البصير البلدي الحكيم تحسس بيده كافة أجزاء الجسم ،، وتحس بيده تلك المفاصل والغضاريف والمنحيات والتجاويف ،، كما تحسس بيده تلك النتوءات البارزة في بعض مناطق الجسم ،، ثم أدخل الأصابع في تجويف البطن الخاوي ،، فخرجت تلك الأصابع من الناحية الثانية !!،، فقال متعجباَ ومتحسراَ من تردي الحالة الصحية : ( مجرد عظام نخــرة قد تم جمعها في كيس من البلاستيك !!!!!! ) ،، عجباَ ويا عجباَ من تلك الوصفة الدقيقة !!! .
نعم وألف نعم : تلك هي عين الحقيقة يا بصير القرية ،، فهؤلاء الحكام والمسئولين بدولة السودان منذ خمسينات القرن الماضي وحتى اعقاب الانتفاضة الأخيرة كانوا ومازالوا يعصرون أجساد البشر ليخلصوا منها النخاع والزبد ،، كحال تلك العجوز التي ترج قربة الصعن المنفوخ والمملوء بالروب منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس لتخلص منه عصارة الزبد والسمن !! .
والغريب العجيب في الأمر أن الأنفاس مازالت تتردد طلوعاَ ونزولاَ لتوحي بالحياة رغم تلك العظام النخرة البالية المتجمعة في أكياس البلاستيك !! ،، وتلك دلالة أخري تؤكد بأن الإنسان لا يعيش ولا يحيا فقط بمجرد الخبز !! ،، وكل الإشارات توحي وتؤكد بأن إنسان السودان ميت بالفطرة يروح ويغدو بين الأحياء رغم أنه مجرد كتلة من العظام !! ،، وتلك معجزة أخرى من معجزات الإنسان السوداني في القرن الحادي والعشرين !!
كم وكم من المرات يموت الإنسان في حياته بدولة السودان ؟؟؟ ،، يجتهد عبثاَ ليعيش كالآخرين في بلاد العالم !! يحاول عبثاَ مواكبة الحياة رغم استحالة الأمر في واقع الأحوال ؟؟!! ،، وكم وكم من المرات يتعذب إنسان السودان في حياته وهو يتفاخر بأن بلده يمثل سلة غذاء العالم ؟!! ،، ولسانه يردد دون حياء أو خجل نشيد : ( بلد الخير يا بلادي ) ،، يردد بلدي سلة غذاء العالم وهو في نفس الوقت جوعان !!! .
تلك هي سنة شعب السودان يا بصير القرية ويا خبير الأسرار والأبدان !! ،، ودائماَ تطيب الجلسة في راكوبة الهم والأحزان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة