السودان في وقت من الأوقات كان يرضخ تحت حكم الاستعمار الانجليزي المصري ،، أي ما يعرف في التاريخ ( بالحكم الثنائي ) ،، وفي مرحلة أسبق من ذلك كان السودان يرضخ تحت حكم الاستعمار ( التركي العثماني ) ،، وقد ناضل وكافح الشعب السوداني ضد الاستعمار التركي في يوم من الأيام ،، كما أنه ناضل وكافح ضد الاستعمار الانجليزي المصري ،، وحين يجري الحديث عن الاستعمار التركي للبلاد مازالت تفوح في الأجواء رائحة الشواء في وليمة ( المك نمر ) للحاكم التركي ( إسماعيل باشا ) في بلاد الجعل ،، وحين يجري الحديث عن الاستعمار الانجليزي المصري مازالت هتافات الأزهري ورفاقه تتردد في الأذهان ،، حيث هتافات ( السودان للسودانيين ) ،، وحيث سيرة أحداث مارس ،، وكلمة ( الاستعمار ) حين تقال في السودان هي كلمة تعني استعمار دولتي مصر وبريطانيا ،، وتعني مرحلة حكم ( الملك فاروق الأول ) ملك مصر والسودان ،،
ولكن حين ترد سيرة استعمار الدول للسودان تقفز فجأة في الأذهان سيرة : ( الاستعمار الانجليزي المصري ) ،، ولا يبالي الشعب السوداني كثيراَ بسيرة الاستعمار ( التركي ) للسودان ،، ورغم أن مصطلح الاستعمار هو الاستعمار في كل الأحوال إلا أن الشعب السوداني لا يتكلم كثيراَ ولا يتألم كثيراَ عن تلك المرحلة التي استعمرت فيها دولة ( تركيا ) لدولة السودان ،، وربما أن السبب الأساسي في ذلك يعود لتلك الحقيقة التي تؤكد أن الاستعمار ( التركي العثماني ) كان يحكم البلاد باسم الدين الإسلامي !! ،، وخاصة وأن العالم في ذلك الوقت كان يشهد صراعاَ كبيراَ بين ( الإسلام والعلمانية !! ) ،، وتلك النزعة الإسلامية القوية للشعب السوداني هي التي تجعل من الشعب السوداني أن لا يندد كثيراَ بمرحلة الاستعمار ( التركي ) للبلاد في يوم من الأيام ولا تطلق مسمى ( الاستعمار ) للتواجد التركي في البلاد في مرحلة من مراحل التاريخ !!
وهنا يجب أن نلاحظ بأننا لا ننصف ولا نعدل حين نتداول تلك الأحداث التاريخية بمنتهى الحياد والتجرد !! ،، فالاستعمار هو الاستعمار بغض النظر عن إيجابيات أو سلبيات المستعمر والمرحلة ،، ولا فرق إطلاقاَ بين ( الريال المجيدي الفضي ) وبين الريال الانجليزي أو المصري في عهد فؤاد الأول ،، ورجال التاريخ أدرى بمحاسن أو سئيات هؤلاء وهؤلاء .
وصورة الاستعمار الثنائي البغيض مازلت تعشش في أذهان الشعب السوداني ،، ومازال هؤلاء الإخوة المصرين يحملون صفة ( المستعمرين ) في اعتقاد الشعب السوداني مهما يدعون غير ذلك ،، وخاصة حين يتملق هؤلاء المصريين للشعب السوداني تحت فرية : ( يا أبناء النيل الأحباء !! ) أو تحت فرية : ( يا أبناء النيل الأحبة الحلوين !!! ) . والمحصلة الأخيرة ان آثار الاستعمار الثنائي لا تفارق أذهان الشعب السوداني في يوم من الأيام . ولاتوجد في الأذهان إطلاقاَ تلك الضغينة على الاستعمار ( التركي ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة