد أن تكون دماء غزيرة اريقت وانفس هلكت وناس شردوا وممتلكات نهبت ودمرت ..ووطن تمزق !!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة