و تاريخ اﻻمم ديدنه هو. ان يبعث بالاشارات ويذكر بالاشراقات التي اكتنفت مسيرتها عبر حقب التاريخ.. لتستمدمن ذلك قبس واضاءات تنير لها ظلمات مسالكها وتبسط وتمهد لها الدروب والمنعرجات الوعرة في سيرهاوسعيها الحاضر.. لتحقيق اهدافها ومراميها..ودون شك ان واقعه كربلاء تمثل للمسلمين بكافة طوائفهم ..(اوهكذا ينبغي ان يكون اﻻمر.).تمثل ذلك اﻻشعاع والوهج الذي يستمد منه كل الفضائل والقيم النبيله التي يسعي من اجل تحقيقها القادة والمصلحون والثوار واصحاب المشاريع الكبري التي تعني اﻻنسان وتعتني به..غني عن القول ان معركة كربلاء لم تكن معركه ذات حيثيه زمانيه وتاريخيه مكانيه وحسب.وانقضت بتقادم الزمان واختلاف المكان.. وسكنت وانزوت في دهاليز التاريخ وبطون كتبه..كلا.. بل هي معركه نابضه بالحياة تمشي بين الناس علي مر الدهور واﻵجال..ﻻتنقضي مبرراتها وﻻتنتفي اسباب حدوثها مادامت السموات واﻻرض..فهي معركه ملهمه لقيم وجوديه ﻻتغيب عن حركه الحياة وسيرورتها في الكدح والملاقاة.. لقدنهض اﻻمام الحسين (ع) عندما وجد ان خطر اﻻنحراف الذي استشري وتمدد اصبح مهددا لكيان الدوله ذاته..ليس الدولة بمفهومها الجغرافي و السياسي فقط..وانما بمفاهيمها ومشروعيتها القيميه واﻻخلاقيه..فتولي يزيد بن معاويه لرئاسه دوله الخلافه اﻻسلاميه بصفاته المبذوله والمعروفه لجميع اهل زمانه يقدح في مشروعيه القيم التي نادي بها اﻻسلام منذ تأسيسه اﻻولي في دولة المدينه التي اقامها الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ..ولهذا كان خروج اﻻمام الحسين(ع) علي هذا اﻻنحراف خروجا باذخا ومدويا..اراد من خلاله ان يوضح ان نسق الحكم القادم مفارق للسياق العام الذي عرفه وعهده الناس منذ لحظة التكوين اﻻولي..وان لم يخلو هذا السياق ايضا من انحرافات اعترته..اﻻ ان المعنيين باﻻمر كانوا يراعون بعض النظم القيميه التي رسخت وتوطدت ويستحون ان يجاهروا ببعض مايرتكبون من ممارسات مفارقه لقيم الدوله التي يحكمون.. اما عهد يزيد فلقد كان انعطافا خطيرا عن كل ذلك..ولهذا حرص اﻻمام الحسين علي بث الوعي وتنبيه اﻻمه الي الخطر الماحق الذي يحيط بها..والي ان خطورة اﻻوضاع القادمة مهدد جدي حتي علي مستوي السلامة الشخصيه التي يتحصن بها البعض ولسان حالهم يقول..(اذا ماسلمت انا واسرتي من اﻻذي فلا ابالي) وهذا لعمر الله تقزيم للامر وتسطيحا له..فالفرد الفذ لبنه صغيره تأسيسيه في بناء يبدأ منه ثم للاسرة ثم للمجتمع فاﻻمه..فاستهداف اي مكون من هذه السلسله ينذر بشر مستطير لبقيه مكوناتها..ومن هذا المنحي سعي اﻻمام الحسين سعيا جادا لحث اﻻمه علي القيام بمسئولياتها لحمايه نفسها من المستنقع التي تساق اليه واستخدم من اجل هذا الهدف عده رسائل:-
-توضيح مبررات الخروج علي الحاكم الظالم.بعدان ترسخ زمانا طويلا ومايزال مفهوم حرمة الخروج علي الحاكم وان جلد ظهرك واخذ مالك..(سمعت جدي رسول الله(ص)يقول من راي منكم سلطانا جائرا ناكثا لعهد الله مستحلا لحرم الله ولم يخرج عليه بقول او بفعل كان حقا علي الله ان يحشره معه.)
- ضرورة اﻻهليه اﻻخلاقيه والقيميه لمن يتصدي لمنصب امارة الناس.ويزيد غير مؤهل لذلك (يزيد شارب للخمر قاتل للنفس المحترمه ومثلي ﻻيبايع مثله.)
-وجوب ان يتصدي القائد لكل مظاهر اﻻنحراف في السلطه التي تستند علي المشروعيه الزائفه وتتخبأ فيها (اني لم اخرج اشرا وﻻبطرا..وانما خرجت طلبا للاصلاح في امة جدي رسول الله.)
-اﻻستعدادلتقديم اقصي درجات التضحيه في سبيل هذا اﻻصلاح(اذالم يستقم دين محمد اﻻبموتي فياسيوف خذيني).
-وصف الحاله البشريه التي تحيط بها المخاطر احاطة السوار بالمعصم وهي في غيها سادرة وفي غفلتها غارقه وتبرر لركونها للظلم من داخل معينها المعرفي..وحتي تبدو الحقائق جليه وتتعري اﻻلتباسات المتدثرة بلباس الدين قال اﻻمام الحسين(الناس عبيد الدنيا الدين لعق علي ألسنتهم..يدورون معه مادرت مصالحهم..فاذا مامحصوا قل الديانون) سلام الله علي الشهيد السبط..الذي سعي لتوعيه اﻻمه بمسئولياتها تجاه حركه التغييروالثورةالتي كان ينشدها..لكن اﻻمه بعدم وعيها خذلته وتخلت عنه..وانتكست بنفسها وإلتقمت الحصرم من بعده ومازالت تلتقمه حتي اﻻن بفعل موقفها ذلك..اما هو عليه السلام. فلقدأدي ما عليه وقام بواجبه الذي يمليه عليه موقفه الشرعي ووعيه الحضاري والقيمي فمضي في دربه غير آبه وﻻهياب ..ورغم الخذﻻن الذي الم به..واصل مسيرته المباركه غير عابئ الي ان لقي ربه شهيدا راضيا مرضيا..ولتصبح نهضته بعد ذلك عنوانا للصمود والتضحيه من اجل المبادئ والقيم..و دليلا و نبراسا لكل اﻻحرار والثوار في اي زمان وفي كل مكان..بإختلاف مشاربهم ونحلهم..ومللهم وافاقهم..اذن وعي اﻻمة باللحظة التاريخة هو الدرس المستفاد من النهضه الحسينيه المباركة
.فاﻻمه الواعيه والمستوعبه لتحديات راهنها .. تتقدم وتنهض بقادتها ونخبتها.. حاملي لواء الوعي ومشاعله و .يستنفرون طاقاتها ويشحذون همتها ويلتفون حول مشروع ناهض يجد كل فرد في اﻻمه نفسه فيه.. طموحاته..اماله..خصائصه الفكريه والثقافيه..دون هيمنه اوتهميش..من اي مكون من مكوناته.. يديرون شئونهم وامورهم بوعي وبمسئوليه.. بأختلافاتهم وتبايناتهم وخلفياتهم المتعددة..حتي يعبروا بمجتمعاتهم وامتهم الي بر اﻻمان ..اذن درس الوعي واختيار الموقف تجاه تحدي الراهن السياسي والاخلاقي هو الدرس المركزي الذي ترسخه النهضه الحسينيه المباركه..بالاضافة لدروس اخري كثيرة تذخر بها بتفرد متناه وعبر لاتنقضي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
احمد مجذوب البشير
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست