برغم ان البعض عول كثيرا على هدنة الاربعة وعشرون ساعة التي اعلنت امس لاجلاء العالقين العزل وفتح الممرات الامنة الا أن عوامل التزام طرفي القتال فيها تكاد تكون معدومة لهذا كان متوقعا خرقها من أي طرف وفي أي لحظة.
هذه الحرب العبثية التي اشعل أوارها الكيزان بدت غير مفهومة الاهداف ولا استراتيجية معينة لها، واعتمدت منذ بدايتها على بث الاشاعات والتضليل فهي حرب غير اخلاقية اشعلها مجرمون وقادها جنرالات لا هم لهم سوى حكم هذه البلد بأي ثمن كان.
رضخ قائد الدعم السريع للهدنة لاسباب خاصة به ليس من بينها سلامة المدنيين العزل لانه ببساطة يستخدم هؤلاء المدنيين دروعا في حربه الجبانة ضد الجيش، وبما انه مليشي ومرتزق جند اساسا لقتل المواطنين العزل فيستبعد تماما ان يكون هؤلاء العزل من ضمن اهتماماته. فهو لم ولن يسمح بفتح ممرات آمنة لخروجهم حتى يفقد اهم ورقة ضغط قد يمارسها على الجيش لاجباره الجلوس لطاولة المفاوضات مرة اخرى، فبالنسبة له هذه الحرب خاسرة على المستوى الميداني والسياسي والشعبي فميدانيا لا يمكن ان يهزم بقواته هذه جيشا نظاميا مدرب كما ان حربه هذه ليس لديها أي غطاء سياسي فليس ثمة احزاب او مطالب سياسية وراءه لتوفر له ذلك الغطاء الذي يمكن ان يفاوض عليه المجتمع الدولي ليتفهم موقفه وبالتالي العمل مع الطرف الاخر لتقريب وجهات النظر ومن ثمة الجلوس للتفاوض وفق اوراق وبنود واضحة يمكن الاخذ والرد فيها، فهي حرب خرقاء من اجل السلطة فقط فسيعامله ليس الجيش وحده بل حتى المجتمع الدولي كدكتاتور مغامر يريد ان يحكم الناس بالبندقية وسيطالبه بوضع سلاحه فورا مقابل توفير حماية وخروج آمن له ولعائلته على احسن الفروض.
لهذا اذا اراد ان يجر الجيش لمفاوضات تعيده للمشهد فليس من سبيل امامه الا الضغط عليه بوضعه امام مسؤوليته في حماية المدنيين، ففي هذه الحالة(إن) كان الجيش جيشا وطنيا فسيرضخ للجلوس مع حمدتي حفاظا على حياة المواطنين، بالتالي، أي هدنة تؤدي لفتح ممرات آمنة تخرج المواطنين خارج دائرة الخطر ستفقده ورقة مهمة لن يقبل التفريط فيها.
فقبوله الهدنة لم يكن الا من باب التقاط انفاسه بعد الضربات الموجعة التي تعرض لها وافقدته كثيرا من عتاده ورجاله ومصادر امداده وتشوينه.لهذا مجرد ما أحس ان معظم قواته صارت محصورة في جزر معزولة و يصعب تجميع صفوفها مرة اخرى بل انقطع التواصل معها على الارض بعد ان تشتتت بين ازقة وشوارع الخرطوم خرق الهدنة دون ان يطرف له جفن، فدواعي الاستمرار فيها قد انتفت بإنتفاء اسباب قبولها.
اما الجيش الذي يخوض هذه الحرب تحت قيادة لا تختلف كثيرا عن حمدتي في نياتها واغراضها من هذه الحرب والتي وللاسف الشديد تنفذ مخطط الكيزان فهي مسلوبة الارادة بأطماعها فقد تم خداعها من قبل هؤلاء المجرمين ان المعركة مع الدعم السريع ليست سواء نزهة ستنتهي خلال يومين ليس إلا، لهذا كان واضحا كمية الاستهتار التي خاض بها الجيش هذه الحرب من اولها. فعوضا عن التخطيط لها وضبط تكتيكاتها دخل فيها بكل رعونة بمهاجمة مقار الدعم ظنا منه انه يمكن ان يدمر القوات التي فيه خلال صباح واحد لكن الذي حصل ان هذه القوات مارست معهم تكتيك الكر والفر فكانت تهرب من مقراتها وتعود لتستولى عليها مرة اخرى وهذا اعزوه لقلة قوات الجيش داخل الخرطوم في اليوم الاول فلم يكن هناك قوات كافية لتأمين هذه المقرات بعد الاستيلاء عليها او حتى تأمين المنشآت الحيوية التي تضررت ايما ضرر بسبب الهجوم.
وعوضا عن استدعاء قوات من خارج العاصمة للتأمين والتمشيط استدعى الجيش طيرانه الحربي وهذا كله في اطار الحمق وعدم القراءة الصحيحة وتضليل الكيزان لقيادة الجيش بأن الحسم سيكون خلال يوم واحد فتم تدمير هذه المقرات وهذا نجاح نسبي في اضعاف قوة الدعم بتدمير مراكز ارتكازه ولكنها بالطبع تسببت في زهق كثير من الارواح البريئة ولم تنج في حسم المعركة ايضا وهذا يوضح لك مدى تقييم الجيش لمسألة سلامة المدنيين العزل واكتراثه بسلامتهم!!
هذا بالاضافة الى ان الكيزان المجرمين الذين يقفون وراء البرهان يعرفون ان فترة هدنة بسيطة قد تساعد حمدتي في لملمة اطرافه والعودة بقوة تساعده فيها تمركزه بين المواطنين العزل مما قد يجبر الجيش اذا كثر الموت بينهم ان يجلس للتفاوض المباشر مع حمدتي وبالتالي عودة حمدتي للمشهد مما يعني فشل مخططهم في تدمير الرجل. لهذا لا يريدونه ان يتوقف لأي هدنة وهم بالنسبة لهم موت اعزل أم مليون سيان ففي سبيل تحقيق مشروع عودتهم لسدة الحكم مستعدين لإفناء الشعب السوداني قاطبة.
نلاحظ وبمجرد ان اعلنت الهدنة انتشر ذباب الكيزان يرفضها على كل المستويات مما اربك قيادة الجيش في قبولها في بداية الامر ولكن خوفهم من مساءلة المجتمع الدولي جعلهم يرضخون صاغرين. لهذا كان متوقع ان يتم الخرق في أي لحظة ان لم يكن على يد الجيش فكتائب الظل الكيزانية التي تم استدعاءها وتسلحت وهي الان تجوب شوارع الخرطوم مع الجيش ستفعل!
يجب ان نعرف، نحن كمواطنين واصحاب المصلحة الرئيسية في هذا الوطن إن هذه الحرب التي يقودها الكيزان بواسطة البرهان من جهة وحمدتي المجرم من جهة اخرى لا تعنينا في شئ وهي مخطط لتدمير واضعاف البلد وتدمير مقدراته وبنياته التحتية يجب علينا جميعا السعي لايقافها بكل ما أوتينا وأن لا نرضخ للابتزاز الذي يمارسه الكيزان علينا واتهامنا اننا ضد جيش الوطن، فهذه اسالبيهم القذرة في التخوين والمزايدة على المواطنين الشرفاء يجب ان نوعى لها ونقود حملة مضادة لايقاف الحرب قبل ان نفنى ويفنى الوطن!
يزايدون على كل من يرفض الحرب انه يريد بقاء حميدتي في المشهد ولكن صدقوني لولا معرفة حمدتي بان العملية السياسية التي كانت جارية انها بداية نهايته لما تجرأ لخوض هذه الحرب فهي السبيل الوحيدة التي تستطيع ايقافه وابعاده عن المشهد رويدا رويدا اما البندقيه والاقتتال فهذا مضماره وهو محترف فيه وقد لا يهزم فيه ابدا بل بواسطتها سيحكمنا شئنا أم ابينا!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة