البروفيسور عبد الله علي إبراهيم وكعادته في (التعمَّق البسيط) في ما يطرحهُ من أفكار ورؤى ، والمُفضي دائماً لإبهار من يقرأون ويتفكَّرون في سِجل الأحداث والوقائع السياسية والتاريخية عبر (حياديةٍ بريئة) تفرضها مُقتضيات المنطق ، يدلُف هذه المرة عبر مقالٍ جديرٍ بالقراءة والمُدارسة خصوصاً الصحفيين وكُتَّاب الأعمدة والناشطين (الجُدد) في ما إتسع من مساحات لحرية الرأي والتعبير وفي مقدمتها وسائل التواصل الإجتماعي ، وإن جاز لي التعبير عن عنوان عريض يمكن أن يستوعب (إتساع) فكرة المقال فليكُن عنوانه (التُرَّهات واللغط المكنون كمهارة للضحك على الذقون) ، أو فليكُن آخر المقطع (الضحك على الزبون) ، وقد تناوَّل البروف مقالاً للأستاذ / محمد وداعه إحتوى هجوماً غير مسبوق على لجنة إزالة التمكين ، كنموذج لخطاب يستهدف التزوير ونُكران الحقائق ، والزج بلوائح وأعراف مهنية وقيِّمية وأخلاقية وربما (عسكرية) لا تخدم قضيته المطروحة لدى القاريء ضد اللجنة ، إلا عبر (التدليس) بالإيهامات الهُتافية الخالية من المضامين ، فضلاً عن الإعتماد في ذلك أيضاً على (غفلة) القاريء وإتكائه على ثقةٍ مُسبقة مكمنها (شُهرة ونجومية) الكاتب.
وبعيداً عن التفاصيل الوافية التي بيَّن فيها البروف (بالمنطق) والوقائع المُثبتة ، أن كل مبررات الأستاذ / محمد وداعه حول دفع الرأي العام لمُعاداة لجنة إزالة التمكين والتسليم بخروجها عن قاعدة القانون والعُرف والقيَّم الأخلاقية المُتفَّق حولها ، تدفعني فكرة الإعتماد على (التُرهات) وأوجُه إعوجاج المنطق في تدبيج المقالات الصحفية بغرض التعبير عن وجهات نظر في مواضيع (عمومية) ، تحتوي بين طيَّاتها الكثير من شُبهات (الغوص) في مُستنقع المصالح الشخصية للكاتب ولو كانت هذه المصالح مُجرَّد الدفاع عن خط آيدلوجي أو حزبي ليس للمُتلقي ولا القاريء فيه ناقةً أو جمل ، إلى لفت نظر المُطلَّعين على هذا المقال للتمعُّن في ذلك (الخِضم) المُسترسل من التُرهات المتواتِرة يومياً فيما تنشرهُ الصحف والأسافير ، وما يشوب حياتنا من توتُّر وإضطراب ذهني ونفسي ومعرفي جرَّاء (تفشي) هذه الظاهرة عبر أشكال ومضامين عديدة تتخطَّى عالم الكتابة الصحفية ودهاليز نشر الآراء عبر الوسائط المُختلفة لتطفو أحياناً على سطح الكثير من مصادر المعلومات والمعرفة كالفضائيات والإذاعات والندوات والفعاليات المختلفة ، فالإلتزام بقواعد المنطق و(الحقانية) في تحليل الأحداث والواقائع أصبح من النادر أن ينبع عبر منافذ (النزاهة) ومُجرَّد الإلتزام بنُصرة الحق والمساهمة في توسعة مدارك الناس نحو ما هو منطقي ، وما هو أقرب للحقيقة المحضة دون إجهاد ولا إجتهاد (مُتطرِّف ومُنحاز) يلوي عُنق الحقائق.
ولذات الأسباب المُتعلِّقة بالنزاهة في تحليل الوقائع والحُكم على الأشياء بعيداً عن الأهواء الشخصية والإلتزامات الرسمية وغير الرسمية ، كنتُ أفضِّل دائماً أن يكون الصحفي أو كاتب العمود الصحفي الباحث عن (الإحترافية) المهنية الحقة ، مُستقلاً و(حُراً) وغير منتمٍ لحزبٍ أو طائفه (تدفعهُ) دفعاً خفياً إلى مُناطحة قواعد المنطق والحقائق الواضحة التي لا تقبل الجدال ، ورغم أن الإنتماء الحزبي والإعتقاد الآيدلوجي ليس دائماً وفي جميع الأحوال يُعتبر (عائقاً) للكُتاب والصحفيين يمنعهم ويحولُ بينهم وبين الإلتزام بالنزاهة والحقانية في تحليل الوقائع والأحداث والحُكم عليها بما يمليه الضمير المهني ، إلا أن (المحظوظين) في هذا المجال هُم أولئك الذين لا (تدعم) كتاباتهم ومساهماتهم العامة سوى المصلحة الوطنية العامة والحقيقة المحضة ورضاهم عن أنفسهم وعن ما ينتجون قبل أن يرضى عنهم الجمهور.
<هيثم الفضل.jpg> <التُرهات واللغط المكنون كمهارة للضحك على الذقون.docx>
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة