في تقديري المتواضع، سيمثل الاجتماع التحضيري للآلية الثلاثية (يونتامس، والإتحاد الأفريقي والإيقاد) الفرصة الأخيرة للمساعي الدولية لإخراج البلاد من الانسداد السياسي بغية إستئناف العملية السياسية للانتقال في السودان.
ففي تقديري، ليس من الحكمة الإسراع بإطلاق التصريحات الاستباقية بمقاطعة الاجتماع التحضيري، ففرصة النقد والخلاف ستكون متاحة للجميع من خلال طرح رؤاهم سواء كانت متفقة أو مختلفة حول كيفية إجراء وإدارة الحوار ووفق أي شروط.
رفض المكون المدني لمبدأ المشاركة في الاجتماع التحضيري سيكون بمثابة نسف فرصة قد تكون الوسيلة الوحيدة التي تبلورت عبر جلسات حوار عريض وواسع ليس بالسهل استهلته اليونتامس مع شركاء الثورة وأصحاب المصلحة الحقيقين، حوار لم يستثني منهم أحد، بجانب حوار مع العسكريين أيضاً؛ وهي الفرصة الماثلة والمتاحة حتي اللحظة.
ففي رفض المدنيين؛ سواء لجان المقاومة أو قوي الحرية والتغير أو بعض الكيانات الحزبية المنضوية تحت قحت سيملك ذلك الرفض العسكريين وسيلة للقدح في عدم مصداقية الداعمين للثورة من تلك الكيانات، ولربما قاد لتعنت متوقع بحجة عدم تحلي المكون المدني بالإرادة الحقيقية للحوار.
و عليه، فإنني أري أن المشاركة في الاجتماع التحضيري لربما تكون ضرورية؛ مع الوضع في الحسبان بأن للآلية الثلاثية صفة المسهل وليس المفاوض؛ والمفاوضون الحقيقيون هم أصحاب المصلحة، وعلي رأسهم لجان المقاومة الذين بلوروا رؤاهم، وعليهم الان التحلي بالمسؤولية بعيداً عن روح الناشطين، وخطو أول خطوة كممثلين سياسيين عن الثورة.
المكون العسكري في أضعف حالاته، بينما المكون المدني في أقواها؛ وضياع فرصة الانضمام للاجتماع التحضيري والمشاركة الفاعلة والقوية فيه ستمثل نكوص عن تطلعات الشارع الثوري العريض.
الثورة لا شك مقبلة علي مرحلة متجددة للسودانين في تحقيق حلمهم بحكم مدني راشد قدموا من أجله تضحيات جسام، تضحيات لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث.
وبقراءة بسيطة لما جري قبل الوصول لهذه المرحلة نجد أن الإعلان عن عقد الاجتماع التحضيري علي جديته، مثل بالون إختبار لتوافق العسكرين وأصحاب المصلحة في البلاد للجلوس لمائدة الحوار.
الاجتماع التحضيري قصد منه إرسال رسالة تحذير واضحة للعسكريين عبر التنويه بالجهود المشتركة والمتكاملة للآلية الثلاثية بأنها "الفرصة الأخيرة" فسفينة العسكريين تمضي بوتيرة سريعة نحو جرف هار، وهم يعلمون ذلك.
وبعودة للوراء، يمكننا الاستشهاد بالنهج الذي أتبعته الإدارة الأمريكية في الدعوة المتكررة وبشتي الطرق لضرورة إستئناف العملية السياسية، فتارة تشدد علي إن إستئناف العملية الانتقالية هي الطريق الأوحد لحل المعضلة السياسية في السودان، وتارة أخري تلوح بأن ضرورة التوافق علي حكومة مدنية ذات مصداقية هو الحل المتاح ولن يقبل تكوين أي حكومة لا تحظي برضاء الشارع السوداني، ومرات تحذر من أن عودة الاستعانة بأفراد من النظام السابق يعيق العملية السياسية.
الإدارة الأمريكية إنتهجت إستراتجية تشتمل علي اصطحاب الشركاء والحلفاء الدوليين والإقليمين في تنفيذ منهجها الداعم للسودان؛ ومن بينهم الترويكا، و أصدقاء السودان، والمبعوثين الدوليين، علاوة علي ضغط سياسي لم يتغير علي القادة العسكريين باعتبارهم من سطي علي السلطة بانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، بجانب الإشادة بالحراك السياسي، ولجان المقاومة، والمكون المدني.
الكونغرس الأمريكي بغرفتيه وممثلا في قيادته في لجنتي العلاقات الخارجية لم يتزحزح عن مساندته ودعمه للثورة السودانية، وعزز تلك المساندة بالموافقة بالإجماع علي فرض عقوبات فردية علي جميع العسكريين الذين شاركوا في الانقلاب والسياسين وكل من دعم الانقلاب؛ هذا القرار تحول إلي قرار غير ملزم للرئيس بايدن، بيد أن هناك ترقب بتطبيقه في أي وقت.
الكونغرس والإدارة يبدو أنهما يسيران في خطي تواز حذر، ولكن الأخيرة لا يفوت عليها أنها تدير دفة الدبلوماسية بحنكة لكنها لا تغفل تجاوز الخط الأحمر الذي وضعه الكونغرس. والكونغرس يشدد من اقرار تشريعاته ضد الانقلابين خاصة بعدما وقف علي مراوغتهم في مسعي لكسب الوقت، السلعة البائدة التي انتهجها النظام السابق.
في حين إختارت الإدارة الأمريكية التريث في فرض إجراءات علي الانقلابين، وكانت تلك سياسية مدروسة بعناية، فالإدارة الأمريكية لا تريد تكبيل يديها اذا سارعت بفرض بتطبيق إجراءات أو عقوبات، لان باب الحوار مع العسكرين سيقفل، ولكنها ظلت تترقب وتدرس وتحسن في إستراتيجيتها في التعاطي مع العسكريين ولإتاحة فضاء واسع تتحرك فيه لإعمال الدبلوماسية.
أمضوا بثبات إلي المشاركة في الاجتماع التحضيري.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/13/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة