في البداية كانت الخطوة مجرد لقاء بين مجموعة من أبناء السودان تحت لواء ( الإسلام ) ،، وفي مرحلة لاحقة اقتضت الضرورة تكوين حزب إسلامي سياسي في البلاد ،، وفي تلك المرحلة كان الشباب أمثال ( حسن الترابي ) يمثلون النواة الأولى الداعمة للأفكار الإسلامية بدولة السودان .. كان حسن الترابي في البدايات مجرد مرشد إسلامي يعتلي الندوات عند الضرور في خضم المنافسات الشرسة بين الأحزاب السودانية ،،ومن ضمنهم ( الحزب الشيوعي السوداني ) ،، ثم كان الاسم الأول لتلك النزعة الإسلامية هو اسم : ( الحزب الإسلامي السوداني ) ،، مجرد حزب صغير كان يصارع خطواته الأولى ،، ثم بدأ الفكر الإسلامي يمتطي خطوات أخرى نشيطة ،، وفي خمسينات وستينات القرن الماضي انتسب للأفكار الإسلامية الفطاحل من أبناء السوداني ،، أمثال السيد : ( يسن عمر الإمام ) والسيد : ( محمد صالح عمر ) ،، وهؤلاء الفطاحل هم أول الرواد الذين أطلقوا اسم ( جبهة الميثاق الإسلامي ) لتلك النزعة الإسلامية المتطورة بالسودان ،، وكان يطلق على كل من ينتسب لتلك الجماعات اسم ( جبهجي ) أو أسم ( ميثاقي ) ،، وتلك المرحلة في مسار التوجهات الإسلامية بدولة السودان قد واجهت أشد أنواع المنافسات بين الأفكار اليمينية المتطرفة وبين الحزب الشيوعي السوداني اليساري المتطرف ،، وفي مرحلة من مراحل المنافسات بين الأحزاب فإن الحزب الشيوعي السوداني قد تم محاصرته وتدميره بطريقة متعمدة غير ديمقراطية وغير حضارية ،، ولكن ذلك الحزب بفضل حنكة وذكاء قادته في ذلك الوقت قد تمكن من التغلب على المؤامرات والكيديات ،، حيث قام بتخطيط وتدبير ذلك الانقلاب العسكري بقيادة : ( جعفر النميري ) ،، وبالتالي قد تمكن من الهيمنة والسيطرة على الأحوال السياسية بالبلاد لسنوات عديدة .
وبنفس المنوال فإن ( حزب الجبهة الإسلامية ) قد حوصر وواجه منافسات شرسة مع الأحزاب السودانية في السنوات قبل مقدم نظام الإنقاذ البائد ،، وكانت تلك الأحزاب السودانية الكبيرة بقيادة السيد : ( الصادق المهدي ) تخطط لإلغاء فكرة دوائر (الخريجين ) في نظام الانتخابات العامة ،، وهي تلك الدوائر الانتخابية التي كانت تتيح للمثقفين السودانيين فرص اختيار أعضاء للبرلمان السوداني دون العامة من الناس ! ،، وحين علم وتيقن ( حزب الجبهة الإسلامية ) بتلك المؤامرة وبتلك النوايا المبيتة من الأحزاب السودانية فكر سريعاَ ثم خطط بطريقة سريعة وسرية للغاية واشترك في ذلك الإنقلاب بقيادة ( عمر حسن البشير ) في عام 1989 ) ،، وهو ذلك الانقلاب ( العسكري الحزبي ) الذي يحدث للمرة الثانية في البلاد ،، وفي بدايات ذلك الانقلاب والحراك ( الحزبي والعسكري ) خطط السيد ( حسن الترابي ) بالتنكر والتنصل من تدبير تلك الخطوة الديكتاتورية الغير ديمقراطية في البلاد ،، وبطريقة ماهرة للغاية تمكن من خداع الشعب السوداني حيث كان متواجداً ضمن المساجين القابعين في السجون عند وقوع انقلاب عمر حسن البشير ،، ولكن فجأة أطل جماعات الإنقاذ في الساحات السياسية السودانية بمجرد نجاح وتمكن نظام الإنقاذ لمقاليد الحكم في البلاد ,, وللحقيقة يجب أن يقال بأن الأحوال والأوضاع الاقتصادية في البلاد في نهايات حكم السيد ( الصادق المهدي ) في عام 1989كانت متردية للغاية وكادت البلاد أن تنهار من تلقاء نفسها ،، ولذلك فإن الشعب السوداني قد تجاوب مع نظام عمر حسن البشير في البدايات بطريقة مكثفة غير مسبوقة ،، وهو ذلك الشعب الذي كان يرجو ذلك ( الإنقاذ ) الذي يعد به النظام الجديد !! ،، ثم بدأت تتكشف عيوب وسلبيات النظام الجديد ،، حيث ظهر في الساحات السودانية أصحاب البلطجة وأصحاب ( الأسياخ ) والجبروت والتنكيل ،، بجانب التعذيب في بيوت الأشباح بقصد الاسكات والتخويف ،، ورويداَ رويداَ بدأت تطفو تلك الأسماء الكبيرة والمخيفة لجماعات الإنقاذ ،، أمثال : ( على عثمان طه ) وأمثال (عبد الرحيم حمدي ) وأمثال نافع على نافع صاحب مقولة ( ألحس كوعك !! ) ،، وأمثال : ( مأمون حميدة ) الذي كان يمثل قمة التطرف للفكر الإسلامي دون الأفكار الأخرى ،، والذي كان يمنح الأولوية لمن ينتمي وينتسب للحزب الإسلامي ،، ولا يبالي إطلاقاَ بمصير أبناء عموم السودان الذين كانوا ينتمون للتوجهات السياسية الأخرى ،، وتلك الممارسة المشينة من قبل الدكتور ( مأمون حميدة ) قد أفقدته المكانة في نفوس الشعب السوداني رغم أنه أنشأ العديد والعديد من تلك المؤسسات الصحية الخدمية في البلاد .
الطريف في الأمر أن الاسم الحالي ( حزب المؤتمر الإسلامي ) لم يكن من ضمن الأسماء القديمة المعروفة للجماعات الإسلامية بالسودان !! ،، وقد يكون ذلك الاسم من ضمن اقتراحات تلك الأجيال الجديدة المشاغبة التي ظهرت في أعقاب تمكن نظام الإنقاذ البائد ،، وبصفة عامة بدأ الناس يلقبون كل من ينتمون لحزب المؤتمر الاسلامي ( بالكيزان ) ،، حيث فجأة قد اختفت عن الساحات السودانية نعوت ( فلان الجبهجي ،، وفلان الميثاقي !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة