( قصـــة قصيــرة ) باسم الوقوف في صفوف المقابـــر !!
كانت تعلم أن النظرة تلو النظرة نابعة من قلب يريد الالتحام ،، ولكنها تجاهلته لنزعة الكبرياء في الأعماق ،، وهي تلك النزعة التي ترثها الحسناوات بالفطرة من الأمهات والجدات في عصر المظاهر الخادعة والكبرياء الزائفة ،، تجاهلته تعمداَ ثم مضت في سبيلها وهي لا تبالي كثيراَ بتلك التلميحات التي تبذلها الرموش والعيون ،، ورغم ذلك الجفاء والصدود المتعمد فإن صاحب الهيام والغرام لم يتوقف عن اللحاق وبذل المقدور من حروف الإعجاب والغزل ،، ولم يستسلم بحجة الكبرياء والعظمة ،، كانت تتجاهله تعمداَ وكأنه عدم لا يشغل المكان بالتواجد !،، وتلك هي شيمة ( بنات حواء ) في أزمان الانتفاضات ،، حيث تلك الحسناوات اللاتي تعانقن المرآة لساعات وساعات في مراسيم التجميل والتزيين لنيل الإعجاب من المعجبين ،، ثم إذا ما وجدن من يبادرهن بالإعجاب والغزل أعرضن وبادرن بالاستنكار !! ،، وذلك الاستنكار يتنافى مع العقل والمنطق السليم !! ،، كيف لها أن تبذل الساعات تلو الساعات في صفوف التجميل والأناقة وهي تريد بذلك من يشاركها الإعجاب والإطراء ثم تستنكر ذلك الإعجاب ؟؟،، قمة التناقض لدى بنات حواء السودانيات !!!.
أما هو فقد وكل ومل من ذلك الصدود والجفاء والندرة والغلاء والوقوف في الصفوف طوال النهار ،، فقد انتظر طويلاَ في صفوف الخبز ،، وانتظر طويلاً في صفوف الغاز والمواصلات ،، وانتظر طويلاً في صفوف البصات والحافلات ،، وانتظر طويلاَ في صفوف الأطباء والعيادات والفحوصات ،، وما كان يتوقع أن ينتظر كذلك طويلاَ في صفوف الغزل واختيار شريكة الحياة !! ،، وعليه فقد قرر أن يتجنب المجازفة وأن يتجنب المخاطر ،، وفي خضم تلك القرارات الجبرية وصلت إليه تلك الأنباء المحيرة التي تفيد بأن السلطات في البلاد قد فرضت رسوماً على الأموات في أي وقت من الأوقات !! ،، حيث تتداول في هذه الأيام تلك النكتة الطريفة التي تؤكد بأن السلطات في البلاد قد فرضت على الناس رسوماَ باسم ( رسوم الدفن في المقبرة !! ) ،، وتلك الرسوم الحالية بالملايين من الجنيهات السودانية ،، وكل ميت لا يملك تلك الملايين من الجنيهات السودانية لا يحق له أن يدفن في مقابر السودان !! ،، ولا يجوز له ان يدخل في زمرة الأموات !! ،، ولا يعتبر الميت ميتاً في دولة السودان إذا لم يستوفي كافة شروط الأموات !! ،، ومن تلك الشروط : امتلاك شهادة ( خلو الطرف ) من إدارة شئون المقابر !! ،، ولكن رغم ذلك فإن هؤلاء الأموات بدولة السودان لديهم تلك الحجة القوية ،، حيث حجة : ( إذا عايزين تدفنونا فأهلاَ وسهلاَ ،، وإذا ما عايزين تدفنونا فأنتم الخاسرون في نهاية المطاف !! ) ،، وبالطبع فإن تلك التبعات رهيبة وفظيعة لكافة الأطراف !! ،، غير أن هؤلاء الأموات لا يتأثرون كثيراَ بالنتائج والمآل في نهاية المطاف ،، فالميت ميت في كل الأحوال !! ،، ومن يريد ان يشتكي الأموات في المحاكم فإن أبواب المحاكم تفوت الجمال !! ،، وبالتالي لا يمكن رفع الدعاوي ضد الأموات بأي شكل من الأشكال !! ،، ولأول مرة ينتصر المواطن السوداني على الدولة والسلطة في مجال من المجالات ،، ولكنه انتصار وحقوق بعد مفارقة الحياة !!!!!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة