في عام ٢٠٠٥ قبلت جميع الأحزاب (بما في ذلك الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق) بدستور ٢٠٠٥، كانت أمريكا قد فرضت على الأحزاب ذلك لتتأكد من فصل الجنوب بعد ست سنوات. إذاً؛ عام ٢٠٠٥ تشكل نظام دستوري، وهنا يجب أن نميز بين نظام دستوري ونظام حكم فعلي. النظام الدستوري هو إطار العمل الذي يتأسس على وجود دستور متفق عليه وقوانين ناتجة عن ذلك الدستور وأجهزة حكم حددها ذلك الدستور. فإذا كان البشير وباقي الكيزان لم يلتزموا بتطبيق الدستور، فحكمهم منعدم، أما النظام الدستوري فباقٍ ما دام الدستور موجود. ما حدث هو أن العسكر خدعوا الشعب، كيف حدث ذلك؟ العسكر أزالوا نظام البشير، ولكنهم لم يكتفوا بذلك بل قوضوا النظام الدستوري معه بإلغاء دستور ٢٠٠٥. فإذا كانت إزالة البشير عن الحكم جائزة بالفعل الثوري الذي انتظم جماهير الشعب، فإن تقويض النظام الدستوري جريمة (إلغاء الدستور وأجهزة الحكم). لقد قام العسكر في أول قرار لهم بإلغاء دستور ٢٠٠٥ حتى تخلو الدولة من أي نظام دستوري يفرض على العسكر تسليم الحكم للمحكمة الدستورية وفقاً للدستور ووفقاً لقانون المحكمة الدستورية. فإذا كان العسكر تابعين لوزارة الدفاع (بل حتى ولو معهم الشرطة التابعة للداخلية وجهاز الأمن)، فإن العسكر لا يملكون لا هم ولا حتى وزارة الدفاع أن يقوضوا النظام الدستوري، فوزارة الدفاع مثلها مثل وزارة الصحة أو التعليم. هل سمع أحدكم بأطباء يلغون دستور أو معلمين يلغون دستوراً. هكذا استفرد العسكر بالشعب الأعزل وهم يحملون السلاح. منذ أن تم إزالة حكم البشير تحدثت مع بعض المحامين والقانونيين مطالباً بأن نتقدم بمذكرة نطلب فيها من العسكر تسليم السلطة للمحكمة الدستورية التي لها (هي وحدها) حق إصدار أوامر لكل أجهزة الدولة مهما كان مستوى تلك الأجهزة (إتحادية ام ولائية). كان طلبي واضحاً؛ لأننا كقانونيين نستطيع أن نتخاطب مع المحكمة الدستورية بلغة القانون التي نفهمها، ولكننا لا نستطيع ان نتخاطب مع العسكر بلغة السلاح التي لا نفهمها ولا نريد أن نفهمها. للأسف اعترض المرحوم علي حسنين وأقنع المحامين بأن قضاة المحكمة الدستورية كيزان. وكأنما العسكر من حزب العمال البريطاني. المهم.. تم تقويض النظام الدستوري من قبل العسكر -بسبق إصرار وترصد وعمد- وكان الغرض هو أن لا يبق في الساحة سوى لغة السلاح (القوة). وسبحان الله. تم بالفعل استخدام لغة السلاح، وتم فض الاعتصام بمجزرة بشعة. إذاً.. فلنعد ونقول: - إزالة العسكر لحكم البشير جائزة بأوامر الثوار. - أما فعله المجلس العسكري بقيادة ابنعوف من تقويض النظام الدستوري هو جريمةيعاقب عليها القانون. وبالتالي: - لا يمكن لجريمة أن تنتج حقاً للعسكر.. فما بُني على باطل فهو باطل. - لا يملك العسكر تسليم السلطة لأي شخص ولا حتى الاتفاق مع اي جهة على استلام السلطة. - يترتب على ما سبق. - إلغاء العسكر لدستور ٢٠٠٥ ليس باطلاً فقط، بل منعدم تماماً. - اتفاق العسكر والمجموعة المدنية لا يجد له أي أساس دستوري. - الوثيقة التي أسموها وثيقة دستورية، ليست سوى فعل منعدم الأثر (قانوناً ودستوراً). - حكم البرهان وما يسمى بالمجلس السيادي ليس باطلاً فقط، بل منعدم تماماً. - كل القوانين والقرارات التي نشأت عن هذا الحكم المنعدم تكون بدورها في حكم العدم، ولا يعتد بإحداثها لأي أثر قانوني. - يجب على الشعب إسقاط هذا النظام القائم تماماً، وإعادة دستور ٢٠٠٥ المتفق عليه وتسليم الحكم للمحكمة الدستورية بجميع أعضائها الذين كانوا يشغلون وظائفهم قبل قرار المجلس العسكري. - على المحكمة الدستورية استلام مهامها وتكوين حكومة تكنوقراط تسيرية وتحديد أقرب موعد للانتخابات. - على المحكمة الدستورية أن تقوم بإنشاء وزارة للثوار تختص بمتابعة ومراقبة الأجهزة الجنائية المختصة بالكشف وملاحقة المجرمين الذي قاموا بفض الاعتصام أو أصدروا اوامر بفض الاعتصام. كما يكون من اختصاص وزارة الثوار متابعة الفعل الثوري وتعويض أسر ضحايا مجزرة الاعتصام وتعويض الجرحى، ومراقبة الانتخابات. هذا وكان الله من وراء القصد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة