مرةً أخرى، وبطريقةٍ ما، تؤكد الحركة الطلابية السودانية أنها لا تُعد تجمع لأنشطة وأعمال طلاب فحسب، إنما قوى تتمتع بمخزون فكري واستراتيجي وثوري هائل يُؤهلها في كل حقبة وتاريخ إلى لعبِ دوراً عظيماً في حركة التغيير التي تطال السودان كمجتمع ودولة. ثم تؤكد أنها دوماً ، مع الإشارة إلى الحركة النقابية والمهنية السودانية، البديل في حالة الفراغ، والحل في حالة الإشكال، والمبادر في حالة السكون بطريقةٍ أو بأخرى؛ وما ميلاد " تحالف الحركة الطلابية الديمقراطية" في الأيام الماضية إلا شهادة دامغة ودليل بيّن على هذه المسألة. ميلاداً جديداً لمقاومة قوى الطغيان، وما إعلانها لأهداف استراتيجيّة ومرحلية تخص تنظيمها سوى إعلاناً على إرادة طاغية ومستقلة لمصدامة قوى البطش بوحدة أقوى، وتكتيكات مغايرة، واستراتيجيات محكمة، ووعٍ واستدراكٍ كبير. وبشكل أو بآخر تؤكد هذه الحركة الطلابية، ومنذ نشؤها الأول أنها مما البديل، مع الأخذ في الاعتبار دور التنظيمات المهنية والمقابلة والخدمية، في حالة خذلان من منوط به الولاء والإخلاص وممارسة المصداقية في العملية السياسية وهم؛ الأحزاب السياسية وغيرها. تقوم بمهام ممن صمت ودوره كان الصراخ والرفض والتنديد والاشتباك، تلعب دور المنفذ بدلاً ممن كان يمكن أن يقوم به ما متوقع منه. ضربةً قاضيةً جديدة تقوم بها في خاصرة النادي السياسي وأطرافها التقليديين وحتى المعاصرين، وقوى المجتمع المدني الأخرى، وقوى من عليهم العمل لا السكون، الخروج والصدام لا الرضوخ والمكوث، من عليهم المواجهة لا الاستسلام، الضرب لا المشاهدة، الاستنكار والرفض لا اتخاذ الحياد والرمادية. ضربةً في ظهر قوى الخذلان، قوى الرجعية، والانتهازية والذاتية لا الوطنية، الشعبية والحداثة. أنها تأكيد جديد وشهادة قوية على قوة وثورية الحركة الطلابية السودانية، وستبقى ما دام ثمة عقلية ساكنة لا تحرك ساكناً، إنما تُمارس الخذلان بلهو وزهو وسذاجة فحسب. مبادرةً أخرى تُضاف إلى رصيدها المشرّف في تاريخ الممارسة الطلابية في حقل العمل السياسيّ. فلا يغفل أحد تقريباً للدور الرئيس، والمساهمة الجبارة، والمشاركة الفاعلة والمحورية للحركة الطلابية السودانية في تاريخ النضال العام للحراك الشعبي لاقتلاع انظمة القهر والجبروت؛ فالبداية، في تاريخ السودان الحديث على الأقل، كانت عام 1938م، بقيام طلاب من كلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم حالياً) بتشكيل أول تنظيم للثقافة والإصلاح ليصبح عتبة الأساس لحراك التنظيم الطلابي لاحقاً، وعلاقتها بالممارسة السياسية، ثم أعقبه ميلاد اتحاد الطلاب السودانيين في عام 1945م، ونشاطه الفكري والثقافي الكبير تزامناً والحركة الوطنية في النضال ضد المستعمر. وما لبث أن تحوّلت تدريجياً بعد استقلال البلاد، إلى أهم القوى النافذة في العملية السياسية التي تصادم الانظمة العسكرية، وترفض قهر الشعب، وممارسة الوصاية السياسية عليه بالقوة والعنف، واللادستورية. تاريخ 21 أكتوبر 1964، استشهاد الطالب القرشي، جامعة الخرطوم، كان اتقاد الشرارة الأولى للمقاومة المباشرة والاشتباك الفعلي لها ضد قوى الانقلابات العسكرية، والتي منحت لاحقاً الشرعية الشعبية لقوة الجماهير في الدفع صوب قيام ثورة أكتوبر المجيدة والتي تعتبر الشرارة الخالدة لصدام الشعب السوداني مع الحكومات الدكتاتورية وأنظمة القمع، وحينها كان نظام عبود الانقلابي، ثم انتفاضة مارس/أبريل 1985م الشعبية في وجه النظام المايوي الانقلابي، واحداث طلبة جامعة ام درمان الإسلامية، وتداعيات إعدام الاستاذ محمود محمد طه. فثورة ديسمبر 2018 الأخيرة، شرارة الدمازين ونيران عطبرة، والتي ما نزال نُعايش أحداثها وتحدياتها حتى الآن. ما هو متوقع من الحركة الطلابية السودانية، مع الإشارة دوماً إلى التنظيمات النقابية والمهنية، في الحقبة الحالية الكثير الكثير، وبثوبها وطريقة تفكيرها الجديدان في الحقبة الجديدة؛ عصر عدوى التغيير، والثورة التكنولوجية، ومستقبل الحراك الإنساني نحو الانعتلاق عن أصفاد التعسف، والعنف مقابل السعي اللامحدود نحو مجتمع اقتصاد المعرفة والتقنية. وبالتالي بقيت، وماتزال الحركة الطلابية السودانية طيلة تاريخها الحافل بالقوة والاشتباك والاسهام اللامحدود، إحدى أعمدة حراك التغيير المطلوب، أي كان نوعه ومستوياته، في المجتمع والدولة السودانية على الأقل.
4 مارس 2022م
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/04/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة